قالت الإدارة الأميركية إن واشنطن ما زالت في المراحل الأولى من دراسة مزاعم بأن شركات الطيران الخليجية تتلقى دعماً، وذلك في مراجعة لم يسبق أن أجرت الحكومة الأميركية مثيلاً لها من قبل. وقال مصدر مطلع إنه لا توجد قواعد للتجارة العالمية أو سابقة أميركية لمعالجة مزاعم دعم شركات الطيران ما يفرض تحدياً على الإدارة في مسعاها تحديد كيفية المضي قدماً.

وتقول شركات الطيران الأميركية إن ناقلات الخليج تستطيع خفض الأسعار وإتاحة سبل راحة أكبر على الطائرات الجديدة بفضل الدعم الحكومي. ولا تخضع تلك المسائل لقواعد منظمة التجارة العالمية بل لاتفاقات «السموات المفتوحة» الثنائية التي تتيح تسيير الرحلات التجارية بين الدول.

وقال المصدر إن الاتفاقات لا تأتي على ذكر كيفية معالجة مزاعم تلقي الدعم. لكنه أضاف أن القول بتلقي شركات الطيران الخليجية دعماً بأكثر من 40 مليار دولار يجعلها أكبر دعوى تواجهها الإدارة ويجب أخذها بجدية. وفي الأسبوع الماضي وجهت الإدارة لشركات الطيران الأميركية نحو 20 سؤالاً عن تلك المزاعم.

وقال رايان دانييلز المتحدث باسم وزارة النقل الأميركية في بيان، «فريق (الحكومة الأميركية) المشكل من عدة هيئات وجه بالفعل عدة أسئلة فنية واستيضاحية لشركات الطيران ومستشاريها بخصوص البيانات والمعلومات الواردة في التقرير»، مؤكداً بذلك فحوى تقرير سابق لرويترز. وقال «لكننا في المراحل الأولى من إجراء مراجعة شاملة لهذا الأمر وبتنسيق وثيق مع شركائنا من شتى الهيئات».

شكاوى

وقدمت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما شكاوى تجارية في قضايا متنوعة من الرسوم الإضافية التي تفرضها الصين على السيارات الأميركية إلى الحظر الهندي على سلع زراعية أميركية معينة بزعم الوقاية من انفلونزا الطيور.

ودار نزاع استمر عشر سنوات حول صناعة الطيران، حيث وجدت منظمة التجارة العالمية أن صناع الطائرات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتلقون دعماً غير قانوني. لكن قواعد المنظمة ومقرها جنيف لا تسري على حقوق النقل الجوي أو خدماته وإن وضعتها قيد المراجعة بوجه عام. وفي غضون ذلك يتصاعد النزاع بين شركات الطيران الأميركية والخليجية.

تفنيد

كان تيم كلارك رئيس طيران الإمارات، تعهد بتفنيد المزاعم في حين قال جيمس هوجان الرئيس التنفيذي للاتحاد للطيران، إن الشركة تلقت قروضاً وليس دعماً من مساهمها الحكومي.

ورتب الاثنان لاجتماعات مع مسؤولي إدارة أوباما. ودعت دلتا اير لاينز ويونايتد ايرلاينز وأميركان ايرلاينز واتحادات الشركات الثلاث الإدارة إلى طلب تجميد منح شركات الطيران الخليجية حق تسيير رحلات إضافية إلى الولايات المتحدة.

فاينانشيال تايمز: العملاء في ذيل اهتمامات الناقلات الأميركية

 

 

قالت صحيفة فاينانشيال تايمز إن شركات الطيران الأميركية كان آخر اهتمامها العملاء، إذ لم تتطرق في الورقة البيضاء المكونة من 55 صفحة، التي هاجمت فيها الناقلات الخليجية لكلمة «العملاء» سوى مرة واحدة، في الفقرة الافتتاحية الخاصة بالأهداف الرئيسية لاتفاقية الأجواء المفتوحة التي سمحت لشركات الطيران الخليجية بالطيران إلى مدن مثل نيويورك، وسان فرانسيسكو، وواشنطن.

لكنها بعد ذلك استفاضت في مناقشة تدفق المسافرين وحركة الطيران، بينما ظهرت كلمة «عملاء» في التقرير على استحياء.

وأضافت الصحيفة في مقال بعنوان «دعكم من محاولة النيل من الناقلات الخليجية»، أن مجموعة الضغط في واشنطن تبدو أشبه بشركات درجت على تقديم خدمات متواضعة، في طائرات بالية، على رحلات دولية، وصحت متأخرة على وقع المنافسة، لتشتكي مرارة شركات طيران منافسة أكثر حيوية ونشاطاً.

الموقع

وعملت تلك الناقلات بسرعة، فالاتحاد للطيران تأسست في 2003 فقط، مستغلة ميزاتها الجغرافية بصورة رائعة. أولاً الموقع، فالخليج يقع على مفترق طرق على «طريق الحرير السريع» بين الشرق والغرب، وبرزت كوجهة قارية لشبه الصحراء الإفريقية. أما مفترق الطرق الجغرافي الوحيد الذي تشكله الولايات المتحدة، فهو لنفسها فقط.

أما الميزة الثانية فهي أنها بدأت من الصفر، من دون الممارسات الموروثة التي واجهتها شركات الطيران الأوروبية والأميركية الرئيسية، فالناقلات الخليجية هي الموجة الثانية من الثورة قليلة الكلفة التي بدأت بساوث إيست أيرلاينز في 1971، بعد فشل حملة قضائية لحظرها من قبل شركات الطيران الأميركية بما فيها كونتيننتال التي تشكل الآن جزءاً من يونايتد.

ميزة ثالثة

أما ميزتها الثالثة فإنها مملوكة لحكومات مصممة، تتطلع لتحويل اقتصاداتها إلى وجهات تجارية بدلاً من الاعتماد على ثروة النفط والغاز. وكانت دبي أول من سعى وحقق مكاسب جمة، حيث باتت صناعة الطيران، والنشطة المصاحبة مثل السياحة تشكل ربع اقتصادها في الوقت الحالي.

زعم تافه

وأضافت أن الزعم بتلقي طيران الإمارات مساعدات بقيمة 5 مليارات دولار في العقد الماضي، وهو زعم وصفه تيم كلارك «بالتافه»، لا سيما أن 2.3 مليار دولار منها وضعت تحت بند رسوم مطار منخفضة، وهو أمر يبعث إلى الحيرة.

 نعم فكلفة هبوط بوينج 777 في هيثرو أكثر بعشر مرات من دبي، وأعلى بست مرات من أوهير شيكاغو. غير أن دبي تمتلك صحراء شاسعة، وفي وسعها بناء مطار ضخم عندما تشعر بضرورة ذلك. وهذا يجعله أرخص، ولكن ماذا؟ هل يتذمر بقية العالم من أن الولايات المتحدة تمتلك الأراضي الواسعة الصالحة للزراعة، والغاز الصخري؟

وحتى لو أخذت بقيمتها الأسمية، فإن الأرقام لا تغير مغيرة لقواعد اللعبة. فإن 5 مليارات دولار على مدى عقد، هي 500 مليون دولار في السنة، ونحو 2.3% من كلفة طيران الإمارات التشغيلية في 2014. والحقيقة أن معظم النجاح الخليجي ناجم ليس من مساعدات غير مشروعة، وإنما من الابتكار، والاستفادة من ميزاتها، ورهان أثبت نجاحه. وعموماً بات التوفيق حليفهم.

تفوق

قالت الصحيفة إن العملاء الأميركيين يستمتعون بما تقدمه شركات الطيران الخليجية، حيث يستطيع كثير من الأميركيين السفر عبر منطقة الخليج، في طريقهم إلى شبه القارة الهندية، وجنوب شرق آسيا، بدلاً من دفع أجور أعلى للسفر مباشرة على شركات الطيران الأميركية. واستقطبت الناقلات الخليجية الأنشطة التجارية من الوجهات الأوروبية، حيث تفوقت دبي على هيثرو كأكثر مطار دولي ازدحاماً.