أكد بدر سليم سلطان العلماء الرئيس التنفيذي لشركة «ستراتا» للتصنيع المتخصصة في صناعة مكونات هياكل الطائرات عضو مجلس الأجندة العالمية حول مستقبل قطاع الصناعة في المنتدى الاقتصادي العالمي أن الصناعة الوطنية تمكنت من تحقيق قفزات كبيرة خلال وقت قياسي منذ انطلاقتها..
فاستطاعت دولة الإمارات تكريس موقعها كمساهم أساسي في سلاسل القيمة المضافة العالمية في العديد من القطاعات الصناعية، مثل صناعة الطيران والطاقة المتجددة وصناعة المعادن وصناعات التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الدفاعية.
وقال بدر سليم سلطان العلماء حوار مع «البيان الاقتصادي» إن الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 وضعت سياسات وطنية لتحقيق النمو المستدام وأكدت دور القطاع الصناعي المحوري في الوصول إلى هذا النمو، كما تهدف «رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030» إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على المعرفة..
وبفضل رؤية القيادة الرشيدة استطاعت العديد من الشركات الصناعية الوطنية بناء شراكات مع كبرى الشركات الصناعية العالمية، مشيراً إلى أن « ستراتا » تشكل أحد الأمثلة الكثيرة على الشركات الوطنية التي تلعب دوراً مهماً في سلاسل القيمة العالمية للقطاع الصناعي حيث تتمتع «ستراتا» بشراكة طويلة الأمد مع كل من إيرباص وبوينج من خلال التزامات عقود تبلغ قيمتها نحو 27.51 مليون درهم (7.5 مليارات دولار ).
وأضاف العلماء أنه نتيجةً هذا الموقع المتميز الذي تحتله دولة الإمارات في القطاع الصناعي العالمي وقع اختيار منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية على إمارة أبوظبي ودولة الإمارات لعقد القمة العالمية للصناعة والتصنيع التي سوف يتم تنظيمها مع وزارة الاقتصاد في الدولة وبالتعاون مع مجلس الأجندة العالمية حول مستقبل الصناعة في المنتدى الاقتصادي العالمي..
وسوف تقام هذه القمة كل سنتين، وتعقد الدورة الأولى في أبوظبي في الربع الأخير من عام 2016، كما ستنظم الدورة الثانية في أبوظبي في عام 2018، وسيتم اختيار دول أخرى لاستضافة القمة، حيث يتوقع أن تستقطب الدورة الافتتاحية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع أكثر من 1000 ممثل عن الحكومات والشركات الصناعية وممثلين عن المجتمع المدني وأكثر من 300 مشارك من الجهات الصناعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والطلاب والأكاديميين.
ودعا الشركات الصناعية الوطنية إلى البدء في مرحلة جديدة من التنسيق تقوم على استكشاف فرص التعاون بينها ضمن سلاسل القيمة العالمية المختلفة، مؤكداً أن هذه الشركات تمتلك كفاءات وقدرات متقدمة يمكن من خلال توظيفها بشكل تعاوني رفع مستوى القدرات الكلية للدولة في القطاع الصناعي .
وأعرب عن تفاؤله بمستقبل الصناعة الإماراتية مؤكداً أنها على عتبة نمو هائل في المستقبل القريب مستفيدة مما تتميز به دولة الإمارات من رؤية وسياسات داعمة للقطاع الصناعي وما تتمتع به من علاقات قوية مع مراكز التصنيع العالمية، بالإضافة إلى البنية التحتية والتشريعية المتميزة والموقع الجغرافي المركزي كحلقة وصل بين الشرق والغرب..
مشيراً إلى أن الكوادر الوطنية المؤهلة التي استثمرت الدولة ولا تزال في تدريبها وتأهيلها وفق أعلى المعايير العالمية لتكون قادرة على الابتكار والإبداع ستلعب دوراً رئيساً في نمو هذا القطاع. وأكد أن شركة «ستراتا» للتصنيع نجحت في زيادة أعداد الموردين المحليين لتتجاوز نسبتهم 50% من مجمل أعداد مورديها..
وتعمل الشركة حالياً على استكشاف فرص التعاون مع الشركات الوطنية ودراسة مجالات التعاون على المستوى العالمي لتستطيع بناء سلسلة قيمة عالمية فعالة في مجال صناعة الطيران تتخذ من أبوظبي مركزاً لها وتستطيع المنافسة بقوة على المستوى العالمي. وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
ما آخر التطورات التي يشهدها قطاع الصناعة على المستوى العالمي؟
يعتبر قطاع الصناعة وقطاع الخدمات المرتبطة به، وحتى يومنا هذا، من أكثر القطاعات مساهمة في توظيف الكوادر البشرية على المستوى العالمي. كما أن لهذا القطاع دوراً تاريخياً في تحسين جودة الحياة من خلال توفير ابتكار منتجات تلبي احتياجات المجتمعات البشرية وتسهم في تطورها، وليس أدل على ذلك من مساهمته في توفير وسائل النقل الحديثة، ومواد البناء وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
إلا أن هذا القطاع يشهد الكثير من التحديات التي يجب التعامل معها لدفع عجلة النمو فيه وتمكينه من لعب دور نشط على المستوى العالمي.
ولن يتم ذلك إلا بإطلاق حوار عالمي تشارك فيه الحكومات، والشركات الصناعية والمجتمعات لتبني منهج موحد قائم على الشراكة يركز على الصناعة المتقدمة ويتخذ من الابتكار وبناء القدرات ركيزة لتحقيق التنمية المستدامة في هذا القطاع. وتلعب الكثير من العوامل دوراً مهماً في حركة القطاع الصناعي على المستوى العالمي، ومن أهمها قوى السوق..
حيث تشهد السوق العالمية نمواً كبيراً في الأسواق الناشئة وتغيراً ديموغرافياً يسهم في إحداث تغيرات كبيرة على قطاع التصنيع العالمي. كما يسهم تبني أنماط جديدة من القدرات الصناعية مثل التصنيع الرقمي والأتمتة وخفض تكاليف الإنتاج والتحسين المتواصل في خدمات الدعم اللوجستي في ظهور أنماط جديدة من التصنيع على المستوى العالمي.
فيما تبقى احتياجات القطاع الصناعي من الطاقة والمصادر الطبيعية عاملاً حاسماً في نمط التصنيع الذي تتبناه دول العالم المختلفة. وتؤثر السياسات العالمية، واتفاقيات التجارة البينية والسياسات الاقتصادية وسياسات الحفاظ على البيئة وتبني أنماط تصنيع نظيفة لا تسهم في التغير المناخي في مستقبل القطاع الصناعي.
ولا بد من الإشارة إلى أهمية دور سلاسل القيمة العالمية في صياغة مستقبل قطاع الصناعة، حيث لم تعد المنافسة في عالمنا اليوم بين دولة وأخرى من دول العالم، بل تطورت لتصبح منافسة بين مجموعة من الدول التي تنتمي إلى سلسلة قيمة عالمية في صناعة معينة..
ومجموعة من الدول الأخرى التي ترتبط بسلسلة قيمة عالمية تعمل في القطاع نفسه. وستسهم هذه السلاسل في ظهور أنماط جديدة من التعاون بين دول العالم المختلفة، بحيث ينصب التركيز على بناء القدرات والكفاءات، والاستفادة الفعالة من الموارد الطبيعية والابتكار.
الصناعة الوطنية
ما تقييمكم للمستوى الذي وصلت إليه الصناعة الوطنية حالياً؟
تمكنت الصناعة الوطنية من تحقيق قفزات كبيرة خلال وقت قياسي من انطلاقتها، فاستطاعت دولة الإمارات تكريس موقعها كمساهم أساسي في سلاسل القيمة المضافة العالمية في العديد من القطاعات الصناعية مثل صناعة الطيران، والطاقة المتجددة، وصناعة المعادن، وصناعات التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الدفاعية.
وقد وضعت الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 سياسات وطنية لتحقيق النمو المستدام، وأكدت دور القطاع الصناعي المحوري في الوصول إلى هذا النمو...
كما تهدف رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على المعرفة، ما دفع عجلة الاستثمار في الكثير من القطاعات الصناعية المستقبلية، والتي تهدف أبوظبي من خلالها إلى ضمان بناء الكفاءات الوطنية القادرة على المنافسة على المستوى العالمي وتحقيق الازدهار للأجيال المقبلة.
وبفضل رؤية القيادة الرشيدة، والتي عبرت عنها بوضوح كل من الأجندة الوطنية ورؤية أبوظبي الاقتصادية، استطاعت العديد من الشركات الصناعية الوطنية بناء شراكات مع كبرى الشركات الصناعية العالمية. وليست شركة ستراتا، الشركة المتخصصة في صناعة هياكل الطائرات من المواد المركبة..
إلا أحد الأمثلة الكثيرة على الشركات الوطنية التي تلعب دوراً مهماً في سلاسل القيمة العالمية للقطاع الصناعي. حيث تتمتع ستراتا بشراكة طويلة الأمد مع كل من إيرباص وبوينج من خلال التزامات العقود التي تبلغ قيمتها 7.5 مليارات دولار.
أميركا وإفريقيا في رادار الاستثمار
تبحث ستراتا تبحث حالياً فرص الاستثمار الخارجي في دول أخرى خاصة في الولايات المتحدة وشمال إفريقيا بهدف تقوية سلسلة التوريد الحالية ورفع تنافسية الشركة من حيث الجودة والكفاءة والتكلفة التشغيلية. ولا تزال الدراسات الخاصة بإقامة مصنع جديد للشركة في مجمع نبراسا في العين مستمرة بعد أن وصل المصنع الحالي إلى طاقته القصوى.
وتجرى مفاوضات مكثفة حالياً مع شركتي بوينغ وإيرباص لتصنيع الطائرات للاتفاق بشكل نهائي على أجزاء الطائرات التي تتولي ستراتا تصنيعها حصرياً خلال السنوات المقبلة لتحدد ستراتا بعد ذلك بشكل نهائي تصميم المصنع وموعد بدء الأعمال الإنشائية.
ويعمل 19 مهندساً مواطناً في الشركة حالياً، حيث تولي الشركة أهمية كبيرة لتأهيل المواطنين وخاصة المهندسين.
400 مليون درهم إيرادات ستراتا المتوقعة في 2015
من المتوقع أن ترتفــــع إيرادات «ستراتا» للعام الحالي 2015 إلى 400 مليون درهم مقابل 316 مليوناً خلال العام الماضي 2014 على أن تبدأ الشركة الدخول في مرحـــلة تحقيق الأرباح الصافية في عام 2017.
ولفت بدر العلماء الرئيس التنفيذي للشركة إلى توقيع عقود بقيمة 27.6 مليار درهم بين ستراتا وشركتي بويــــنغ وإيرباص سيتم تنــــــفيذها خـــلال الفترة المقبلة لتصنيع قطـــع وأجزاء الطائرات لصالح الشركتين..
مشيراً في الوقــــت نفسه إلى أن ستراتا ستبدأ قــــبل نهاية العام الجاري تصنيع الأسطح الخارجية لرفارف أجنحة الطائرات إيرباص من طــــراز أيه 350 لتكون المصنع الحصري لها على مستوى العالم ليصل بذلك عدد الأجزاء التي تنتجها ستراتا حصرياً لصالح شركتي بوينغ وإيرباص إلى 7 أجزاء تتركز بصفة خاصة في جناح وذيل الطائرات للشركتين.
وقال العلماء إن حصة الإنفاق المحلي من مجموع إنفاق ستراتا الإجمالي بلغت 28% من إجمالي إنفاقها معظمه من المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة المشروعات الممولة من صندوق خليفة لتطوير المشاريع ومؤسسة محمد بن راشد لتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتسعى الشركة إلى رفعها إلى 30% بنهاية العام الجاري، مشيراً إلى اهتمام الشركة بتأهيل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بصفة خاصة من أجل تمكينها من الدخول في سلاسل التوريد العالمية الخاصة بصناعة الطيران.
وتعمل ستراتا على تطوير الصناعات المعدنية بشكل كامل خاصة بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدولة في الوقت الذي استطاعت فيه بعض الشركات المحلية الحصول على شهادة اعتماد من شركتي بوينغ وإيرباص للمشاركة في تصنيع أجزاء من مكونات الطائرات التي تقوم ستراتا بتصنيعها الأمر الذي يعكس قدرة الشركات الإماراتية على دخول سلسلة التوريد العالمية لقطاع صناعة الطيران.
وأوضح أنه في هذا الإطار وقعت ستراتا أخيراً على عقد تعهيد خدمات معالجة المواد المركبة لرفارف الأسطح الخارجية لأجنحة طائرات إيرباص ايه 380 مع شركة بريميير كومبوزيت نيوتكنولوجيز الإماراتية ومقرها في منطقة جبل علي الصناعية في دبي بقيمة 60.7 مليون درهم.
تعاون
ضرورة تعاون الشركات ضمن سلاسل القيمة العالمية
استدامة
جودة «ستراتا» العالمية تحقيق لرؤية أبوظبي 2030
تعتبر ستراتا، وغيرها من الشركات الوطنية الناشطة في مجال صناعة الطيران، تجسيداً مباشراً لرؤية القيادة الرشيدة التي عبرت عنها رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030، والتي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على المعرفة تلعب فيه الكوادر الوطنية المؤهلة دوراً محورياً.
واستطاعت ستراتا، خلال أقل من 5 سنوات من انطلاق عمليات الإنتاج فيها، تحقيق العديد من الإنجازات التي تساهم مجتمعةً في تحقيق أهداف رؤية أبوظبي2030. حيث استطاعت، ومن خلال تكريسها لثقافة تقوم على الالتزام بأعلى معايير الجودة العالمية وجداول التسليم الدقيقة، من تكريس موقعها كمساهم رئيسي في سلاسل القيمة العالمية لصناعة الطيران.
وانتقلت في وقت قياسي إلى صناعة أجزاء هياكل الطائرات الأساسية، كما استطاعت كسب ثقة كبريات الشركات العالمية لتصبح وفي وقت قياسي أيضاً مزوداً حصرياً لأجزاء هياكل الطائرات.
يطالب الخبراء الشركات الصناعية الوطنية بلبدء فوراً في مرحلة جديدة من التعاون تقوم على استكشاف فرص التعاون بينها ضمن سلاسل القيمة العالمية المختلفة، ذلك أن هذه الشركات تمتلك كفاءات وقدرات متقدمة يمكن من خلال توظيفها بشكل تعاوني من رفع مستوى القدرات الكلية للدولة في القطاع الصناعي.
كما يمكن أن تلعب الشركات الصناعية الوطنية الكبيرة دوراً كبيراً في تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي تعتبر المحرك الأساسي للابتكار الذي يلعب دوراً مهماً في القطاع الصناعي، من المشاركة في الصناعات المتقدمة من خلال إمدادها بالخبرة اللازمة، والتدريب وتمكينها من لعب دور في سلاسل التوريد الخاصة بهذه الشركات.