أجمع خبراء اقتصاديون أهمية المضي في سياسات زيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية، مؤكدين أن دولة الإمارات لديها سجل حافل بالإنجازات التي حققتها للانتقال من اقتصاد يعتمد على العوائد النفطية إلى اقتصاد متنوع مدعوماً بخطط واضحة المعالم تؤشر لمزيد من الاندماج في الاقتصاد العالمي وتدفع باتجاه تغيرات إيجابية في مجال المعرفة والإبداع والابتكار والتكنولوجيا، مؤكدين في الوقت نفسه ضرورة المضي قدماً في سياسة زيادة الإنتاجية والانتقال بصورة أكبر نحو استخدام العمالة الماهرة وتعظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإعادة النظر في منظومة التحفيزات للمستثمرين والعمالة.
جاء ذلك خلال مناقشات ملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية الذي اختتم فعالياته أمس في فندق قصر الإمارات في أبوظبي والتي تأتي هذا العام تحت عنوان «مواجهة تحديات الإنتاجية» وتنظمها دائرتا التنمية الاقتصادية أبوظبي ودبي.
وتضمنت فعاليات اليوم الثاني جلستي عمل تتناول الأولى دور السياسات والحوافز المختلفة وتأثيرها على الإنتاجية، فيما تسلط الثانية الضوء على دور الإنتاجية الناجحة في تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد وزيادة الربحية.
ونيابة عن خليفة بن سالم المنصوري وكيل دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي بالإنابة ألقى راشد علي الزعابي المدير التنفيذي لقطاع التخطيط والإحصاء بالدائرة بالإنابة أشاد فيها بكل جهود الجهات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والقطاع الخاص في الدولة، التي أسهمت في تجسيد أسبوع إماراتي للابتكار في نهاية شهر نوفمبر الماضي، منوهاً في هذا السياق بإطلاق إمارة أبوظبي 132 مبادرة وفعالية متنوعة على مستوى الإمارة، تحت شعار «الإمارات تبتكر» شاركت فيه أكثر من 30 جهة حكومية وخاصة في أبوظبي، لاستعراض أبرز ما أنجزته في مجال الابتكار.
نمو الانتاج
وقال الزعابي: لقد أصبح النمو الاقتصادي طويل الأجل مرهوناً إلى حد كبير بنمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، إذ تعمل الإنتاجية المرتفعة على الحد من تكاليف الإنتاج للوحدة، وزيادة عوائد الاستثمار، وفي العديد من الدول المتقدمة والناشئة، تم استخدام جزء من تلك العوائد في البحوث والتطوير والتدريب، مما انعكس بشكل كبير على زيادة النمو في الناتج والإنتاجية، وساهمت في تخفيض فجوات النمو بين الدول المتقدمة والدول الناشئة، وزادت من تنافسية تلك الدول بشكل كبير.
وأشار إلى أن النمو الاقتصادي يتأثر إلى حد كبير بالتغيرات الحادثة في عوامل الإنتاج من عمل، ورأس مال، باعتبارهما العاملان الأساسيان للإنتاج، فيما أصبح الاهتمام بالمكون المعرفي والتكنولوجي في تحسين وتطوير الإنتاجية هو الضامن الأساسي لنمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل.
وذكر الزعابي أنه في جانب العمل، تكمن أهمية تنمية العنصر البشري، باعتباره محوراً أساسياً في عملية النمو.
وقال إن دولة الإمارات، أكدت أهمية الابتكار والمعرفة، في تسريع وتيرة النمو والإنتاجية، والارتقاء بالتنافسية، والذي يظهر جلياً في رؤية الإمارات 2021، والتي عكسها إعلان عام 2015 عاماً للابتكار في الدولة ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والتي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
مواكبة
ومواكبة لرؤية واستراتيجية حكومتنا الرشيدة، تم تخصيص جلسات اليوم الثاني لملتقانا لمناقشة سبل مواجهة التحديات التي تعوق نمو الإنتاجية في دولة الإمارات، والتي يشارك فيها نخبة من الأكاديميين، والخبراء العالميين المتخصصين في مجالات التعليم، والابتكار، والمعرفة، والتكنولوجيا.
وأضاف الزعابي أنه وفقاً للبيانات الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فقد حافظت دولة الإمارات على مكانتها في تقرير التنافسية العالمي في محور الصحة والتعليم الأساسي، واحتلت المرتبة الثامنة والثلاثين وفقاً للتقرير الصادر لعام 2015 / 2016، وهي المرتبة نفسها التي حققتها عام 2010/2011. ونوه في هذا السياق بأن الدولة حققت تحسناً في قيمة المؤشر الخاص بمحور الصحة والتعليم الأساسي في عام 2015/2016 بما قيمته 6.2 نقاط على سلم المؤشر البالغ 7 نقاط، وهو أعلى بنحو نقطة عن عام 2010/2011 كما حققت ارتفاعاً قدره نقطتين في محور التعليم العالي والتدريب عن الفترة نفسها.
وركزت الجلسة الأولى على دور السياسات والحوافز المختلفة وتأثيرها على الإنتاجية.وأوضح الصفدي، مدير إدارة تنفيذي - إدارة السياسات والبحوث الاقتصادية في دائرة التنمية الاقتصادية بدبي خلال مشاركته في الجلسة ، أن الإنتاجية موجودة في دولة الإمارات وإمارة دبي على وجه التحديد، ومن الممكن مضاعفتها في المراحل المقبلة من خلال الاستمرار في سياسة التنوع الاقتصادي، والتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، بالإضافة إلى المبادرات التي طرحتها حكومة دبي الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى سبيل المثال: التركيز على الإبداع والابتكار، وطرح الخدمات الذكية، وغيرها من المبادرات التي تصب في إطار تعزيز استدامة وتنافسية دبي.
تجاوز
وأضاف الصفدي: «تشير التقارير الأخيرة إلى أن الناتج المحلي في دبي سوف يتجاوز الـ 6% بحلول العام 2019 وهو أكثر من معدل النمو في الصين حالياً. ومع قرب استضافة إكسبو 2020 ستكون البنية التحتية أشمل وأعمق وأكبر عن أي وقت مضى، بحيث تكون مؤهلة لاستقبال الحدث، وللسنوات التي تلي إكسبو 2020.
وركزت الجلسة الثانية على دور الإنتاجية الناجحة في تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد وزيادة الربحية. وأشار عصام الديسي، مدير إدارة الاستراتيجية والسياسات في مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة إحدى مؤسسات اقتصادية دبي؛ خلال مشاركته بالجلسة
إلى أن المؤسسة تركز في خطتها لتنمية القطاع لعام ٢٠٢١ على ترسيخ مبادئ الإنتاجية في الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير الأدوات والمعارف اللازمة لقياس ومتابعة إنتاجية الشركات وربطها بتحقيق النمو المستدام وزيادة ربحية الشركات، وقال: هناك دور أساسي في المرحلة المقبلة للتعريف بمفاهيم الإنتاجية وأساليب قياسها، إضافة لتسهيل تطبيق هذه المفاهيم والمبادئ بأسلوب عملي، حيث يجب ربط الإنتاجية باستراتيجيات التطوير المستمر والكفاءة والفعالية، إضافة للتركيز على دعم جهود البحث والتطوير وتبني التقنيات الحديثة والتعريف بأفضل الممارسات ومكافأة الشركات الأفضل أداءً.
وشارك عدد من المسؤولين والخبراء المحليين والدوليين في التحاور ومناقشة القضايا التي عرضها المتحدثون على المستوى الاتحادي والمحلي. وأشار هؤلاء إلى أن هناك توصيات حقيقية يجب أن توضع في عين الاعتبار، ليتم الاستفادة منها في تجارب وسياسات التنمية، وذلك بالـــــشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص.
أهم الفعاليات
اعتبر عبدالله الدرمكي الرئيس التنفيذي لصندوق خليفة لتطوير المشاريع ملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية واحداً من أهم الفعاليات التي تقام في دولة الإمارات، لافتاً إلى تنظيمه من قبل دائرتي التنمية الاقتصادية في كل من أبوظبي ودبي ومشاركة هذا الحشد من المسؤولين والخبراء المحليين والدوليين يكسب الحدث أهمية بالغة.
وقال الدرمكي إن الملتقى يعطي اهتماماً لموضوع تحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لافتاً في هذا الخصوص إلى تعاون وثيق بين الصندوق ودوائر التنمية الاقتصادية في الدولة في موضوع التراخيص، مشيراً إلى أن هذه الدوائر أصبحت تمنح رخصاً مؤقتة ابتدائية للمشاريع الصغيرة خلال فترة التأسيس
وأوضح أن الصندوق يعد خلال المرحلة المقبلة لمبادرات.