أكد معالي خليفــة محمد الكندي رئيس مجلس إدارة المصرف المركزي أن الاقتصاد الإماراتي واصل إظهار مرونة كبيرة في مواجهة استمرار الانخفاض النسبي في أسعار النفط عالمياً خلال العام الماضي وتباطؤ الاقتصاد العالمي والتوجه نحو ضبط أوضاع المالية العامة.
وقال إن هذه المرونة مكنت الاقتصاد الوطني من تجاوز التأثيرات المزدوجة للتباطؤ العالمي باعتبار أن الدولة من المصدرين الرئيسيين للنفط والغاز الطبيعي وتأثيرات تراجع أسعار النفط على الإيرادات الحكومية والسيولة المحلية بالإضافة إلى أن الاقتصاد الإماراتي منفتح مما يجعله عرضة للتأثر بالتباطؤ العالمي خصوصاً بالنسبة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات غير النفطية.
ارتفاع الدرهم
وقال في كلمة له بالتقرير السنوي للمصرف المركزي لعام 2016 الذي صدر أمس إنه رغم هذه التطورات وحالة التباطؤ في الاقتصاد العالمي إلا أن أداء الاقتصاد الإماراتي كان جيداً وواصلت الأنشطة غير النفطية تسجيل معدلات نمو قوية، وفي الوقت نفسه ظلت معدلات التضخم تحت السيطرة نتيجة مرونة قطاع الإسكان التي أدت إلى انخفاض أسعار السلع غير التجارية .
وكذلك انخفاض أسعار السلع التجارية نتيجة استمرار ارتفاع قيمة الدرهم مقابل عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين للدولة مما خفض معدلات التضخم بوجه عام.
وأكد المصرف المركزي أن التنوع الكبير في اقتصاد الإمارات أدى إلى تسجيل معدلات نمو جيدة وإظهار مرونة ملحوظة لصدمات انخفاض أسعار النفط وغيرها من تطورات سلبية خارجية.
مشيراً إلى التزام دولة الإمارات بقرارات تخفيض النفط التي اتخذتها منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» اعتباراً من يناير 2017 والتي أدت إلى تأثيرات إيجابية لاحقة على أسعار النفط وأحيت مشاعر الثقة في الأسواق والتوقعات الاقتصادية في دولة الإمارات.
الناتج المحلي
وتوقع المصرف المركزي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2017 بنسبة 2.9٪ وفي عام 2018 بنسبة 3.8٪، فيما قدر المصرف المركزي النمو الحقيقي بالناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي بنحو 2.6٪ في مقابل معدل نمو 3.8٪ في 2015، مشيراً إلى أن الناتج المحلي النفطي الحقيقي نما بنسبة 2.4٪ في عام 2016 مقابل نمو 5٪ عام 2015 نتيجة التغييرات في إنتاج النفط.
حيث سجل الإنتاج النفطي للدولة نمواً 4.1٪ في عام 2015، في حين نما 3.1٪ عام 2016 مما أدى إلى ارتفاع مساهمة القطاع النفطي في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2015 مقارنة مع عام 2016.
رفع الفائدة
وأكد معالي خليفة الكندي أن المصرف المركزي واصل مواجهة تحديات التقلبات المستمرة في الاقتصاد العالمي بما في ذلك رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة وتأثير ذلك على الدرهم المرتبط بالدولار الأميركي والحاجة إلى زيادة قدرتنا على مواجهة تأثيرات التداعيات الخارجية على الاقتصاد المحلي.
وأشار إلى أن القطاع المصرفي الإماراتي تمكن من التغلب على هذه التطورات بنجاح خصوصاً مع ارتفاع الودائع الحكومية واستفادة البنوك من زيادة ودائع العملاء خلال عام 2016،.
وأضاف أن البنوك قامت باستخدام استخدمت احتياطياتها واستثماراتها لدى البنك المركزي لاستيعاب هذه التطورات بشكل متواصل.
وقال: «سيواصل مجلس تنسيق السياسات المالية الحكومية لعب دوره المحوري نحو الاندماج المالي تدريجيا وصدور قانون الدين العام لتعميق السوق المالية ومتابعة مؤشر منحنى العائد في خيارات العملة المحلية وزيادة تعبئة المدخرات المحلية وجذب تدفقات رأس المال».
الإقراض المصرفي
وأضاف معالي خليفــة الكندي أنه رغم وجود تباطؤ نسبي في الطلب على الائتمان إلا أن حجم الإقراض المصرفي مازال قويا ويدعم القطاعات غير النفطية، مشيراً إلى أنه في ظل حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي فإن المصرف المركزي يواصل الرصد الدقيق لمستويات السيولة بالقطاع المصرفي والمؤشرات الأخرى المتعلقة بالكفاءة المالية، حيث حافظ القطاع المصرفي على مستويات سيولة جيدة ومعدلات قوية لكفاية رأس المال.
وقال، إن المصرف المركزي سيحافظ على هذه المستويات من الالتزام بملاءة مالية مرتفعة في المستقبل، مؤكداً استعداد المصرف المركزي التام لتقديم الدعم اللازم للسيولة المصرفية الضرورية لضمان استمرار النمو الصحي للقطاع غير النفطي وزيادة تنويع الاقتصاد الوطني استعدادا لـ«عصر ما بعد النفط» التي أصبحت الهدف الاستراتيجي لحكومة دولة الإمارات.
وأشار رئيس مجلس إدارة المصرف المركزي إلى أن المصرف المركزي سيواصل جهوده المشتركة مع وزارة المالية والجهات المعنية الأخرى لتحسين مستوى جمع ومعالجة ونشر الإحصاءات وضمان رفع مستوى التنسيق للسياسات المالية لتنويع مصادر تمويل أي عجز والحد من الضغوط على السيولة المالية المتاحة لدعم أنشطة القطاع الخاص.
مؤكدا معاليه أن المصرف المركزي يعمل على ضمان التوازن في أداء البنوك وتحقيق الاستقرار المالي.
قاعدة رأسمالية
وأكد معالي مبارك راشـد المنصوري محافـظ مصرف الإمارات المركزي مرونة ومتانة القطاع المصرفي الإماراتي وأنه تمكن من مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية التي استمرت خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن القطاع يتمتع بقاعدة رأسمالية جيدة وتعد نسب الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول والاقراض إلى الموارد المستقرة مازالت عند مستويات جيدة.
وأكد محافـظ مصرف الإمارات المركزي أن مؤشرات السلامة المالية لا تزال تبشر بالخير بالنسبة لقدرة البنوك على دعم الائتمان مع الالتزام بتوجيهات المصرف المركزي الخاصة بالاستقرار المالي، مشيراً إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعا في قيمة الدرهم نتيجة ارتباطه بالدولار الأميركي، كما تم رفع الفائدة تماشياً مع قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي في هذا الشأن.
أولويات
وفيما يتعلق بأولويات عمل المصرف المركزي قال معالي مبارك راشـد المنصوري، إن توفير البنية التحتية المالية المناسبة الحديثة يعد في مقدمة هذه الأولويات، مشيراً إلى أن 2016 شهد اعتماد الإطار التنظيمي بشأن «القيم المخزنة والمدفوعات الإلكترونية في دولة الإمارات» التي تهدف إلى تيسير اعتماد والخدمات الآمنة التي تركز على المستهلك والخدمات الرقمية المبتكرة للمدفوعات في الدولة.
شكاوى
انخفض عدد شكاوى العملاء التي تلقتها وحدة حماية المستهلك التابعة للمصرف المركزي خلال العام الماضي إلى 4699 شكوى من العملاء المصرفيين مقارنة مع 5232 عام 2015.
وتوزعت الشكاوى بواقع 1824 تخص الحصول على مستندات مقابل 1798 في 2015 و779 شكوى خاصة ببطاقات ائتمان مقابل 853 و482 شكوى لقروض شخصية مقابل 764 و366 شكوى على معدل الفائدة مقابل 490، و221 شكوى لحوالات مالية مقابل 172، و157 شكوى لقروض منزل مقابل159، و129 شكوى لأجهزة الصراف الآلي مقابل 148، و114 شكوى لقروض سيارة مقابل 123، و77 للاستثمارات مقابل 102، و76 شكوى لتمويلات مشاريع صغيرة ومتوسطة مقابل 86، و75 شكوى لشيكات مرتجعة مقابل 85، و399 شكوى أخرى مقابل 452.
الإنفاق الحكومي يعزز نمو القطاعات
أظهر التقرير السنوي للمصرف المركزي أن الإنفاق الرأسمالي الحكومي استأنف نموه في دعم تنمية القدرات والنمو غير النفطي، فارتفع 66.6٪ خلال الأشهر التسعة الأولى من 2016 مقابل تراجع 31.4٪ خلال نفس الفترة عام 2015 وانخفض الإنفاق الرأسمالي 35.8٪ في 2015 وواصلت تعويضات العاملين توسعها في عام 2016 ولكن بوتيرة أبطأ من عام 2015 وخلال الأشهر التسعة الأولى ارتفعت بنسبة 5.3٪ بعد انتعاش كبير من 33.8٪ خلال نفس الفترة من عام 2015.
وأشار إلى أن متوسط سعر برنت العالمي السنوي واصل الانخفاض في عام 2016 بنسبة 16٪ إلى 44 دولاراً في المتوسط في 2016 مقابل متوسط مستوى 52 دولاراً عام 2015 واستمر انخفاض سعر نفط برنت العالمي في التأثير على النشاط الاقتصادي في دولة الإمارات.
الحساب الجاري
وكشف التقرير السنوي للمصرف المركزي عن أن فائض الحساب الجاري للدولة بلغ 63.4 مليار درهم خلال العام الماضي بما يعادل 4.7 % من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 79.3 مليار درهم مليار 2015 بما يعادل 5.8 % من الناتج المحلي الإجمالي مرجعاً ذلك بشكل أساسي إلى انخفاض في الميزان التجاري الذي تسبب نتيجة زيادة الواردات وانخفاض الصادرات المرتبطة بتطور أسعار النفط وارتفاع قيمة الدرهم.
ووفقاً للتقرير بلغ إجمالي صادرات الدولة وإعادة التصدير تريليوناً و96.7 مليار درهم العام الماضي بانخفاض طفيف بلغ 0.6 % مقارنة بعام 2015 في حين بلغ إجمالي الواردات 995.1 مليار درهم بارتفاع 2.9 % بفائض بالميزان التجاري لصالح الدولة بلغ 101.6 مليار درهم في عام 2016.
وأشار إلى انخفاض قيمة صادرات النفط والغاز 17.3٪ بمقدار 39.2 مليار درهم مؤكدا أنه تم تعويض هذا الانخفاض جزئيا عن طريق زيادة الصادرات غير النفطية بنسبة 4٪ بما قيمته 15.4 مليار درهم كما سجلت أنشطة إعادة التصدير زيادة بقيمة 12.8 مليار درهم.
وأشار إلى أن دولة الإمارات من بين أعلى 5 وجهات بزيادة الانفاق في الرحلات السياحية في أنحاء العالم.
التحويلات للخارج
وكشف التقرير السنوي للمصرف المركزي عن استقرار تدفقات تحويلات العاملين إلى خارج دولة الإمارات عند 145.1 مليار درهم في 2016 مقابل 145.6 مليار درهم في 2015 بانخفاض طفيف بلغ 0.3 % بمقداره 500 مليون درهم، منها 25 مليار درهم مقابل 32.2 مليار درهم عامة و 120.1 مليار درهم تحويلات خاصة مقابل 113.3 مليار درهم.
من ناحية ثانية أظهر التقرير أن القيمة الإجمالية للشيكات التي قدمت لمقاصة الشيكات بالدولة خلال عام 2016 بلغت نحو 1.6 تريليون درهم قيمة 31.37 مليون شيك بمتوسط شهري بلغ 2.62 مليون شيك بقيمة 129.63 مليار درهم.
ووفقاً لإحصاءات المصرف المركزي بلغت القيمة الإجمالية للشيكات التي قدمت لمقاصة الشيكات بالدولة خلال ديسمبر الماضي 129.58 مليار درهم قيمة 2.54 مليون شيك مقابل 137.89 مليار درهم قيمة 2.7 مليون شيك خلال ديسمبر 2015 ومقابل 129.76 مليار درهم قيمة 2.62 مليون شيك خلال نوفمبر 2016.
وقدرت القيمة الإجمالية للشيكات المحصلة من خلال غرفة مقاصة الشيكات بالدولة خلال السنوات التسع الماضية بنحو 10.51 تريليونات درهم قيمة نحو 241.48 مليون شيك.
ارتفاع قياسي
وأظهرت الإحصاءات أن إجمالي قيمة التحويلات التي نفذت بين البنوك العاملة بالدولة عبر نظام الإمارات للتحويلات المالية خلال 2016 قفز إلى 7.61 تريليونات درهم مقابل 7.39 تريليونات درهم خلال عام 2015 بارتفاع قياسي بالقيمة بلغ مقداره نحو 220.62 مليار درهم بنسبة نمو 2.99%.