أشاد خبراء عالميون بتجربة الإمارات في سرعة الاستجابة لتحدِّيات أسعار النفط، مؤكدين أن الإمارات تقدم تجربة ثرية في كيفية التعامل مع تحدي أسعار النفط وتقلبات السوق النفطية.
وأرجع الخبراء العالميون الذين شاركوا أمس في أعمال المؤتمر السنوي الثاني والعشرين لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية الذي انعقد تحت عنوان «المنطقة إلى أين.. تحديات أسعار النفط» في قاعة الشيخ زايد بمبنى المركز في أبوظبي، نجاح الإمارات إلى تبنيها منذ وقت مبكر سياسةً ناجحةً لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن تقلُّبات أسعار النفط.
الأمر الذي أدى إلى تراجع مساهمة النفط الخام والغاز الطبيعي في الناتج الإجمالي المحلي في الإمارات عام 2015 إلى 32%، أي أن 68% من هذا الناتج جاء من عوائد غير نفطية، مما يجعل من التجربة الإماراتية نموذجاً للاقتصادات الأخرى في المرونة والجهوزية للتعامل مع المتغيرات الاقتصادية.
وبدأت أعمال المؤتمر بكلمة ترحيبيَّة للدكتور جمال سند السويدي نقل خلالها تحياتِ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة، حفظه الله، وتمنيات سموه لجميع المشاركين من باحثين وخبراء وحضورٍ أن تُكَلَّل جهودهم بالنجاح، وتحظى توصياتهم بالتطبيق على أرض الواقع.
وأكد أن موضوع المؤتمر السنوي لهذا العام ينطوي على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية، ليس لما تشهده المنطقة من تطوُّراتٍ على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، لها تداعياتها وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة في الأوضاع الداخلية لدول المنطقة فقط، وإنما كذلك لأن هذه التطورات تأتي في ظلِّ مشهدٍ دوليٍّ يطغى عليه الارتباك.
خاصةً في ظل الإدارة الأميركية الجديدة للرئيس دونالد ترامب، التي تتبنَّى سياسات مختلفة عن سياسات إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، تجاهَ العديد من قضايا المنطقة؛ ما يثيرُ تساؤلاتٍ جوهرية حول مستقبل المنطقة، وخريطة التحالفات الجديدة التي قد تشهدُها خلال الفترة المقبلة.
وأكد السويدي أن الإماراتِ تقدم تجربة ثرية في كيفية التعامل مع تحدي أسعار النفط وتقلبات السوق النفطية؛ لأنها استطاعت أن تتبنَّى منذ وقت مبكر سياسةً ناجحةً لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن تقلُّبات أسعار النفط، لتأمين الديمومة لتقدُّمها الحضاري في كلِّ مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
واستشهد بكلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في الدورة الثالثة للقمَّة الحكومية في دبي، التي قال فيها «إننا سنحتفلُ في عام 2050 بتصدير آخر برميل نفط».
ورأى الدكتور جمال سند السويدي أن هذه الكلمة تنطوي على فكر تنمويٍّ عميق، ورؤية استشرافية طموحة لمستقبل الإمارات بعدَ عقود، بعيداً عن تقلُّباتِ أسعار النفط؛ من أجل بناء اقتصاد وطنيٍّ قويٍّ مستدامٍ، تقوده كوادر مواطنةٌ متسلحةٌ بالعلمِ والمعرفة.
وأكد السويدي أن التغيرات التي تشهدُها المنطقةُ تثير مجموعةً من التحديات التي لا يمكنُ لدول المنطقة تجاهل تأثيراتها في أمنها واستقرارها، خاصةً في ظل استمرار حالة التعثر التي تشهدها أزماتُ المنطقة المختلفة، وتنامي خطر التطرف والإرهاب بصورةٍ ملحوظة؛ الأمرُ الذي يفرض على دول المنطقة مزيداً من التنسيق والتعاون البنَّاءِ فيما بينها لمواجهة هذه التحديات، مشيراً إلى الدور الحيوي الذي تقوم به الإماراتُ، من خلال التعاونِ مع دول التعاون، ومن خلال مبادراتها البنَّاءة وجهودها المتواصلة لإيجاد حلولٍ لأزمات المنطقة، وتعزيز أسس الأمن والاستقرار فيها.
ترتيبات دولية
وألقى الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، الكلمة الرئيسية للمؤتمر، حيث أشار فيها إلى أن منطقتنا ـ عبر تاريخها الحديث ـ كانت ضحيةً للترتيبات الدولية، وقد يحمل المخاض الدولي الحالي في طيَّاته ترتيباتٍ قد لا تكون في مصلحتنا، خصوصاً أن مآلات المخاض العربي منذ ما يُسمَّى «الربيع العربي» غير مؤكّدة. كما أن ظهور النزعات الدينية والطائفية والمذهبية والإقليمية والقبلية هو أكبر تحدٍّ يواجه دولنا العربية، ويهدّد أمنها الوطني. وأكد أن إيران تمثل خطراً حقيقياً على دول المنطقة؛ لأن كل محاولات ترشيد سلوكها وسياساتها باءت بالفشل.
وألقى محمد بن محفوظ العارضي، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لمجموعة إنفستكورب، في سلطنة عُمان، كلمة أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أشار فيها إلى أن المنطقة العربية تمر اليوم بسلسلة من التحولات الجيوسياسية والاقتصادية الكبرى.
وأشاد العارضي بتجربة الإمارات في سرعة الاستجابة لتحدِّي أسعار النفط، حيث إنها حققت العديد من المنجزات التي شملتها رؤيتها لعام 2021، وليس أدل على ذلك من أن مساهمة النفط الخام والغاز الطبيعي في الناتج الإجمالي المحلي في الإمارات عام 2015 بلغت 32%، أي أن 68% من هذا الناتج جاء من عوائد غير نفطية، وهذا ما يجعل التجربة الإماراتية نموذجاً للاقتصادات الأخرى في المرونة والجهوزية للتعامل مع المتغيرات الاقتصادية.
تحديات المنطقة
ناقشت الجلسة الأولى للمؤتمر «تطورات الأوضاع في المنطقة: المحددات والتحديات»، ورأسها الشيخ الدكتور خالد بن خليفة بن دعيج آل خليفة، نائب رئيس مجلس الأمناء، المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي في مملكة البحرين، وتحدث في الجلسة العديد من الباحثين والخبراء.
تناول الدكتور جون ديوك أنتوني، الرئيس المؤسس والمدير التنفيذي للمجلس الوطني للعلاقات الأميركية - العربية بالولايات المتحدة، سياسات ومصالح القوى الدولية في المنطقة العربية.
وأكد أن الأهمية الاستراتيجية التي توليها الولايات المتحدة لدول مجلس التعاون لن تتراجع، مشيراً إلى أنه لا يتعيَّن على أي أحد أن يتوقع تسجيل تراجع في وعي وتقدير إدارة ترامب للمكانة والدور الحيويَّين لمنطقة الخليج كلها، وهذا يدحض كل التقييمات التحليلية التي تحدثت عن نيّة الولايات المتحدة تقليص دور منطقة الخليج مقابل التركيز بشكل أكبر على منطقة آسيا الباسيفيكية.