عقد مجلس الإمارات للشباب ضمن فعاليات الدورة الثانية من مجالس المستقبل العالمية جلسة «أفكار المستقبل القادمة»، التي بحثت آثار الذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة على القطاعات الرئيسية، ودور الشباب في قيادة التغيير في هذه القطاعات.

وتشكل هذه الجلسة أول مناظرة من نوعها يتم تنظيمها على مستوى حكومة دولة الإمارات، ويشارك بها نخبة من طلاب جامعة نيويورك أبوظبي، ومتحدثون من معالي الوزراء والخبراء العالميين.

وانقسم الشباب إلى فريقين، الأول رأى أن الثورة الصناعية الرابعة ستؤدي إلى خسارة العديد من الوظائف، مع صعوبة تعويض هذه الوظائف في ظل صعوبة التنبؤ بالمهارات المطلوبة في المستقبل، وقالوا إن الثورة الجديدة مختلفة عما شهده العالم في السابق من ثورات صناعية فالإنسان اليوم يخلق إمكانات في ظل الذكاء الاصطناعي يمكن أن تتفوق عليه.

أما الفريق الثاني فرأى أن الثورة الصناعية الرابعة ستسهم في خلق العديد من الوظائف الجديدة والقطاعات التي لم نكن لنتخيلها، بل وربما لا يمكننا إلى اليوم تخيلها، واستندوا في توقعاتهم الإيجابية إلى التاريخ وإلى قدرة الإنسان الدائمة على التأقلم مع الواقع الجديد ومع نتائج الثورات الصناعية السابقة بنجاح.

بناء القدرات

وقالت معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب في كلمة ضمن أعمال الفعالية: «إن جلسة أفكار المستقبل القادمة تعكس رؤية الحكومة للشباب قادة المستقبل، وهي فرصة مهمة لإشراك الشباب بشكل عملي في صناعة المستقبل وإعادة صياغة عمل القطاعات الرئيسية التي ترتبط بشكل وثيق بحياة الإنسان، وبناء قدراتهم في مجال استشراف المستقبل لمواجهة التحديات وابتكار الحلول المناسبة لها».

وأوضحت المزروعي أن الجلسة تستكشف رؤى الشباب وأفكارهم حول التحولات التي ستقودها تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، وتقدم تصوراً لعالم الغد، وتزود المشاركين بالمعرفة وتعزز وعيهم المستقبلي.

وشملت جلسة أفكار المستقبل القادمة التي تم تنظيمها في اليوم الثاني لاجتماعات مجالس المستقبل العالمية، عدداً من ورش العمل التفاعلية التي ناقشت التوجهات المستقبلية في القطاعات الحيوية.

البشر الخارقون

وفي ورشة بعنوان «التعزيز البشري - هل يصبح البشر الخارقون حقيقة؟»، تحدث الدكتور علي هلال النقبي الأستاذ في جامعة الإمارات العربية المتحدة ومخترع الكبد الاصطناعي، وزولتان استفان الكاتب المتخصص في الذكاء الاصطناعي، والدكتورة جنيفر ميلر مؤسس ورئيس مجموعة بيثيكس الدولية الأستاذ في كلية الطب في جامعة نيويورك، وسو بيسشين الرئيس والمدير التنفيذي لتحالف بحوث الشيخوخة، وسلطوا الضوء على دور التقنيات المستقبلية التي تنطوي عليها الثورة الصناعية الرابعة في الارتقاء بصحة الإنسان وتعزيز إمكاناته الجسمانية.

وناقش المشاركون في الجلسة الآثار الإيجابية والسلبية للتقنيات الحديثة الهادفة إلى تعزيز قدرات الإنسان الجسدية أو تعويض النقص في هذه القدرات الذي يمكن أن ينجم عن مرض أو حادث، ولفت النقبي إلى أن أهمية تقنيات تعزيز الجسد البشري خاصة في مجال تعويض أعضاء الجسم المصابة.

وتحدث عن نتائج مسح أجراه مجلس التعزيز البشري، ضمن مجالس المستقبل العالمية، حول مدى معرفة الجمهور بهذه التقنيات قائلاً إن المفاجأة كانت أن 10% فقط من المشاركين في المسح لديهم معرفة بهذه التقنيات.

من جانبه قال استفان، وهو مرشح لمنصب حاكم كاليفورنيا، إن هذه التقنيات باتت واقعاً ملموساً في عالمنا اليوم، ودافع عن فكرة الاستفادة من هذه التقنيات في تعزيز القدرات البشرية للوصول إلى جسم بشري خارق قادر على تجاوز المشاكل الصحية ما يكفل عمر أطول.

الجدير بالذكر أن استفان قام بالفعل بزرع شريحة إلكترونية في معصمه تقوم بعدد من المهام مثل فتح الأبواب وتشغيل السيارة، ولفت إلى أن العمل يجري على زيادة قدرات هذا النوع من الشرائح، الذي يصل عدد مستخدميه حالياً إلى 40 ألف شخص ليتمكن من تأدية ما يزيد على 30 إلى 40% من العمل الذي يقوم به اليوم الهاتف المحمول.

توجهات مستقبلية

وفي ورشة أخرى بعنوان «مستقبل الفضاء»، شاركت فيها معالي سارة الأميري وزيرة دولة، وجو لاندون رئيس مجلس إدارة سبيس إنجلز، ومينو راثاساباباتي المدير التنفيذي في المجلس الاستشاري لأجيال الفضاء، وسيمو بيبو مدير مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي، وجيوف مولجان الرئيس التنفيذي لشركة نيستا، تناول المتحدثون التوجهات المستقبلية التي ستقود العمل في قطاع الفضاء، والابتكارات التي ستجعل من استكشاف الفضاء عملية أكثر سهولة وفعالية، وتطرقوا إلى التطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع علوم الفضاء مدعوماً بما توفره أدوات وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة.

وتحدثت الأميري عن جهود الإمارات في مجال استكشاف الفضاء، التي بدأتها الدولة قبل أكثر من 20 عاماً وتستكملها اليوم بخططها لاستكشاف المريخ، وقالت إن التركيز في المرحلة الراهنة لا ينصب على السفر في الفضاء آلاف الأميال بل السعي لاستكشاف الفضاء وتحقيق الاستفادة من إمكانياته بما تملكه الدولة من أدوات ومعرفة واسعة حول الفضاء.

وأكدت أن الإمارات تعتزم تطوير نظام متكامل لاستكشاف الفضاء ضمن إطار جهودها الرامية لبناء اقتصاد قائم على المعرفة. ولفتت من جهة أخرى إلى تنامي صناعات الفضاء وتوجه العديد من الشركات إلى الفضاء مع تكلفة أرخص للسفر عبر الفضاء، ومع فرص ربحية حقيقية أمام هذه الشركات.

وتحدث المشاركون في الجلسة عن الفرص الواعدة أمام الشركات ورواد الأعمال لبناء ما يمكن أن يطلق عليه اقتصاد الفضاء. وقال لاندون إنه من الأفضل تصنيف الفضاء باعتباره اقتصاداً قائماً بحد ذاته لا مجرد قطاع جديد أمام الشركات ورواد الأعمال فإمكانيات النمو ضخمة وقدر حجم الاستثمارات في الفضاء خلال السنوات القليلة الماضي بحوالي 12 مليار دولار، وقال إن حجم الاستثمارات في 2017 فقط بلغ نحو ملياري دولار.

نقلة نوعية

وفي جلسة بعنوان «تأثير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة على قطاع الإعلام» تحدثت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، وسارة الجرمن مدير عام قنوات دبي، وتانيا يوكلي الرئيس التنفيذي لمجموعة شيرابلي، وميشيل باكر الرئيس التنفيذي لمجموعة موزيلا، عن دور هذه التقنيات في إحداث نقلة نوعية في قطاع الإعلام، وتطرقوا إلى شكل الإعلام المستقبلي والأدوات الجديدة التي سيستخدمها.

وناقش المشاركون في الجلسة التحولات التي يشهدها الإعلام في الوقت الحاضر، في ظل الثورة الصناعية الرابعة، وقالت الكعبي إنه من الصعوبة بمكان التنبؤ اليوم بمستقبل الإعلام مع خطى التغير السريعة، إلا أنها أكدت أهمية تغيير وسائل الإعلام التقليدية أسلوب تفكيرها بالتركيز أكثر على تلبية متطلبات الجمهور في عصر سريع التطور.

ولفتت إلى أهمية التركيز على التوعية ليتسنى للمجتمع التفريق بين الخبر الصحيح والمزيف، وقالت إن المسؤولية تقع على المتلقي في اختيار المحتوى الذي يتابعه ففي نهاية المطاف كل ما نراه ونتابعه يشكل هويتنا وشخصيتنا.