أكد تقرير صدر عن مركز «تريندز للبحوث والاستشارات»، بالتعاون مع مركز «ستيمسون ـ واشنطن»، أن دور الإمارات في تقنيات الطاقة النظيفة المستدامة أصبح مشهوداً على مستوى العالم، حيث تمتعت الدولة بريادة إقليمية فيما يتعلق بتبني تلك التقنيات.
جاء ذلك خلال حلقة نقاشية عقدت في أبوظبي لاستعراض ما تضمنه التقرير والذي جاء بعنوان «دبلوماسية الإمارات للطاقة» ويوفر التقرير إطاراً عاماً لتطور قطاع الطاقة المتجددة في الدولة، ويسلط الضوء على الدروس التي استفادت منها الإمارات خلال العقد الأول من ريادتها في مجال الطاقة المتجددة، ويتعمق أكثر في فرص مشاركة تلك الخبرات التي اكتسبتها مع الدول الأخرى.
يهدف التقرير إلى دعم الإمارات في سعيها نحو توسع استراتيجي في نطاق دبلوماسيتها للطاقة المتجددة واستثماراتها الموجهة في هذا القطاع إلى دول العالم النامية، خاصة دول جنوب شرق آسيا، بهدف تأسيس القاعدة التي ينطلق منها العالم نحو مستقبل أكثر استدامة.
بحوث
وقال الدكتور أحمد ثاﻧﻲ الهاملي، رئيس ومؤسس مركز «تريندز» إن الإمارات شجعت على إجراء البحوث المختصة في قطاع الطاقة، حيث كان الاستخدام الاستراتيجي لموارد الطاقة التي نمتلكها الوسيلة التي تمكنّا بها من تحقيق معدلات نمو كبيرة ونهضة شاملة. وأضاف أن الإمارات تنطلق من رؤية تتمثل في أنه لا يجب أن يكون النمو المحلي والعالمي على حساب البيئة من خلال تبني واستخدام مصادر غير مستدامة للطاقة، وهو الأمر الذي يجعل الابتكار في الطاقة المستدامة أولوية قصوى للإمارات، حيث ركزنا في هذا التقرير على إبراز الخبرات الواسعة التي اكتسبتها الدولة في مجال الطاقة المستدامة، والتي توفر فرصاً كبيرة لدعم المساعي العالمية لتبني واستخدام الطاقة النظيفة والمتجددة لتحقيق التنمية على نحو مستدام.
معرفة
وأضاف الهاملي: تشجع الإمارات على استخدام الطاقة النظيفة محلياً، كما تحث دوماً على التزود بالمعرفة وتعزيز المهارات التي تمتلكها لدعم المساعي العالمية من خلال دبلوماسيتها للطاقة النظيفة، خصوصاً وأنها برزت كرائدة في ابتكارية الطاقة المتجددة على الصعيد العالمي وقد حظيت مشروعات الطاقة الشمسية في كل من أبوظبي ودبي باهتمام عالمي بعد أن وفرتاها بأسعار قياسية بلغت أقل من 0.3 دولار لكل كيلو واط/ ساعة.
وأشار إلى أن أهمية التقرير تنطلق من عدة جوانب منها، أن تركيز قيادتنا الرشيدة كان منصباً على استغلال تلك الموارد بحكمة لبناء نهضتنا الشاملة، والتي أدهشت العالم، كما سلط التقرير الضوء على مساهمة الإمارات ودورها القيادي في الجهود العالمية المبذولة لتبني الطاقة النظيفة والمستدامة، تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة العالمية، مؤكداً أن ما تم تحقيقه كان ترجمةً لتوجيهات قيادتنا التي أولت اهتماماً بالغاً لاستغلال مواردنا من الطاقة على نحو مستدام، وضمان أقل التأثيرات الممكنة على بيئتنا الطبيعية.
مؤتمر
وقال: ستستضيف الإمارات العام المقبل مؤتمر الطاقة العالمي، والذي يجمع كل 3 سنوات ممثلين لأكثر من 150 بلداً حول العالم لمناقشة الاستراتيجية العالمية الخاصة بالتعاون والتنسيق والابتكار في مجال الطاقة المستدامة وآفاقها المستقبلية، كما أننا نتطلع بحماسة شديدة إلى معرض إكسبو 2020 والذي سيكون منصة لالتقاء طيف واسع من مشروعات الابتكار والبرامج التي تحتضنها الإمارات ضمن هذا الحدث العالمي.
تجدر الإشارة أن هذا الأمر عزز من القدرة على إزالة الشكوك التي تدور حول قدرة الطاقة الشمسية على منافسة المحروقات التقليدية، ووضع الإمارات في وسط النقاشات العالمية التي تدور حول الطاقة المتجددة.
مبادرات
من جهته، قال لينكولن بلومفيلد جونيور، عضو ورئيس مجلس إدارة فخري لدى مركز «ستيمسون»: يشير التقرير إلى إبراز الدور الرائد لدولة الإمارات في تبنيها جملة من المبادرات والتي تدعم المتطلبات البيئية والأنظمة المتجددة لإنتاج الطاقة النظيفة والتي يمكن توظيفها في جميع أنحاء العالم، ولا سيما الدول النامية.
وأضاف أن الإمارات دفعت بقوتها الدبلوماسية دعماً لمشروعات الطاقة المتجددة في دول العالم الثالث، وبذلت جهوداً حثيثة تضاهي ما بذلته دول مثل الصين والولايات المتحدة، وحتى الاتحاد الأوروﺑﻲ، ولكن بمقارنة الإمارات بتلك الدول، فإن الدولة حققت نجاحاً منقطع النظير، وهو ما جعلها معياراً بالنسبة للدول النامية، بينما عزز هذا النجاح أيضاً من قدرة الإمارات على توسيع جهودها بشكل كبير لتسليط الضوء على توجهات التنمية المستدامة في دول العالم الثالث، فضلاً عن أن ذلك النجاح أبرز مكانة الإمارات كرائد للابتكار في مجال الطاقة المتجددة.
ابتكارات
بدوره، قال بريان فينلي، الرئيس والرئيس التنفيذي لمركز ستيمسون: لا ريب أن توظيف الابتكارات المتعلقة بقطاع الطاقة المتجددة بطريقة مثلى، يُضاف إلى إنجازات الإمارات ويبرز جهدها اللامحدود في دعم تكنولوجيا مصادر الطاقة المتجددة لتكون سبّاقة في دعم أسواق الطاقة العالمية النظيفة وتعزيز التنمية المستدامة في دول العالم النامية.
خارطة طريق
ويقدم هذا التقرير خارطة طريق لصانعي السياسة والقرار في مجال الطاقة للبدء بمشروعات تجريبية ذكية خاصة في أسواق الطاقة المزدهرة في منطقة جنوب شرق آسيا. واستعرض التزام دولة الإمارات باستخدام الطاقة النظيفة على المستويين المحلي والدولي، وأشار إلى أن الإمارات تبنت نهجاً شمولياً في التنمية، وحرصت أن تكون العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والأمن البشري من الركائز المعتمدة في دبلوماسيتها للطاقة.
وأنشأت الإمارات في العام 2008 برنامج «استدامة» للتقييم كجزء أساسي من استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 استناداً إلى معايير نظام «القيادة في الطاقة والتصميم تعود بالفائدة على المستثمر والمالك لأي من المشروعات المشتركة مع قطاع الكهرباء بالدولة».
اتفاقية باريس
وعلى المستوى المحلي ذكر التقرير أن الإمارات تعد أول دولة خليجية تصادق على اتفاقية باريس للمناخ في الحادي والعشرين من سبتمبر 2016، واعتمدت قطاع الطاقة كمجال رئيسي للمشاركة الدولية، وتبلور تبني الإمارات لتحقيق غاية استخدام الطاقة النظيفة في استراتيجيتها بما يشمل أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، في إنجازاتها المختلفة من ضمنها التعاون مع الدول النامية والمساهمة في إنشاء بنية تحتية مرنة وتشجيع الصناعات المستدامة، والمساهمة في بناء القدرات وتوظيف التكنولوجيا وتطوير البنية التحتية الخاصة بالطاقة.
عناصر
كما تلتزم الإمارات بإدراج عناصر الطاقة النظيفة في دبلوماسيتها الخارجية، فقد دعمت الدولة 11 مشروعا للطاقة المتجددة في جزر المحيط الهادي، فضلاً عن استثماراتها بمشروعات الطاقة المتجددة بجزر الكاريبي، والتي بلغت 50 مليون دولار، كجزء من «صندوق الشراكة مع دول جزر المحيط الهادئ للعام 2013: والتي تجسد السبق الذي حققته الإمارات عالميا في مجال الطاقة الخضراء في»إعلان دبي 2016" والذي يطرح خطة شاملة تجعل من الإمارات سباقة في مجال الطاقة المتجددة عالميا.
الابتكار عنصر رئيسي في استراتيجية الإمارات
تمكنت الإمارات من تعزيز سمعتها في مجال الطاقة المتجددة بمنطقة الخليج العربي، وضمن هذا الإطار، فإن التوصيات المتماشية مع دبلوماسية الإمارات للطاقة النظيفة تتمثل في الابتكار في مجال الطاقة المستدامة وآفاقها المستقبلية، وإيجاد حدٍ جديد في ميزانية صندوق أبوظبي للتنمية يكون موجهاً بشكل استراتيجي لمجموعة من الدول التي تشهد نمواً مطرداً في الطلب على الطاقة حتى العام 2040، وتوسيع التبادل الحكومي الحكومي مع مسؤولي الطاقة في الدول النامية، خاصة الدول الأقل تطوراً.
كما يتوجب على الهيئات الحكومية ومراكز البحوث الجامعية والمؤسسات البحثية في الإمارات إصدار دراسات أكاديمية وملخص لسياسات الإمارات فيما يتعلق بالابتكار في قطاع الطاقة المتجددة، وإطلاق برامج قصيرة الأمد لبناء القدرات للقائمين على التخطيط في الدول النامية الأخرى، لحضور برامج الاستدامة التي تقدمها جامعة خليفة ومعهد مصدر.
ويجب أن تأخذ وزارة الخارجية والتعاون الدولي بعين الاعتبار وضع أهداف التنمية المستدامة كأولوية في الإرشادات التوجيهية، ويجب أن تكون دول جنوب شرق آسيا أولوية لدبلوماسية الإمارات للطاقة الخضراء كمثال إقليمي يمكن خلاله تطبيق استراتيجيات دولة الإمارات.