تخيل أن لديك خريطة توضح لك الطريق الأمثل للاستثمار والنجاح في عالم مليء بالتحديات الاقتصادية، هذا بالضبط ما يقدمه مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، الذي تم إطلاقه لأول مرة في عام 2002، بهدف قياس سهولة ممارسة الأعمال في الدول، من خلال تحليل السياسات والتشريعات، التي تؤثر على الأعمال.

ويتمثل مفهوم مؤشر سهولة ممارسة الأعمال في أنه تقرير سنوي ينشره البنك الدولي، يقيس سهولة ممارسة الأعمال التجارية في 190 دولة في جميع أنحاء العالم، ويقيّم التقرير البيئة التنظيمية لبدء وتشغيل شركة في كل بلد، استناداً إلى مجموعة من المؤشرات مثل الوقت والتكلفة، التي ينطوي عليها تسجيل شركة، والحصول على تصاريح، ودفع الضرائب، وإنفاذ العقود.

وتكمن أهمية المؤشر في قدرته على توفير معيار للبلدان لتقييم بيئة أعمالها وتحديد مجالات التحسين. كما يوفر للمستثمرين معلومات قيمة عن سهولة ممارسة الأعمال التجارية في اقتصادات مختلفة، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة حول مكان استثمار رأس مالهم.

بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يؤثر المؤشر على رتبة التنافسية في البلد، من خلال تسليط الضوء على المجالات التي تحتاج إلى تحسين بيئتها التنظيمية التجارية، من أجل جذب المزيد من الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي، ويمكن أن تساعد معلومات المؤشر صانعي السياسات وقادة الأعمال على تطوير استراتيجيات لتعزيز القدرة التنافسية للبلاد وجذب المزيد من الاستثمار.

ويتكون مؤشر سهولة ممارسة الأعمال من مجموعة من المكونات الرئيسية، التي تعكس جوانب مختلفة من بيئة الأعمال مثل مكون تأسيس الأعمال، الذي يقيس عدد الإجراءات اللازمة لتسجيل شركة جديدة، ومكون الحصول على تراخيص البناء، الذي يقيم سهولة الحصول على التصاريح لبناء مشروع جديد، ومكون تسجيل الممتلكات الذي يقيم كيفية تسجيل العقارات من حيث الوقت والتكاليف، ومكون الحصول على الائتمان، الذي يقيس مدى سهولة الحصول على القروض والتمويل من المؤسسات المالية، ومكون حماية المستثمرين الذي يقيم الأنظمة القانونية التي تحمي حقوقهم، ومكون دفع الضرائب الذي يقيس سهولة الامتثال للالتزامات الضريبية، كما يقيم مكون التجارة عبر الحدود الإجراءات والوقت والتكاليف المرتبطة بتصدير واستيراد البضائع، ويتناول مكون حل المشاكل التجارية كيفية تعامل الشركات مع الأزمات أو المشاكل القانونية، مما يعزز استدامة الأعمال وقدرتها على مواجهة التحديات المحتملة.

وعلى الرغم من الجدل حول بعض جوانب المؤشر، إلا أن مؤشر سهولة ممارسة الأعمال أسهم بشكل كبير في تعزيز الشفافية في بيئات الأعمال، وتحفيز الإصلاحات الاقتصادية في العديد من الدول، كما ألهم دولاً أخرى لتطوير مؤشرات مشابهة لتقييم بيئات الأعمال، مما أسهم في تحسين سياسات الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي على مستوى العالم.