أصبح نظام ضريبة القيمة المضافة حدثاً يشغل معظم القاطنين في دول الخليج، بعد الاتفاق والتنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي لطرح ضريبة القيمة المضافة في دول المنطقة، واعتماد إطار موحد لتطبيق نظام الضريبة بنسبة 5%، خصوصاً مع اقتراب موعد تطبيقه أوائل العام المقبل 2018.
وتعتبر ضريبة القيمة المضافة نوعاً من أنواع الضرائب غير المباشرة، والتي لا تفرض مباشرةً على دخل الفرد أو الشركة، بل على السلع والخدمات والمعاملات التجارية. بمعنى آخر، هي ضريبة تفرض على الاستهلاك، وتشمل معظم توريدات السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها، وهي واحدة من أكثر ضرائب الاستهلاك شيوعاً.
ولا يعد تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة جديداً في العالم. فقد بدأ في خمسينات القرن الماضي، ويطبّق اليوم في أكثر من 150 دولة في العالم، وتُخصص الإيرادات الضريبية عادةً لتغطية تكاليف الخدمات العامة مثل المستشفيات والمدارس والجامعات الحكومية والدفاع وغيرها من الجوانب الحياتية المهمة.
فيما يتحمل أعباءها المستهلك النهائي، حيث يتم فرض الضريبة على السلع والخدمات عند إجراء عمليات البيع والشراء. كما تُفرض على القيمة المضافة للعمليات التجارية، أي الفرق بين ثمن السلعة النهائي وبين تكلفة إنتاجها التي تتمثل بمواد التصنيع والخدمات الداخلية.
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن ضريبة القيمة المضافة لن يكون لها بالغ الأثر على تكلفة المعيشة بالنسبة للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات، خصوصاً وأنها منخفضة بشكل كبير مقارنة بالضريبة في بلدان أخرى مثل الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، وتعد من أقل أنواع الضرائب من حيث التأثير السلبي إذا ما قورنت بأنواع أخرى من الضرائب مثل ضريبة الدخل أو ضرائب المبيعات .
والتي قد تدفع أصحاب الشركات إلى تغيير مكان العمل والانتقال للعمل في دول أخرى، فضلاً عن أن العديد من القطاعات الرئيسة ستكون معفاة من ضريبة القيمة المضافة، مثل قطاع الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والمواد الغذائية الأساسية.
وتعد ضريبة القيمة المضافة بمثابة أداة ترشيد وتوجيه للاستهلاك، وتشجيع أفراد المجتمع على الادخار، الأمر الذي سيشجع على زيادة حجم الاستثمارات في الدولة. كما تعتمد الزيادة في الضريبة على نمط المعيشة وسلوك الإنفاق. فالأفراد الذين يركزون نفقاتهم على السلع المستثناة من الضريبة مثلاً، لن يلحظوا زيادة كبيرة على كلفة المعيشة لديهم.
وأشارت دراسة نشرت في المجلة الآسيوية للمال والمحاسبة إلى أن ضريبة القيمة المضافة سيكون لها تأثير على الحياة اليومية للمستهلكين والعادات الاستهلاكية والقوة الشرائية لديهم. وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج، أهمها انعكاس تطبيق ضريبة القيمة المضافة على نمط حياة المستهلكين، والقوة الشرائية لديهم، حيث ستتضاءل على عكس أصحاب الدخل المرتفع، أو أولئك الذين لا يقتصر اعتمادهم على الراتب الشهري فقط.
ويتوقع أن تواجه الإدارات الضريبية في الخليج تحديات كثيرة عند تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة. لذلك، من الضروري النظر في تطبيق نموذج تعاوني للامتثال بالضريبة أو غيرها من النماذج التي قد تمنح نسبة أعلى من الثقة واليقين لكافة أصحاب المصلحة، وسيكون من السهل التقليل من حجم العمل المطلوب والموارد الإضافية اللازمة لتنفيذ النظام.
ووفقاً لدراسة حديثة قامت بها شركة «بي دبليو سي الشرق الأوسط»، فإن عدم الوضوح في تحديد القوانين القائمة وكيفية تطبيقها يشكل تحدياً كبيراً لدافعي الضرائب. وأظهرت نتائج الدراسة أن هنالك حالة من عدم اليقين في تطبيق القوانين الضريبية بصورة عامة في المنطقة. لذلك، هنالك فرصة كبيرة متاحة أمام حكومات الدول في الخليج لتحديث وتبسيط الأنظمة الضريبية، الأمر الذي سيجذب المستثمرين الأجانب إلى السوق الإقليمي بشكل أكبر.