في عام 1998، أطلق إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم والرئيس التنفيذي لشركة تسلا، توقعاً أثار جدلًا كبيرًا، مفاده أن الإنترنت سيُحدث ثورة جذرية في وسائل الإعلام التقليدية، اليوم، وبعد أكثر من ربع قرن، باتت هذه النبوءة حقيقة ملموسة.
الإعلام التقليدي
في مقطع فيديو قديم أعيد نشره مؤخرًا، توقع ماسك بأن الإنترنت سيكون "الوعاء الشامل" لجميع وسائل الإعلام، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة ستندمج في هذه التقنية الثورية.
وقال: "الإنترنت ليس مجرد وسيلة إعلامية إضافية، بل هو نهاية وسائل الإعلام التقليدية كما نعرفها".
ماسك أوضح رؤيته بتفصيل أكبر، مشيرًا إلى قدرة الإنترنت على تقديم "وسيلة اتصال ثنائية الاتجاه، تتيح للمستخدمين اختيار ما يريدون رؤيته، وكيف ومتى يريدون ذلك". رؤية بدت حينها أشبه بالخيال العلمي، لكنها اليوم أصبحت واقعًا يوميًا لمليارات البشر.
ثورة الإنترنت
اليوم، لا يكتفي ماسك بدوره، بل يقود عمليًا ثورة الاتصالات العالمية من خلال مشروع ستارلينك التابع لشركته سبيس إكس، ويسعى المشروع إلى توفير الإنترنت عالي السرعة في المناطق النائية والمحرومة عبر شبكة أقمار صناعية منخفضة المدار.
Starlink، الذي يقدم بيانات غير محدودة وسهولة في التثبيت، يسعى لتوسيع نشاطه في أسواق جديدة مثل الهند، ما يضعه في منافسة مباشرة مع عمالقة الاتصالات مثل Jio وAirtel.
وشركة سبيس إكس هي شركة أمريكية خاصة تعمل في مجال تصنيع الطيران والنقل الفضائي. أسسها إيلون ماسك في عام 2002 بهدف تقليل تكاليف النقل الفضائي وتمكين استعمار المريخ.
الذكاء الاصطناعي
ماسك لم يكتفِ بتوقع مستقبل الإعلام، بل ذهب إلى ما هو أبعد، بتوقعه أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على معظم الوظائف التقليدية. ورغم ذلك، يرى ماسك هذا التحول إيجابيًا، حيث قال في حديثه خلال قمة Viva Tech في باريس: "في المستقبل، قد تصبح الوظائف اختيارية، مثل الهوايات، بينما تتكفل الروبوتات بتوفير كافة السلع والخدمات".
لكنه شدد على ضرورة توفير "دخل مرتفع عالمي" لدعم الأفراد في هذا العالم الجديد، موضحًا أن هذا يختلف عن مفهوم الدخل الأساسي الشامل، حيث لن يعتمد على الدعم الحكومي فقط، بل على نظم اقتصادية مبتكرة تواكب هذا التحول.
رؤية
ما بين نبوءة الإعلام التقليدي ومشروعاته الرائدة، يواصل إيلون ماسك ترسيخ مكانته كأحد أبرز العقول التي تشكل ملامح المستقبل. وبينما يثير الجدل برؤاه الجريئة، يبدو أن الزمن يثبت، مرة بعد أخرى، أن كثيرًا من "توقعاته المستحيلة" تتحول إلى واقع يعيشه العالم.