قدم مدير عام صندوق النقد الدولي الفرنسي دومينيك ستروس-كان الخميس استقالته من منصبه وتعهد عدم مغادرة نيويورك على أمل إقناع القضاء الأميركي بالإفراج عنه بكفالة. بينما تفتح الاستقالة باب الصراع على رئاسة صندوق النقد الدولي.
وأعلن صندوق النقد الدولي في بيان نشر في واشنطن بعيد منتصف الليل (4,00 فجرا بتوقيت جرينيتش) أن دومينيك ستروس-كان ابلغ مجلس إدارة صندوق النقد الدولي بنيته الاستقالة من منصبه كمدير عام بمفعول فوري وأرفق صندوق النقد ببيانه رسالة دفع فيها ستروس-كان ببراءته.
وقال ستروس-كان من السجن الذي نقل إليه الاثنين في نيويورك أريد أن أقول للجميع إنني انفي بشدة كل الادعاءات الموجهة ضدي.وأضاف في بيان بحزن كبير اشعر بأنني مضطر اليوم لتقديم استقالتي لمجلس الإدارة من منصبي كمدير عام لصندوق النقد الدولي.
وقال أريد أن احمي هذه المؤسسة التي خدمتها بشرف وتفان وخصوصا أريد أن أكرس كل قوتي وكل وقتي وطاقتي لإثبات براءتي.وهذا هو البيان الرسمي الأول لستروس-كان منذ توقيفه السبت الماضي اثر اتهامات وجهتها عاملة في احد فنادق نيويورك بالاعتداء الجنسي ومحاولة الاغتصاب.
قرار مرتقب
ومن المفترض أن تعلن هيئة محلفين تعقد اجتماعا مغلقا هذا الأسبوع واستمعت إلى شهادة الضحية المفترضة قرارها حول ما إذا كانت ستوجه التهم إلى ستروس-كان أو إسقاط الدعوى ضده وهو احتمال اقل ترجيحا.
ويعتبر محامو ستروس-كان الذين يقترحون دفع كفالة بقيمة مليون دولار أن هذا الأخير لديه الإمكانات المالية الكافية لتسديد المبلغ، بحسب الطلب الذي رفع أمام المحكمة العليا لولاية نيويورك ونشر مساء أمس الأول على موقع نيويوك تايمز الالكتروني.
ولدعم طلبهم، عرضوا ثمن المنزل الذي يقيم فيه في واشنطن والبالغ أربعة ملايين دولار. وجاء في طلب الإفراج أن الزوجين اشتريا المنزل في العام 2007، وأرفقوا بالطلب صكا بالملكية باسم آن سانكلير زوجة ستروس-كان.
وشدد الدفاع على الصلات الوثيقة التي تربط بين سانكلير والولايات المتحدة فهي ولدت في نيويورك حيث تابعت دروسا في المدرسة الثانوية، كما أنها تعد حاليا لكتاب حول الحياة السياسية الأميركية.
وجاء في الطلب أن ستروس-كان يتعهد البقاء على مدار الساعة داخل منزل لم يحدد في مانهاتن بموجب ما أشير إليه بمراقبة الكترونية، والتي يمكن أن تكون عبارة أن سوار الكتروني. والمرجح أن هذا المنزل هو الذي تقيم فيه ابنته بصورة دائمة في مانهاتن ولو أن الوثيقة لم توضح ذلك.
وسبق أن سلم ستروس-كان جواز سفره الفرنسي إلى القضاء الأميركي كما انه تعهد تسليم وثيقة السفر التي تمنحها الأمم المتحدة إلى السلطات ليثبت انه لن يغادر الأراضي الأميركية طيلة فترة الإجراء القضائي، بحسب الدفاع.وشدد الدفاع على أن ستروس-كان يعدل طوعا عن أي إجراء لتسليمه.
وتوجه إلى ستروس-كان سبع اتهامات أبرزها احتجاز الحرية ومحاولة الاغتصاب. وأودع السجن الاثنين بأمر من القاضية ميليسا جاكسون التي رفضت الإفراج عنه رغم عرضه دفع كفالة بمليون دولار، فقد اعتبرت أن خطر أن يلوذ بالفرار كبير جدا.
شهادة العاملة
من جهتها، أدلت عاملة التنظيف في فندق سوفيتل بمانهاتن وهي غينية في الثانية والثلاثين ولها ابنة في الخامسة عشرة بشهادتها أمس الأول أمام هيئة المحلفين.وعقدت هيئة المحلفين التي يتراوح عدد أعضائها بين 16 و23 شخصا، اجتماعا مغلقا ودون حضور القاضي للاستماع إلى شهادات الدفاع والادعاء واتخاذ القرار حول إدانة ستروس-كان.
وفي حال عدم إدانته فسيخرج حرا بعد إسقاط الدعوى لعدم كفاية الأدلة. أما في الاحتمال الآخر، فسيتعين عليه أن يقرر ما إذا كان سيقر بالذنب أو سيدفع ببراءته. إذا استمر على موقفه المصر على براءته فستتم محاكمته على الأرجح في غضون بضعة اشهر. أما إذا غير رأيه واقر بذنبه فسيتم التفاوض في العقوبة بين الدفاع والادعاء.
وفي انتظار معرفة مصيره، أمضى ستروس- كان ليلته الثالثة في السجن حيث ارتدى زيا رماديا من قطعة واحدة لا أزرار فيه ولا حزام وانتعل أحذية دون رباط. ويتحقق الحراس خلال الليل من انه لا يزال يتنفس وقد يقومون بإيقاظه إذا دعت الحاجة إلى ذلك، بحسب نورمان سيبروك رئيس نقابات حراس السجون لوكالة فرانس برس.
محاولات الدفاع
وحاول محامي المدعية جيف شابيرو أن ينفي مسبقا أمام التلفزيون فرضية حصول علاقة جنسية بالتراضي بين موكلته وستروس- كان وهو ما يمكن أن يثيره الدفاع.
وقال لقناة إن بي سي انه عندما سيستمع المحلفون إلى شهادتها ويرونها وسيكون بوسعها أخيرا أن تروي قصتها علنا سيدركون أن ما حصل في تلك الغرفة لم يكن أبدا بالتراضي. وكان بنجامين برافمان محامي ستروس- كان أعلن الاثنين أمام المحكمة أن الأدلة الجنائية الطبية لا تتوافق برأينا مع علاقة جنسية بالإكراه.
إلا أن الادعاء أشار إلى أن لديه أدلة تثبت حصول محاولة اغتصاب وذلك بالاستناد خصوصا إلى المعاينة الطبية للمدعية بعد الوقائع.وأكد شابيرو أن موكلته مستعدة للإدلاء بشهادتها أمام المحكمة بحضور ستروس-كان، الذي كان حتى بضعة أيام مضت احد أكثر الرجال نفوذا في العالم.
وقال إنها مستعدة للقيام بكل ما يطلب منها وللتعاون مع الشرطة أو النيابة العامة. وأضاف لشبكة «إن بي سي» أن موكلته ليس لديها أي أفكار مسبقة فهي تقوم بذلك لأنها تعتقد انه الصواب وان عليها القيام به، ورفض على غرار شقيق المدعية أي فرضية بوجود مؤامرة. إلا أن استطلاعا أجراه مركز الاستطلاعات والتحليلات «سي إس ايه» أن غالبية الفرنسيين (57%) يعتقدون أن ستروس-كان ضحية مؤامرة.
امتناع فرنسي
وفي فرنسا، دعا الرئيس نيكولا ساركوزي وزراءه إلى الامتناع عن التعليق عن القضية.أما صندوق النقد الدولي، فقد أشار إلى انه سيعلن سريعا عن إجراءات انتخاب مدير عام جديد للمؤسسة. وجاء في بيان صدر عنه في الوقت الحالي، جون ليبسكي هو المدير العام.ويواجه ستروس-كان في حال إدانته بمجمل الاتهامات الموجهة إليه إمكان الحكم عليه بالسجن حتى 74 عاما.