بدأت علامات التراجع تدب على نحو متزايد في قطاع التصنيع الأمريكي على مدى الشهور القليلة الماضية، وسط مخاوف متصاعدة لدى رجال الصناعة والخبراء والمحللين الاقتصاديين من موجة ركود محتملة قد تضرب هذا القطاع وتُبَدّد المكاسب التي جناها من حالة الانتعاش والتوسع التي شهدها على مدار العقد الأخير.
وبحسب تقرير نشره أمس موقع «بزنس إنسايدر» الشبكي البريطاني، لا تتمثل أهمية قطاع التصنيع في الاقتصاد الأمريكي بالأساس في نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا، إذ لا تتجاوز هذه النسبة 12%، وإنما تتجلى أهميته في العلاقات العميقة التي تربطه بقطاعات أخرى رئيسية وحيوية في الاقتصاد الأمريكي، ومن أهمها الاستهلاك الداخلي.
وأشار جيرو باول، رئيس البنك المركزي الأمريكي «مجلس الاحتياطي الفيدرالي»، في أحدث اجتماع للجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة بالمجلس، إلى الضعف المتزايد في حجم النشاط التصنيعي الأمريكي أخيراً، نتيجة عدة عوامل، على رأسها تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والحرب التجارية المندلعة بين أمريكا والصين. وقال باول خلال الاجتماع الذي انعقد الأسبوع الماضي: «بات التصنيع، الاستثمار والتجارة أضعف، ولا يوجد سبب واحد محدد لذلك، إلا أنه شيء نراه رأي العين».
وكان «مؤشر مديري المشتريات»، الذي يقيس حجم النشاط التجاري استناداً إلى استفتاء بين مديري الشركات، قد سجل في الولايات المتحدة تراجعاً في مايو الماضي إلى أدنى مستوياته منذ أن تولى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مسؤولية الحكم.
وتراجع «مؤشر إمباير ستيت» للتصنيع في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياته على الإطلاق في مايو الماضي أيضاً.
والمفارقة اللافتة في هذا الضعف في قطاع التصنيع الأمريكي أنه جاء على الرغم من سياسة «أمريكا أولاً» التي ينتهجها ترامب، الذي تعهد في غير مرة بإعادة حجم التوظيف في قطاع الصناعة إلى سابق عهد، وذلك من خلال إعادة ترتيب علاقات أمريكا التجارية مع أبرز اقتصادات العالم.
وبينما انتعش التوظيف في القطاع خلال أول عامين من ولاية ترامب، شهدت الأشهر الأخيرة الماضية تراجعاً في حجم التوظيف بالمصانع الأمريكية. ويؤكد الخبراء أن هذا التراجع يعد جزءاً من ظاهرة عالمية سائدة حالياً، إلا أن الحرب التجارية عززته بما خلفته من غموض وارتباك بين المستوردين في أمريكا.