يريفان عاصمة وكبرى مدن أرمينيا وواحدة من أقدم المدن التي أهلت بالسكان في العالم، تقع على ضفاف نهر هرازدان وهي مركز الثقافة والصناعة للبلاد، وبقيت تسمى عاصمة لأرمينيا منذ العام 1918 وهي العاصمة الثالثة عشرة في تاريخ أرمينيا.
وتحولت يريفان من بلدة صغيرة يقطنها بضعة الآف في عهد القيصرية الروسية إلى حاضنة للثقافة والفنون ومركز صناعي رئيس، ومقر للحكومة الأرمينية. ومرت بعمليات تحول كبرى، مع نمو الاقتصاد، وشهدت نهضة عمرانية كبيرة منذ أوائل العقد الماضي في الألفية الثالثة وكثرت فيها المطاعم والمحال التجارية والمقاهي بعد المرحلة السوفييتية.
وبرزت أهمية يريفان إبان الفتح العربي العام 658 بعد الميلاد حيث تحولت إلى معبر تجاري للقوافل التجارية العربية القادمة من أوروبا في طريقها إلى الهند. وكانت يريفان أيضا الجزء الآمن من مملكة بقرادوني قبل أن يجتاحها السلاجقة الأتراك. وتعرضت المدينة للنهب والخراب عندما اجتاحها تيمورلنك في العام 1387 وأصبحت مركزاً إدارياً للخانة أو المملكة المغولية.
ولعبت أهمية استراتيجية حيث توالى العثمانيون والفرس الصفويون على حكمها خلال الحروب الطاحنة بين الجانبين. ونتيجة لهذه الأوضاع أصبح 80 % من سكانها من المسلمين و20 % من الأرمن.
بحلول القرن العشرين نما عدد سكانها ليصبح 29 ألف نسمة 49% منهم من التتار الأزيريين و48% من الأرمن و2% من الروس. وفي العام 1902 تم ربط يريفان بعدد من المدن من خلال خط سكك حديدية وفي السنة ذاتها تم إنشاء أول مكتبة.
السائح العربي
وهنالك الكثير مما يجعل من أرمينيا وجهة مثالية لمحبي السياحة والسفر في المنطقة العربية، لا سيما منطقة المشرق والخليج العربي، فهي أولاً وقبل كل شيء تقع على مسافة قريبة، لا تستغرق سوى ساعتين بالطائرة. فضلاً عن ذلك، فهي تقع ضمن نفس المنطقة الزمنية أو بفارق ساعة، ما يجعل الرحلة إليها سهلة وخفيفة على الجسم.
فضلاً عن ذلك، تتجذر الثقافة الأرمنية عميقاً في التاريخ العربي الحديث، حيث يمثل الأرمن مكوناً مهماً من شعوب عدة بلدان في المنطقة.
وفي مقدمتها سوريا ولبنان، إلى جانب العراق ومصر والأردن. ويخلف هذا الأمر إحساساً عميقاً في نفس السائح العربي من تلك الدول بأنه يزور بعض الأقارب في دولة مجاورة، سيما وأن عادات الأرمن وأنماط حياتهم وأطباقهم وتصاميم مدنهم وقراهم تشبه إلى حد كبير أنماط الحياة والعادات والأطباق والمدن والقرى في بلدان المشرق العربي.
مواقع سياحية
رغم أنه هنالك جزء كبير من المدينة تم بناؤه حديثاً (خلال الحقبة السوفياتية)، تشكّل قلعة إريبوني القديمة إحدى أهم مناطق الجذب السياحية وهنالك أدلة على أن القلعة وُجدت في هذا المكان منذ ثلاثة آلاف عام على الأقل، والبناء الحالي المحفوظ بشكل جيد هو أفضل مثال على نمط الهندسة خلال الحقبة الأورارتية في البلد. وتقع دار الأوبرا الخلابة في قلب المدينة..
وهي مبنى جميل يُعتقد بأنه تم تصميمه على طراز مبنى الأوبرا سيمبر- أوبر في دريسدن. ويمكن لمحبّي الموسيقى عند سفرهم إلى يريفان أن يتطلّعوا إلى برنامج مكثف من الحفلات والعروض الموسيقية والأوبرا حيث إن دار الأوبرا تجذب اليوم أشهر الموسيقيين والمطربين من أنحاء العالم بفضل موقع أرمينيا كدولة صاعدة في منطقة جنوب القوقاز.
وتقع العديد من مناطق الجذب المهمة شمال دار الأوبرا، كالحديقة المدرّجة الفريدة، وحديقة المنحوتات، ومتحف كافيسجيان.
وتعتبر الحديقة المدرجة (كاسكايد) مثالاً عصرياً مشابهاً للحدائق البابلية المعلّقة في الأساطير القديمة، بينما حديقة المنحوتات القريبة هي حديقة واسعة تضم العديد من الشلالات والمناظر المطلّة على جبل أرارات من أعلى نقطة فيها.
والمتاحف لها شعبية واسعة في يريفان، وأحد أكثر المتاحف التي تتم زيارتها هو متحف للمخطوطات القديمة (ماتيناداران) الذي بني في العام 1957.
وفي وقت لاحق خلال فترة الستينيات، تمت إضافة تماثيل كبيرة لأشهر العلماء الأرمن على جهتي مدخل المتحف، مثل توروس روسلين، وأنانيا شيراكاستي، وموفسيس خورينتاستي، وميختار غوش وفيرك. ويضم المتايناداران اليوم نحو 17000 مخطوطة وأكثر من 30000 وثيقة أخرى.
الشلالات
تذكر هذه الشلالات بشلالات النهر، وقد تم إنشاؤها في سبعينات القرن الماضي أو مع بداية النهضة العمرانية الحديثة في يريفان، وهي عبارة عن صرح عظيم يمكن الصعود إليه على سلالم حجرية بيضاء.
ويربط صرح الشلالات وسط يريفان مع النصب التذكاري للحرب الأولى بينما تقع على القمة منصة تطل على المدينة والجبل، ويحيط بالسلالم من الجهتين أحواض النباتات والورود وهناك أيضاً نوافير وأماكن استراحة على طول السلالم.
أنشطة ترفيهية
يريفان هي مدينة تحب الموسيقى والغناء، ويقدم برنامج دار الأوبرا ترفيهاً عالي المستوى وبأسعار مقبولة كافة أيام السنة. وهنالك العديد من الحفلات التي تقام في الحديقة المدرجة وحديقة الأحباء، وهنالك أيضاً العديد من المهرجانات خلال العام التي تضيف البهجة في الشوارع والحدائق. محبّو الأفلام سيستمتعون بشكل خاص بمهرجان المشمش الذهبي الذي يعقد كل عام في شهر يوليو.
الحزام الأخضر في يريفان هو سلسلة من الحدائق والمساحات المفتوحة التي تقدم فرصة الاسترخاء في ظل طبيعة خلابة. والحدائق الأكثر شعبية هي حديقة بابلافوك والحديقة الدائرية.
الطعام في يريفان
أينما كنت داخل المدينة يمكنك إيجاد مقهى، مطعم أو محل لبيع الوجبات الخفيفة. المطاعم في يريفان تقدم كل شيء من المطبخ المحلي إلى الأطباق العالمية. المطبخ الأرمني التقليدي يضم مجموعة متنوعة من الأطباق الغنية. لا يمكن تخيل مائدة أرمنية من دون المشاوي الأرمنية المفضّلة مثل كيوفتا، وتولما، أو خاباما.
هنالك أيضاً طبق تقليدي اسمه خاش يتم تحضيره وتقديمه بطريقة تقليدية وفريدة. لا تنسى خلال رحلتك إلى يريفان أن تتذوق الحلويات التقليدية مثل غاتا والبقلاوة.
سفينة نوح
تقول إحدى النظريات أن اسم يريفان مشتق من اسم الملك يرفاند الرابع القائد الأخير في أسرة أورونتيد الملكية أو من قلعة أورارتيان العسكرية في إيريبوني التي تأسست عليها مدينة يريفان المعاصرة. ويطل جبل آرارات، الذي يعتقد أن سفينة نوح رست عليه، وتذكر القصص الشعبية المتواترة أن نوح صرخ عندما انحسر الفيضان عن جبل آرارات يرفاتيس أي لقد ظهر!.