نشرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية تقريراً يضيء على الماضي العريق للعاصمة أبوظبي، لافتةً الشبكة الإخبارية إلى أن الإمارة تضم مجموعة من مواقع التراث العالمي لليونسكو، إضافة إلى بعض الحصون الأكثر حفظًا في البلاد، والتي تعرض موقعها الجغرافي الرئيسي على مرّ القرون، وتحكي قصة ارتباط الشعب الإماراتي بكل من البر والبحر.

وفي مدينة العين، التي تقع على بُعد رحلة قصيرة بالسيارة، تتواجد بعض من جواهر الأجيال الماضية الأكثر سحراً، ومن بينها متحف حي يكرّم الجذور البدوية في البلاد.

وتُعتبر مدينة العين، وهي مسقط رأس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وجهة لا غنى عنها لزوار الإمارات لاستكشاف ثقافتها، وتراثها الأصيل.

وكانت العين واحة خضراء حيوية على طريق القوافل المُمتد من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سلطنة عُمان، وهي الآن عبارة عن موطن لعدد من المواقع المحمية من قبل منظمة اليونسكو.

وإليك بعض الكنوز الأثرية والتاريخية الرئيسية في أبوظبي:

قصر الحصن

وكان قصر الحصن، الذي يعود إلى القرن الـ18، عبارة عن برج مراقبة واحد فقط. ومع نمو المُجمّع، أصبح القصر في النهاية مقرًا للسلطة حتّى أواخر الستينيات. وقالت المرشدة السياحية في الإمارة ناتالي ليزلي إنه "تتواجد قصص جميلة عن القصر يرويها أشخاص اعتادوا العيش حول هذا المكان".

وأضافت ليزلي: "كان باب القصر مفتوحًا إلى حدٍ كبير للأشخاص للتحدث إلى الشيوخ، والتعبير عن قلقهم". واليوم، لا يُعد القصر نقطة جذب رئيسية للسياح فقط، بل للإماراتيين أيضا، الذين يأتون ويجلسون في مقهى القصر للتعرّف إلى المكان الذي تحدّث عنه أسلافهم باعتزاز.

ويعرض القصر، الذي ظل قيد الاستخدام حتى الستينيات، الثقافة المحلية من خلال المعارض، والفعاليات المنتظمة أيضاً.

واحة العين

كانت واحة العين أول موقع تم إدراجه ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في دولة الإمارات.

ويقع الموقع في قلب المكان المعروف باسم The Garden City، ويعود تاريخه إلى أكثر من 4000 عام وهو دليل على أحد أنظمة الري الأولى في العصر الحديث.

ويأخذ النظام، المعروف باسم الفلج، المياه من جبال الحجر المجاورة عبر سلسلة من الممرات المائية الضيّقة التي لا تزال ظاهرة حتّى اليوم.

ويمكن للزوار استكشاف مسارات المشي عبر الموقع الذي يغطي أكثر من 1،200 هكتار، ويحتوي على أكثر من 147 ألف شجرة نخيل، و100 نوع من التمور.

ولم يتم تحديث نظام الفلج الذي يعود تاريخه إلى قرون إلا في القرن الـ20 عن طريق تركيب المضخات.

بدع بنت سعود

تُعد منطقة بدع بنت سعود كنزًا دفينًا لعشاق الآثار، وهي موقع قديم للقوافل يقع على بعد 25 كيلومترًا شمال العين.

وتتميز المنطقة بمبنى نادر من العصر الحديدي، ومدافن من العصر البرونزي عمرها 5 آلاف عام، بالإضافة إلى "جرن بنت سعود".

وتعلو ذلك المرتفع الصخري الذي يبلغ ارتفاعه 40 مترًا المناظر الطبيعية، مع احتضان قمته للعديد من المدافن الحجرية القديمة.

وأصبحت العديد من الاكتشافات في المنطقة، مثل الفخار، وشفرات الخناجر، والمجوهرات، ورؤوس الأسهم البرونزية معروضة الآن في متحف العين الوطني.

منتزه آثار هيلي

ويعود تاريخ هذه المنطقة إلى العصر البرونزي، والحديدي، وهي تُظهر دليلاً على الحياة القديمة التي كانت تحتضنها صحاري المنطقة.

واكتشف علماء الآثار قرى، ومقابر، وبُنى تحتية زراعية مما يُشار إليها الآن بفترة أم النار، والتي سميت نسبةً لاسم الجزيرة الواقعة قبالة ساحل أبوظبي، حيث اكتُشفت بقايا تلك الثقافة لأول مرة.

كما أن المنتزه يشكلّ موطنًا لأكبر مجموعة من المدافن والمباني في دولة الإمارات، والتي تعود لتلك الفترة.

مدافن جبل حفيت

ويحتضن جبل حفيت، وهو أعلى قمة في أبوظبي، 500 مدفن تقريبًا تعود إلى 5 آلاف عام، والتي تمثّل بداية العصر البرونزي في دولة الإمارات.

واكتُشفت المدافن لأول مرة من خلال عمليات التنقيب في عام 1959.

وفي المدافن التي تشبه أكواخ الأسكيمو، وجد علماء الآثار أواني خزفية، وقطع أثرية نحاسية أظهرت أهمية التجارة البحرية عبر الخليج.

ورأت ليزلي أن هذه المدافن من إحدى "الجواهر الخفية" في أبوظبي، إذ قالت: "لا يعرف غالبية الأشخاص عن جميع هذه الاكتشافات في هذه المنطقة".

وأضافت ليزلي: "رغم كون الإمارات العربية المتحدة دولة حديثة العهد نسبيًا، إلا أنها تتميّز باكتشافات قديمة تُثبت أن هذه المنطقة كانت ذات يوم مكانًا مزدحمًا صُنع فيه التاريخ".

حصن المقطع

وتم تشييد هذا الحصن الصغير والمهم عند بوابة الجزيرة الرئيسية في أبوظبي في أواخر القرن الـ18 باستخدام مواد أساسية مثل الحجارة المرجانية، وصخور الشاطئ، والرمال.

وقام البرج بحماية أبوظبي لأعوام عديدة.

وشرحت ليزلي: "في الوقت الذي تطور فيه قصر الحصن إلى مكان بأهمية كبيرة للسكان المحليين، أصبح حصن المقطع مكانًا للراحة للقادمين إلى أبوظبي".

متحف قصر العين

وكان المتحف ذات يوم منزل أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ زايد، وعاشت فيه الأسرة الحاكمة حتى الستينيات قبل أن تجعل من الإمارة موطنًا دائمًا لها مع تحوّل الجزيرة الرئيسية في أبوظبي إلى عاصمة سياسية واقتصادية.

ويمكن للزوار الحصول على لمحة عن الحياة داخل القصر الذي يقف كذكرى للوقت الذي سبق اكتشاف النفط.

وبعد تحويله إلى متحف، يمكن للزوار رؤية الروابط الحاسمة بين الماضي، والحاضر، وتقدير تحوّل أبوظبي السريع من الحياة البدوية إلى الرخاء الحديث.

وقالت شمسة النقبي، وهي مرشدة سياحية إماراتية: "إذا كنت من محبّي التاريخ، وترغب في التعرّف إلى العائلة المالكة، والعمارة التقليدية في هذه الفترة، فهذا هو المكان المثالي للذهاب إليه".

كنيسة ودير جزيرة صير بني ياس

تقع جزيرة صير بني ياس في المنطقة الغربية بعيدًا عن المسار المطروق، ويمكن الوصول إليها بالقارب، أو عبر طائرة من أبوظبي عبر منتجع "أنانتارا" الذي يدير السياحة في هذه الجزيرة.

وأوضحت ليزلي أنه تم اكتشاف الكنيسة والدير في أوائل التسعينيات، وهذا هو الموقع المسيحي الوحيد السابق للإسلام، والموجود في دولة الإمارات.

ويُعتبر الموقع بمثابة مصدر لمئات القطع الأثرية التي تقدّم لمحة عن الحياة خلال هذه الفترة.

وقالت ليزلي: "استخدم سكان هذه المستوطنة البحر كمصدر للغذاء".

وتُعتبر جزيرة صير بني ياس الآن محمية للحياة البرية تحتضن مجموعة واسعة من الحيوانات المحمية، من المها العربي، إلى الغزلان، والتي يمكن للزوار مشاهدتها مباشرة أثناء رحلات السفاري.