في عام شهد بداية تغيير في التسلسل الهرمي التقليدي للمدن العالمية، تمكنت دبي من الحفاظ على مكانتها الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث جاءت بالمرتبة 23 عالميًا للعام الثالث على التوالي ضمن قائمة أفضل 25 مدينة عالمية، وفقًا لمؤشر كيرني للمدن العالمية لعام 2023.

وأشار التقرير إلى أن العديد من المدن الرئيسية الناشئة حول العالم، ولاسيما من الشرق الأوسط، قد شهدت تحسناً كبيراً في أدائها على مؤشر المدن العالمية، رغم المشهد العالمي المتغير والكشف عن توزيع جديد للفرص عبر مناطق مختلفة. فعلى سبيل المثال، صعدت أبوظبي 10 مراكز في التصنيف العالمي، لتعزز بذلك مكانتها كإحدى المراكز العالمية الرائدة.

مؤشر المدن العالمية

يهدف مؤشر المدن العالمية إلى قياس قدرة المدن على جذب التدفقات العالمية لرأس المال والأشخاص والأفكار، والاحتفاظ بها وتوليدها. ويتم قياس المدن من خلال خمسة أبعاد رئيسية تشمل النشاط التجاري ورأس المال البشري وتبادل المعلومات والتجربة الثقافية والمشاركة السياسية. استقر متوسط درجات المؤشر بعد عدة سنوات من الانخفاض، مع تحسن ملحوظٍ في أداء العديد من المدن في الشرق الأوسط وأفريقيا. وعلى وجه التحديد، شهدت العديد من عواصم دول الخليج تحسناً كبيراً في نتائجها الإجمالية؛ حيث تقدمت كل من الرياض ومسقط والدوحة بواقع تسعة وثمانية وسبعة مراكز على التوالي. ويُعزى هذا النمو بشكل أساسي إلى الأداء القوي لرأس المال البشري القوي؛ إذ استفادت هذه المدن من عودة حركة السفر العالمية إلى مستوياتها ما قبل مرحلة الجائحة واستقطاب أعداد كبيرة من المواهب والسياح.

في هذا السياق قال رودولف لومير، الشريك في المعهد الوطني للتحولات، كيرني الشرق الأوسط: «مع عودة التجارة العالمية إلى مستوياتها الطبيعية، تمكنت المدن الرئيسية في منطقة الخليج من ترسيخ مكانتها كمراكز للازدهار والمرونة والفرص. وأشار إلى أن هذه المدن تمكنت من تحقيق مرونة في اقتصاداتها رغم الظروف العالمية المتغيرة، بفضل قدرتها على تعزيز جاذبية العيش واستقطاب المواهب، مما جعلها نموذجًا للنجاح في مرحلة ما بعد الجائحة. وأضاف لومير: إن التزام هذه المدن بتحقيق رؤى وطنية طموحة والحفاظ على عقلية متجددة يظهر واضحاً من خلال النتائج الإيجابية التي حققتها.»

النظرة المستقبلية للمدن العالمية

بينما يقيس مؤشر المدن العالمية GCI الأداء الحالي للمدن العالمية، يهدف تقرير النظرة المستقبلية للمدن العالمية GCO إلى التنبؤ بالإمكانيات المستقبلية للمدن؛ حيث يكشف هذا المؤشر أيضاً عن توزيع جديد للفرص عبر مناطق مختلفة. كما أظهر التقرير أن المدن الأوروبية حافظت على حضورها القوي في المراكز الثلاثين الأولى، في حين قفزت بعض المدن الرئيسية في آسيا، بما في ذلك سيول وأوساكا وتشيناي، إلى مراكز متقدمة على هذا المؤشر.

أما بالنسبة للمدن غير الرئيسية في الولايات المتحدة، فكان أدائها جيدًا رغم الاضطرابات التي شهدتها في السنوات القليلة الماضية؛ حيث نجحت في جذب المواهب ورؤوس الأموال، مما عزز حضورها كمنافس قوي للمدن العالمية الكبرى. ومن المتوقع أن يؤدي التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي والاتجاه نحو العمل عن بُعد إلى تقليل أهمية الوجود الفعلي للأشخاص في المجالات المرتبطة تقليديًا بالمدن الكبرى، مما قد يتسبب في حدوث اضطراب أكبر للمدن العالمية.

من جانبها قالت برينا باكستاف، مدير المعهد الوطني للتحولات، كيرني: «في ظل المشهد العالمي المتغير لتوزيع الفرص، لا يمكن للمدن العالمية ضمان بقائها في صدارة التصنيف العالمي. وأشارت إلى أن التسلسل الهرمي التقليدي للمدن العالمية الرئيسية سيشهد تغييراً في المستقبل في ضوء انتشار فرص النمو الاقتصادي وتعزيز الإنتاجية بفضل الابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي. واختتمت بالقول: إن المدن التي تتبنى نموذجًا متجددًا يمتاز بالمرونة والرؤية المستقبلية، ستكون قادرة على المنافسة في هذا التصنيف العالمي».