تترقب أسواق المال المحلية عودة قطار الاكتتابات الأولية، خلال العام الجاري، بعد توقف دام أكثر من 3 سنوات متتالية، منذ طرح شركتي «إعمار للتطوير» و«أدنوك للتوزيع» نهاية 2017. وقال مسؤولون وخبراء بأسواق المال لـ «البيان الاقتصادي»، إن شركات عدة تتحين الوقت المناسب لطرح أسهمها، الأمر الذي يجعل من الإمارات سوقاً قوية للاكتتابات العامة خلال 2021.
وأضافوا أن الاكتتابات الأولية التي تم طرحها سابقاً لا تزال ضمن القطاعات التقليدية، بما في ذلك الشركات العقارية والبنوك وتجارة التجزئة والطاقة، وقد لا يستعيد المستثمرون حماسهم للإصدارات كما كان قبل الجائحة، متوقعين إقبال المزيد من الشركات في الصناعة والتكنولوجيا والرعاية الصحية على الاكتتابات في المستقبل.
وتوقف قطار الطروحات الأولية في الإمارات خلال أعوام 2018 و2019 و2020، وبقيت الأسواق من دون اكتتابات جديدة منذ نهاية 2017 بعدما طرحت شركتا «إعمار للتطوير» و«أدنوك للتوزيع» أسهمهما.
وبحسب توقعات «إرنست ويونغ»، هناك عدد من الاكتتابات العامة الأولية قيد الإعداد في الإمارات، والتي تعتبر مؤشراً إيجابياً في 2021، وتدرس ما لا يقل 4 شركات فكرة الإدراج في سوقي دبي وأبوظبي الماليين، وذلك من 30 شركة في أسواق المال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.إصدار تشريعات
قال الدكتور عبيد الزعابي، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، إن طرح أسهم الشركات والمؤسسات وإدراجها في الأسواق المالية يساعد هذه الشركات وكذلك المؤسسين والإدارات التنفيذية فيها على تعزيز وجودها ودعم متانتها المالية والتشغيلية، وسيعمل على تهيئتها للمنافسة العالمية وتفعيل دورها لبناء اقتصاد أكثر قدرة على مواجهة التحديات وإيجاد فرص عمل جديدة.
ولفت إلى أن من أهم العوامل التي تسهم في عودة النشاط إلى الاكتتابات الأولية هو ارتفاع أحجام التداول والسيولة بالأسواق الثانوية لفترة زمنية مناسبة ومتواصلة تؤدي إلى ارتفاع مستوى الثقة، ما يمكن الشركات من جذب الاستثمارات من خلال الاكتتابات الأولية.
وأشار إلى أن الاكتتابات الأولية تتميز بقدرتها على تعزيز الأسواق المالية وتنشيط سيولتها وجذب مستثمرين جدد بما يجعلها أحد أهم الموارد المالية لتمويل الشركات.
طلبات الإدراج
وتسلمت الهيئة عدداً من طلبات الإدراج والإصدار الأولي، ويُنتظر أن يشهد النصف الأول من 2021 عدداً من الإدراجات، والإصدارات الأولية، ووفقاً للهيئة ستبدأ الإصدارات الأولية في الربع الأول، وستصل ذروتها مع انتصافه، ومن المنتظر أن تكون الإصدارات الجديدة لشركات تعمل بقطاعات التكنولوجيا، والاتصالات، والخدمات الصحية، والتأمين.
إشارات مشجعة
قال محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في شركة «الظبي كابيتال»، إن ارتفاع مستويات السيولة في الأسواق تعتبر من العوامل الرئيسية التي يجب الارتكاز عليها عند الطرح الأولي، لافتاً إلى أن الأسواق بدأت تشهد زيادة في أحجام وقيم السيولة مع أواخر العام الماضي وبداية العام الحالي، وهو ما يعطي إشارات مشجعة للمستثمرين وأصحاب الشركات الذي يعتزمون إجراء عملية طرح أولي خلال العام.
وأضاف أنه يجب أن تكون الشركات عند مكرر ربحية (ناتج قسمة سعر السهم على ربحيته) جيد يشجع المستثمرين نحو الإقبال على الاكتتابات الجديدة من خلال تخفيض قيمة مكرر الربحية لجعل الاكتتاب أكثر جاذبية، مبيناً أن الشركات المدرجة في أبوظبي تتداول عند مكرر ربحية 14 مرة في أبوظبي و11 مرة في دبي بنهاية العام الماضي.
وأشار إلى أن الأسواق المالية ما زالت بحاجة لاكتتابات نوعية تساهم في تحقيق الغاية المنشودة منها والمتمثلة في تعميق السوق الثانوي ورفع جاذبيته أمام المستثمرين.
آفاق إيجابية
قال وضاح الطه الخبير بأسواق المال، إن آفاق الاكتتابات العامة في أسواق الإمارات تبدو إيجابية في ظل استمرار صلابة ومتانة أساسات الاقتصاد الكلي للدولة ونجاحه في التصدي للجائحة.وأكد على أهمية تلك الاكتتابات الجديدة في إعادة تعزيز الثقة بالأسواق المالية من جديد بعد الإعلان عن حالات إفلاس وإيقاف التداول بسبب الخسائر المتراكمة.
وأضاف أن الأسواق ما زالت لا تعكس قوة الاقتصاد وقطاعاته المتنوعة بالشكل الصحيح، موضحاً أن أسواق الأسهم لا تمثل سوى عدد محدود من القطاعات التقليدية كالبنوك والاتصالات والعقارات، أما بقية القطاعات الاقتصادية المهمة الأخرى فهي غير ممثلة.
وأشار إلى ضرورة أن تكون الشركات المخطط لإدراجها إضافة جديدة وليس تكرار لقطاعات موجودة حالياً في الأسواق، على أن تكون تلك الشركات من الفئة ذات الحضور الأكبر السمعة الجيدة والأداء التشغيلي القوي.
انتعاش متوقع
توقع طارق قاقيش، المدير التنفيذي لشركة «سولت» للاستشارات المالية، انتعاش عمليات الطرح الأولي خلال 2021، لا سيما بعد أن أصبح اللقاح ضد الفيروس متوفراً في الدولة، مضيفاً أن الاكتتابات الأولية شهدت غياباً كاملاً أو تراجعاً ليس في الإمارات فقط بل على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وذلك نتيجة لتداعيات الجائحة، والتي أدت لتأخير الاكتتابات العامة الأولية المخططة مسبقاً.
مضيفاً أن تحسن السيولة وعودة الثقة في الأسواق يساعدان على جذب مزيد من الطروحات الأولية، خصوصاً وأن السوق المحلي لا يزال جاذباً نتيجة البنية التشريعية القوية.
وأوضح أن التعديلات الأخيرة التي شملها المرسوم بقانون الشركات التجارية الصادر أخيراً، والتي تلزم الشركات الراغبة في التحول إلى مساهمة عامة ببيع ما لا يزيد على 70% من أسهمها مقابل 30% سابقاً ستنشط قطار الطروحات الأولية، وستجذب مزيداً من المستثمرين بمن فيهم الأجانب والمؤسسات الدولية للأسواق المحلية.
نشاط قوي
توقع فهيم عزيز، الرئيس التنفيذي لشركة «صفا كابيتال» أن يكون عام 2021 نقطة تحول لأسواق المال مع نشاط قوي لسوق الاكتتابات في الربع الأول، مضيفاً أن سوق الاكتتابات في الدولة شهد غياباً ملحوظاً العام الماضي.
وأضاف أن إطلاق سوق «ناسداك دبي للنمو»، يهدف إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تملك آفاق نمو واسعة على زيادة رأس المال من خلال إدراج مبسط وتحقيق رؤية أكبر، وسوف يدعم هذا أسواق المال في دبي، مشيراً إلى أن تركيز الشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية والعالمية بشكل كبير على دبي سواء.