أصدر المصرف المركزي، أمس، نظام حماية المستهلك كأساس للإطار التنظيمي الجديد لحماية المستهلك المالي الذي يهدف إلى ضمان المعاملة العادلة والشفافية وحماية المستهلكين، التي تأخذ في الاعتبار من بين أمور أخرى إلزام المؤسسات المالية المرخصة تبني مبادئ التمويل المسؤول لتحديد المستوى المناسب لإقراض المستهلك.
ويحدد النظام الذي يستند إلى مبادئ تفصيلية، عدداً من الأهداف الرئيسة لضمان حماية مصالح المستهلكين عند استخدامهم لأي منتج أو خدمة مالية أو في علاقاتهم مع المؤسسات المالية المرخصة.
ويوفر النظام مجموعة واسعة من السلوكيات السليمة المتوقعة من المؤسسات المالية المرخصة. وتتضمن مبادئ النظام مجالات مختلقة مثل الإفصاح والشفافية والرقابة المؤسسية وسلوكيات السوق والأعمال وحماية بيانات المستهلك وخصوصيته. كما تحدد المبادئ مسؤوليات ممارسات التمويل المسؤول وإدارة الشكاوى وتسوية المنازعات وتثقيف وتوعية المستهلك والشمول المالي والامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية المتعلّقة بالخدمات المالية.
وتم دعم المبادئ التنظيمية بمعايير تفصيلية تضمن التطبيق الثابت للمؤسسات المالية المرخصة لهذه المبادئ والعمل بنزاهة وعدالة في معاملة المستهلكين الماليين.
إطار تنظيمي شامل
وقال معالي عبدالحميد سعيد محافظ المصرف إن النمو والتوسّع في القطاع المالي من حيث تعدد المنتجات والخدمات وتطور التكنولوجيا يسهم في زيادة تعقيد عملية اتخاذ القرار الصحيح من قبل المستهلكين، لذلك، قام المصرف بإصدار أول إطار تنظيمي شامل يحدد العلاقة بين مقدمي الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية ومستهلكيه، وذلك لضمان حماية المستهلك المالي واستمرارية الثقة في القطاع. وأضاف إن إصدار النظام يأتي ضمن حرص المصرف على تعزيز الشفافية والعدالة في تعامل المؤسسات المالية المرخصة مع عملائها، الأمر الذي يعزز تنافسية ونزاهة القطاع المصرفي والمالي ويسهم في استقراره.
وتم تصميم هذه الإجراءات بهدف تحسين جودة المعلومات التي تقدّمها المؤسسات المالية حول المنتجات والخدمات وتوفير وسيلة أكثر فعالية وكفاءة لتسوية النزاعات، بما في ذلك اشتراط كل مؤسسة مالية مرخصة بوضع آلية مستقلة وعادلة لتسوية الشكاوى التي من شأنها تلقي شكاوى المستهلكين ومعالجتها. كما أنها تأخذ في عين الاعتبار وضع المستهلكين المالي، بحيث يتوجب على المؤسسات المالية المرخصة تبني مبادئ التمويل المسؤول لتحديد المستوى المناسب لإقراض المستهلك.
ويستند النظام الجديد على مرسوم بقانون اتحادي رقم 14 لعام 2018 بشأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية والذي منح المصرف المركزي تفويضاً موسعاً لوضع الأنظمة والمعايير لحماية عملاء المؤسسات المالية المرخصة.
تطور تكنولوجي
وقال جمال صالح، مدير عام اتحاد مصارف الإمارات، مدير مشارك في لجنة حماية المستهلك في الاتحاد إن النظام يأتي نظراً للظروف الراهنة التي يشهدها العالم وفي ظل تعدد المنتجات والخدمات وتطور التكنولوجيا، والتوجه الواسع للخدمات الإلكترونية والأنشطة المصرفية والمالية والتجارية المنوطة بها، وهو ما اقتضى تطوير سياسات حماية المستهلك في مختلف دول العالم وفي مقدمتها دولة الإمارات.
وأضاف إن النظام الجديد يهدف لتثقيف المستهلك، ولضمان توفير البيئة الملائمة والآمنة للمستهلك عند تلقي الخدمات المصرفية والمالية، والحصول على المعلومات الصحيحة عن هذه المنتجات أو الخدمات التي يتلقاها بشفافية وعدالة، ولإلزام المؤسسات المالية المرخصة الرقابة المؤسسية وإدارة الشكاوى وحماية بيانات المستهلك المالي وخصوصيته، ضمن إطارٍ تنظيمي شامل يحدد العلاقة بين مقدمي الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية ومستهلكيها.
حماية المستهلك
وقالت الخبيرة المصرفية عواطف الهرمودي، إن النظام يصب في مصلحة العملاء والمستهلكين، لاسيما أنه يركز التزام البنك عند طرح المنتج على العميل أن يكون الطرح واضحاً وكامل التفاصيل ويتسم بالدقة واللغة البسيطة حتى مرحلة ما بعد شراء المنتج.
وأضافت أن المطلوب من البنوك في الفترة القادمة هو الالتزام بتطبيق جميع بنود النظام من ناحية الشفافية والإفصاح والرقابة المؤسسية وحماية البيانات والخصوصية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أهمية أن يعي العميل أو المستهلك بجميع حقوقه وواجباته وأن يعرف ما له وما عليه.
خدمات ومنتجات
وقال الخبير المصرفي أحمد عرفات، إن إصدار هذا النظام في هذا التوقيت يهدف في الأساس إلى حماية المستهلك من خلال إطار تنظيمي جديد يتناسب مع الظروف والتطورات التي يشهدها العالم بعد جائحة «كوفيد - 19». وأوضح أن المركزي من خلال هذا النظام يحمي مصالح المستهلكين عند استخدامهم أي منتج أو خدمة مالية وأيضاً من خلال التعامل مع المؤسسات المالية نفسها، وكذلك حماية معلومات وبيانات المستهلكين، ولا سيما بعد قيام عدة شركات مؤخراً بجمع معلومات العملاء الراغبين في الحصول على قروض وبيعها، وبالتالي سيكون هناك حماية للعملاء من سرقة بياناتهم إذ تتضمن مبادئ النظام مجالات مختلفة مثل الإفصاح والشفافية والرقابة المؤسسية وسلوكيات السوق والأعمال وحماية بيانات المستهلك وخصوصيته.
تعزيز الشفافية
اتفق مع الآراء السابقة، الخبير المصرفي أحمد يوسف، مشيراً إلى أن المصرف المركزي يحرص على تعزيز الشفافية في القطاع من خلال نظام جديد يحمي المستهلكين ويحفظ حقوقهم وخصوصاً في ظل التطورات التي يشهدها العالم بعد الجائحة وتزايد حالات النصب في القطاع المصرفي، مشيراً إلى أن النظام سيكون ذا مردود إيجابي على القطاع وسيزيد الثقة بما يعزز تنافسية القطاع ومكانته إقليمياً وعالمياً. وأضاف يوسف إنه بحسب النظام الجديد سيكون هناك آلية مستقلة وعادلة لتسوية الشكاوى تحت رقابة المصرف المركزي، ما سيساهم في إنهاء أي نزاعات بين العميل والبنك في وقت قياسي وبالتالي زيادة شفافية القطاع، مشيراً إلى أن النظام الجديد يواكب التطورات التي تشهدها الإمارات في أنظمتها المالية والمصرفية بما يعزز من مكانتها ويزيد ثقة المستثمرين بقطاعها المصرفي.
ثقافة التمويل
وقالت رولا أبو منة، الرئيس التنفيذي لبنك ستاندرد تشارترد في الإمارات، إن النظام من شأنه أن يعزز ثقافة التمويل المسؤول بين المؤسسات المالية ما سيساهم في رفع مستوى التنافسية والنزاهة بين تلك المؤسسات، مضيفاً إن هذا القرار يعزز من مكانة الإمارات كبيئة استثمارية مواتية للأعمال وذلك بمواصفات عالمية الأمر الذي يتسق مع خطة الدولة للخمسين عاماً القادمة والتي تحرص على خلق رؤية موحدة تلتفّ حولها فئات المجتمع كافة، لتكون دولة الإمارات الأفضل في جودة الحياة على مستوى العالم.
معايير وأطر
وقال المستشار الاقتصادي الدكتور علي صادق، إن خطوة المصرف المركزي مهمة جداً لأن سلامة الاقتصاد تؤثر في سلامة القطاع المالي والذي بدوره أساس لنمو وتطور الاقتصاد. وأضاف صادق: المستهلك هو الطرف الأضعف في العلاقة مع المؤسسات المالية ولذلك جاء هذا النظام ليضع معايير وأطراً للعلاقة وفك الاشتباك بين الجهاز المالي بما فيه المصارف والمستهلكون. فإذا كانت العلاقة جيدة يكون الاقتصاد جيداً. وسيؤدي هذا النظام إلى تسهيل التعامل مع المصارف وخصوصاً المؤسسات الصغيرة والأفراد الذين ليس لديهم خبرة في التعامل مع البنوك على نقيض الشركات الكبيرة.