على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجه انتشار السيارات الكهربائية عالمياً، إلا أن الأمر يختلف في الإمارات التي توافقت خطواتها الحالية مع رؤيتها لمستقبل تركز فيه الدولة على تحسين جودة هوائها والحفاظ على مواردها، وزيادة مساهمة الطاقة النظيفة وتنفيذ خطط النمو الأخضر، فضلاً عن المكاسب الاقتصادية التي ستتحقق من انتشار السيارات الكهربائية على طرقاتها.

ومثلما أجمع خبراء على عدد من التحديات التي تواجه انتشار السيارات الكهربائية عالمياً، أبرزها: تكلفة امتلاك السيارة الكهربائية، وصعوبة الوصول إلى محطات الشحن، ونطاق السير بشحنة واحدة، إلا أن هذه التحديات باتت محركات دفع لانطلاقة أسرع لانتشار السيارات الكهربائية في شوارع الإمارات.

وفي الوقت الذي رأى خبراء صناعة السيارات أن السيارات الكهربائية هي سيارات المستقبل، حيث إن مبيعاتها في جميع دول العالم ارتفعت إلى 2.3 مليون سيارة بنهاية 2020 بنمو 22%، إلا أن الإمارات اتخذت عدداً من القرارات الجريئة لتؤكد على خطاها المتسارعة في التحول نحو السيارات الكهربائية، وفي هذا الإطار نجد أن الدولة نجحت في تحويل 20% من أسطول سياراتها التابعة للجهات الحكومية إلى سيارات كهربائية، كما تستهدف دخول 42 ألف سيارة كهربائية إلى شوارعها بحلول 2030.سوق مهمة

وأكد لؤي الشرفاء، الرئيس والمدير التنفيذي لدى «جنرال موتورز أفريقيا والشرق الأوسط»، أن الإمارات تعتبر سوقاً مهمة لشركة «جنرال موتورز» فيما يخص السيارات الكهربائية، حيث تتزايد مبيعات الشركة من هذا النوع من السيارات بشكل كبير. وأضاف إن الإمارات تمتلك كل المقومات التي تؤهلها للصدارة في التحول نحو التنقل الكهربائي خلال السنوات القليلة المقبلة.

وأضاف: فيما يتعلّق بالمركبات الكهربائية على طرقاتنا في الإمارات، قمنا حالياً بالكشف عن «شفروليه بولت EUV» في المنطقة، وكان قد جرى إطلاق هذه السيارة في 2017 وغيّرت قواعد اللعبة في مجال المركبات الكهربائية، حيث وفّرت التقنية الكهربائية بالكامل على نطاق واسع في السوق.

تحول

من جانبه، قال ميشال عياط، الرئيس التنفيذي للعربية للسيارات: إن المجلس الأعلى للطاقة في الإمارات يتطلع لزيادة عدد السيارات الكهربائية، لتصل إلى نحو 42 ألف سيارة بحلول 2030، وأرى أن هذا الرقم منطقي تماماً وممكن، والسوق سوف يستوعب ذلك في إطار تحول الدولة للاقتصاد الأخضر.

وأضاف إن المستقبل للسيارات الكهربائية، لأن السيارات الحالية بمحركات الاحتراق الداخلي في سبيلها إلى التراجع، كما أن السيارات الهجين كذلك تعتبر مؤقتة، أما السيارات الكهربائية، فهي المستقبل من وجهة نظر واقعية.

أما بالنسبة لما يثار من تساؤلات حول أن السيارات الكهربائية ليست عملية للمستهلك، فهذا أمر مردود عليه، لأننا نجد الآن السيارات يمكن قيادتها لمسافات تصل إلى 600 كيلو متر وأكثر، وهناك ابتكارات متواصلة بشكل متسارع ومذهل. وأكد أن المستقبل للسيارات الكهربائية، ولكن المسألة تحتاج إلى دعم التكلفة، حتى تنخفض أسعارها، وتصبح في متناول المواطن العادي.

2020

بدوره، قال أوسكار ريفولي، مدير عام شركة المشروعات التجارية - فولفو: «يُمكننا القول إن 2020 هو عام السيارات الهجينة بالنسبة لشركة فولفو للسيارات في الإمارات، رغم الجائحة، لا سيما أننا طرحنا باقة واسعة من المركبات الهجينة القابلة للشحن عبر مُختلف فئات السيارات الرياضية متعددة الأغراض وسيارات السيدان.

ونحن متحمسون للغاية لكوننا جزء من خطط فولفو للسيارات لإنتاج المحركات الكهربائية ضمن استراتيجية التحول نحو اعتماد الطاقة الكهربائية، خصوصاً مع طرح أول سيارة كهربائية من فولفو في الدولة. ومن موقعنا الريادي في قطاع السيارات في الإمارات، نُشجع في شركة المشروعات التجارية الجميع على قيادة السيارات الكهربائية بما يتماشى مع رؤية الإمارات 2021 للتنمية المستدامة».

من ناحيته، قال ماثيو ديفيدسون، رئيس خدمات السيارات في «دوبيزل موتورز» إن الإمارات تبذل جهوداً قوية لتسهيل امتلاك المركبات الكهربائية، مع قيام هيئة كهرباء ومياه دبي بتركيب محطات شحن كهربائية للسيارات في دبي، ومن المتوقع استمرار نمو أعدادها في المستقبل القريب، وأن ينضم المطوّرون العقاريون إلى هذه الجهود عبر تثبيت محطات الشحن في مشاريعهم الجديدة.

وأوضح: تُعد المسافات عاملاً مهماً عند الاختيار بين السيارة الكهربائية والهجينة، فإذا اعتاد الشخص القيام برحلات طويلة أو التنقل بين الإمارات المتجاورة للعمل مثلاً، من المهم وضع متوسط المسافات المقطوعة لليوم الواحد في الاعتبار ومقارنتها بالمدى الأقصى للسيارة عند الشحن الكامل، وعدد الرحلات التي يمكن القيام بها بعد كل عملية شحن.

وتابع: تعتبر قيمة إعادة البيع من المخاوف الرئيسية لدى البعض عند شراء سيارة كهربائية مستعملة أو هجينة. ففي حين تشترك السيارات الهجينة والكهربائية في المشكلات التقنية المحتملة نفسها، إلا أنّ الأولى تتمتع بطلب أكبر وقيمة إعادة بيع أقوى حتى بعد سنوات عدة من الاستخدام.

اهتمام بالبيئة

وقال راكيش ناير، المدير التنفيذي للعلامات التجارية الأوروبية «ستيلانتيس الشرق الأوسط»، إن العملاء حالياً باتوا أكثر وعياً بالبيئة، وبالتالي أصبحوا أكثر اهتماماً بالآثار البيئية الإيجابية التي توفرها قيادة المركبات الكهربائية.

وأضاف: يوجد الآن إقبال أكبر بشكل عام تجاه المركبات الكهربائية لأسباب أهمها انبعاثات الوقود المنخفضة وصولاً إلى استخدام التكنولوجيا المتقدمة المتزايدة. وسيستمر هذا النهج في النمو من قوة إلى قوة، إذ سيقل شعور العملاء بالقلق بشأن مدى سير وتكلفة امتلاك السيارات الكهربائية، مع زيادة الإنفاق على البنية التحتية.

وتابع: تتمثل المخاوف الرئيسة في فهم تكلفة امتلاك سيارة كهربائية. ومع زيادة مبيعات هذه السيارات، تصبح التكلفة النسبية لامتلاك سيارة كهربائية بدورها أكثر جاذبية، وثمة عقبة أخرى تتمثل بإمكان الوصول إلى محطات الشحن.

وفي حين أنها تتزايد بمعدل سريع في العديد من المدن، يسكن معظم السكان في مبانٍ وأبراج عالية، ولذا فإن توافر مرافق شحن كهربائية في هذه المباني سيكون مفتاحاً لتحسين معدل الإقبال على امتلاك هذه السيارات.

وأضاف: هناك ما يقلق العديد من العملاء المحتملين وهو نطاق سير السيارة الكهربائية بشحنة واحدة، ولكن في حين أن المركبات الكهربائية الحديثة لديها نطاقات سير لمسافات أطول إلى جانب توافر محطات شحن تستغرق وقتاً أقل لشحن السيارات، فإن امتلاك سيارة كهربائية لا يزال يعني التخطيط لرحلتك حول وفي محيط محطات الشحن، بينما يختلف الأمر مع السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي (ICE)، فهناك محطات وقود متاحة بسهولة. بمجرد تطوير البنية التحتية، سنرى المزيد من العملاء يضاعفون ثقتهم بالمركبات الكهربائية.

اهتمام

وحول مدى تفاعل المستهلكين مع المنتج.. قال: بعد أن أصبحت السيارات الكهربائية متاحة بسهولة، بات هناك بالفعل اهتمام متزايد من المستهلكين. ومن ضمن ما رأيناه أن العملاء المحتملين الذين يتطلعون إلى التحوّل من السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي إلى السيارات الكهربائية يبحثون عن حلول وسطية، ولذلك يختارون بدورهم سيارة كهربائية هجينة.

وأكد أن الإمارات تلعب دوراً رئيساً في نمو التنقل الكهربائي في المنطقة مع وجود أكثر من 240 محطة شحن للسيارات الكهربائية في جميع أنحاء الدولة مستوحاة من الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021، إذ تركز الدولة على تحسين جودة الهواء والحفاظ على الموارد المائية، وزيادة مساهمة الطاقة النظيفة، وتنفيذ خطط النمو الأخضر والحفاظ أيضاً على البيئة.

تقرير

وتنامت شعبية السيارات الكهربائية في الإمارات بشكل كبير، ويرجع ذلك في الأساس بسبب الحوافز التي قدمتها الحكومة والبنوك وتجار السيارات فضلاً عن نمو واردات الإمارات من السيارات الكهربائية.

وتوقع تقرير سابق صادر عن غرفة دبي استمرار شعبية السيارات الكهربائية في فترة ما بعد زوال جائحة «كورونا»، وأن تحقق المبيعات العالمية للسيارات الكهربائية خلال 2021 نمواً نسبته 46%، بسبب المعايير الصارمة المتزايدة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والدعم الحكومي لشراء السيارات الكهربائية، وتوسع خيارات شراء السيارات الكهربائية بأسعار معقولة، وتنامي وعي المستهلك بشأن تغير المناخ.

مبادرة

وتدعم مبادرة «الشاحن الأخضر» التي أطلقتها هيئة كهرباء ومياه دبي لتوفير محطات شحن المركبات الكهربائية في مختلف أرجاء دبي، جهود الإمارة لتقديم حلول مبتكرة وصديقة للبيئة من خلال مساهمتها في تقليل الانبعاثات الكربونية من قطاع النقل والمواصلات ودعم استراتيجية دبي للتنقل الأخضر 2030.

وساهم تطوير الهيئة المستمر للمبادرة وزيادة عدد محطات شحن السيارات الكهربائية وإطلاق مجموعة من المحفزات في زيادة عدد السيارات الكهربائية والهجينة في الإمارة.

ووصل إجمالي عدد المركبات الكهربائية في دبي حتى الربع الأول 2021 إلى 2473 مركبة، فيما بلغ عدد المركبات الهجينة 6016 مركبة، ما يجعل إجمالي المركبات الخضراء المسجلة في دبي يسجل 8489 مركبة.

وكذلك بلغ عدد السيارات الحكومية الكهربائية في دبي 258 مركبة، فيما وصل عدد السيارات الحكومية الهجينة إلى 2653 مركبة.

مزايا

واستفاد قطاع السيارات الكهربائية في الإمارات من عدد من المزايا التي وفرتها الدولة للمساعدة على انتشار هذا النوع من السيارات، جاء في مقدمتها العروض المغرية من العديد من البنوك للتمويل بأسعار فائدة تفضيلية، مع إمكانية الاسترداد النقدي الكامل لقيمة رسوم معالجة وتنفيذ طلب الشراء، وذلك تنفيذاً لتعميم وجهه مصرف الإمارات المركزي لكل البنوك وشركات التمويل الوطنية والأجنبية يطالبها فيه بالنظر في منح تسهيلات بأسعار فائدة أو ربح تفضيلية لتمويل المركبات التي تعمل بالطاقة الكهربائية.

أيضاً من بين المزايا التي شجعت العملاء على الشراء توفر منتجات تأمينية خاصة لهذا النوع من السيارات تشمل التأمين الشامل، ضمن الأسعار المحددة من قبل هيئة التأمين وبواقع 5% من قيمة السيارة كحد أقصى، على الرغم من زيادة المخاطر التأمينية على تلك النوعية من السيارات من حيث ضرورة إصلاحها في الوكالات.