برع الحاج سعيد أحمد بن ناصر بن عبيد آل لوتاه، رحمه الله، في مجالات أعماله التي اختطها لنفسه، وهي: الاقتصاد والتجارة، والمقاولات، والتربية والتعليم، والبنوك الإسلامية، لتكون منهج حياة ناجحة تواكب نهضة الإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية، بدأ الحاج سعيد حياته العملية مساعداً لوالده في تجارة اللؤلؤ، إذ عمل في اختياره، وإصلاحه وشرائه وبيعه، وهو لم يبلغ الثانية عشرة من عمره.
وحج بيت الله الحرام مع والده عام 1358 هجرية على ظهور الجمال، عابراً صحراء الربع الخالي، وراجعاً بالسفينة الشراعية، وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، وتزوج وهو يافع في سن التكليف.
وكان رحمه الله، مثالاً لجيل كافح شظف العيش فابتكر وساهم، مع جيل الروّاد، في قصة نجاح دبي والإمارات، وشعاره في الحياة (مطابقة القول العمل)، إذ التزم هذا المبدأ خلال رحلة استثنائية حافلة بالعطاء والإنجازات حتى وفاته. سيرة الحاج سعيد يجب أن تروى وتوثق وتنشر للأجيال الجديدة، لما فيها من عصامية فذّة وقدرة استثنائية على الكفاح والتحدي والصبر في الزمن الصعب.
حيث كان، رحمه الله، مثالاً للصبر والجلد منذ تحمله المسؤولية لأول مرة وهو شاب لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، إذ رشح قائداً وتاجراً في البحر ليقود سفينة شراعية في غمار بحر الخليج العربي والمحيط الهندي وبحر العرب.
إنجازات
ومن إنجازات الحاج سعيد في دبي، والتي لا تزال شاهدة على أثره الطيّب ووطنيته وإيمانه العميق بعروبته، تأسيسه منطقة بورسعيد في ديرة دبي، مخلداً بها انتصارات حرب بورسعيد وهي حرب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
كما أسس أول جمعية تعاونية استهلاكية في منطقة الإمارات ودول الخليج باسم «جمعية دبي التعاونية»؛ لتوفير اللحوم الإسلامية، عام 1972، وهي مستمرة حتى الآن، وأسس ولأول مرة «بنك دبي الإسلامي» عام 1975، ليكون بذلك أول بنك إسلامي في العالم الإسلامي والعربي والغربي، وكان رئيساً لمجلس إدارته لسنين عديدة.
وشارك، رحمه الله، في مجالس بلدية دبي لسنين عديدة، مرشداً ومفكراً وناصحاً أميناً ومهندساً عاملاً في عمران بلده دبي، فيما تولى رئاسة مجلس الإعمار في دبي، الذي أسسه بهدف تعمير دبي، وتابع تحت توجيهات القيادة الرشيدة في الإمارة، حركة النشاط والبناء والعمران في دبي لأكثر من عشرين سنة.
تقدير وتكريم
حاز الحاج سعيد في حياته العديد من الجوائز؛ تقديراً لمساهمته الفاعلة في مجتمعه ودولته، كان أبرزها: جائزة رئيس الدولة التقديرية عام 2011، وحصوله على جائزة الاقتصاد الإسلامي، كمؤسس لأول بنك إسلامي في العالم بتكريم خاص من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وذلك في 14 يناير 2015.
توفي الاقتصادي الكبير، الحاج سعيد، يوم الأحد 28 يونيو 2020، عن 97 عاماً، بعد حياة حافلة بالعمل والعطاء والإنجاز في قطاعات عدّة، ونعاه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في تدوينة لسموه عبر حسابه الرسمي على «تويتر»: «حط رحاله عند ربه اليوم الحاج سعيد أحمد آل لوتاه.. أنشأ أول بنك إسلامي في العالم، وكان تاجراً عصامياً له بصماته في اقتصاد دبي، له يد طولى في الخير.. وهو أب للكثير من الأيتام، عرفت فيه عقلاً راجحاً وحكمة وسكينة.. رحمك الله.. وتقبل عملك.. وألهم أهلك الصبر والسلوان».