ثمّة أسباب فنية تتعلق بخصائص الرقائق ساهمت في تعقيد أزمة أشباه الموصلات. وترتبط هذه الأسباب بحجم الرقاقة، فمن المعروف أن هناك حجمان شائعان للرقائق في السوق، حسب قياس قُطر رُقاقة السيليكون الدائرة، التي تنقسم إلى العديد من الرقائق الأصغر حجماً عند استخدامها في تصنيع الجهاز، والقُطران الشائعان هما 200 ملليمتر و300 ملليمتر.

وتتميز الرُقاقة ذات القُطر 300 ملليمتر بأنها أغلى ثمناً، كونها تدخل في تصنيع الأجهزة الأكثر تقدماً. ولكن على الرغم من ذلك، فثمّة انتعاش راهن في الطلب على الرُقاقة ذات القُطر 200 ملليمتر، كونها تدخل في تصنيع مجموعة أوسع نطاقاً من الأجهزة، فضلاً عن كونها أرخص سعراً.

تحذيرات

وبدأت التحذيرات من خطر النقص في المعروض من الرقائق ذات القُطر 200 ملليمتر تظهر في المنشورات والدوريات ذات الصلة منذ فبراير 2020، وهو الشهر الذي شهد بداية تفشي «كوفيد 19».

وتفاقمت الأزمة على نحو يثير الخوف مع استمرار تفشي الجائحة، وما فرضته من ممارسة ملايين البشر لأعمالهم اليومية عن بُعد، خوفاً من الإصابة بعدوى الفيروس المُسبب للجائحة، الأمر الذي أدى إلى زيادة خرافية في مستويات استخدام الحواسب النقّالة والهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة التقنية الحديثة التي تُعد من أكبر قنوات استهلاك الرقائق، فكانت الأزمة التي نعيشها اليوم. ولكن على الرغم من ذلك، لم تكن الجائحة هي السبب المباشر وراء الأزمة. ويقول كوز: «كانت جائحة «كوفيد 19» أشبه بالقطرة الأخيرة المُتبقية في دلو مليء بالماء».

تأخير الإنتاج

واليوم، باتت كبريات شركات تصنيع السيارات، مثل: «تويوتا»، «فورد»، و«فولفو» مُضطرة إلى تأخير، بل ربما في بعض الأحيان، إلى إيقاف إنتاجها بصفة مؤقتة في مصانعها. وليس حال شركات تصنيع الهواتف الذكية بأفضل، فقد حذرت شركة «آبل» من إمكانية تضرر مبيعات هاتف «آيفون» بسبب أزمة أشباه الموصلات.

وعلاوة على ما سبق، فحتى الشركات التي لا تحتاج عملياتها بالضرورة إلى رقائق الحاسوب، قد تضررت هي الأخرى من الأزمة، منها على سبيل المثال: شركة «سي إس إس آي انترناشيونال» الأمريكية، التي تنشط في مجال يُفترض أبعد ما يكون عن أشباه الموصلات، وهو تصنيع الماكينات المُستخدمة في تنظيف الكلاب ومُختلف الحيوانات الأليفة الأخرى. ففي واقع الأمر، تُعاني هذه الشركة الأمرّين بسبب نقص الرقائق أيضاً، لأن الرقائق ببساطة هي التي تتحكم في عمل ماكينات التنظيف.

وبدأ المستهلكون عبر مجموعة واسعة النطاق من القطاعات والصناعات يشعرون بتبعات النقص في أشباه الموصلات. ففي صناعة السيارات، بدأ المستهلكون يقبلون بصورة مكثفة على شراء السيارات المُستعملة، في ظل النقص الحاد في المعروض من السيارات الجديدة.

صناعة الرقائق ضارة بالمناخ والبيئة !

أشباه الموصلات تحكم مستقبل التطور التكنولوجي