تواصل دبي ترسيخ مكانتها كأفضل وجهات المعيشة والعمل، مع الارتقاء بجودة الحياة وتطوير الخدمات في كل المجالات، وقاد نمط الحياة العصري مجموعة عوامل؛ مثل فرص العمل والاستثمار والتنافسية والبنية التحتية القوية والأمان والاستقرار، إلى تدفق المستثمرين الجدد في مختلف القطاعات، في مقدمتها القطاع العقاري الذي شهد انتعاشاً بفضل تلك العوامل. 

وعلى الرغم من ارتفاع التكاليف وتقلّب الأسواق والاقتصادات بصورة عامة على مستوى العالم، ظلت دبي مستقرة وتواصل العديد من القطاعات فيها الازدهار والتوسع، ويضمن الموقع الاستراتيجي ورؤية القيادة الرشيدة استمرار دبي والإمارات في تعزيز مقوماتها الاستثمارية، كما أسهمت حزم التطوير الهيكلية والتنظيمية والتشريعية، التي تم إطلاقها مؤخراً بالتأثير إيجابياً على رغبة الأفراد والشركات في إنشاء قاعدة دائمة لهم هنا.

وبدأ المطورون العقاريون في مضاعفة جهودهم لمواكبة الطلب المتزايد، وكذلك مواكبة التغييرات التشريعية في متطلبات الملكية، والتي تُعتبر ضمن الأمور التي أسهمت جائحة «كوفيد 19» في إبرازها وتسليط الضوء عليها، ويعزو خبراء العقارات نمو القطاع العقاري في دبي خلال العام الماضي إلى إكسبو 2020 ودوره في دعم ذلك النمو، حيث لاحظوا زيادة في قيمة العقارات مقترنة بزيادة في الطلب على الصعيدين الإقليمي والدولي.

دعم

ويقول رجا علم الدين، الرئيس التنفيذي لشركة «لوتاه لتطوير العقارات»: إن الاستثمار في دبي بات أسهل من أي وقت مضى، خاصة مع الدعم الذي يقدمه القطاعان الحكومي والمالي، ويشير إلى أن عملاء الشركة، ممن كانوا مستأجرين في السابق، يتجهون لشراء عقارات سكنية وامتلاكها.

كما يرى المستثمرون فرص الشراء، بهدف الإيجار وخاصة الإيجارات قصيرة الأجل، وأكد أن الأمن والاستقرار الذي تتميز به دبي والإمارات يشجع الناس على البقاء لفترة أطول، ويعزز من ثقتهم في أمن استثماراتهم، إذ لم تعد دبي نقطة انطلاق في رحلة الوافدين، سواء سكنياً أو مهنياً، بل أصبحت الآن وجهتهم النهائية.

ووفقاً لتقرير نشرته «بيركشاير هاثاواي» عن العقارات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لعام 2022، يتوقع أكثر من 84% من خبراء العقارات أن تزداد المنافسة داخل سوق العقارات في دبي في المستقبل، بعد أن أثبت سوق العقارات في الإمارة مرونة ملحوظة خلال الوباء.

وبالإضافة إلى ذلك، توقع 77% من المشاركين في دبي، وهو أعلى رقم تم الإبلاغ عنه في دول أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، أن سوق العقارات سوف ينمو أكثر في العام المقبل، ويشير علم الدين إلى أن الجائحة أثبتت أن نمو الطلب على معظم أنواع العقارات، عندما يقترن بتوقعات قوية من الخبراء لمزيد من النمو، يشير إلى أن الحيوية والازدهار في قطاع العقارات في دبي ستستمر أكثر وأكثر.

وأشار إلى أن الدعم الذي تقدمه حكومة الإمارات للاقتصاد في مختلف القطاعات يسهم في تعزيز ثقة المشترين بأمان استثماراتهم، مشيراً إلى أن الحكومة سنّت العديد من التشريعات ووضعت الكثير من الشروط للتأكد من حصول المستثمرين على ما استثمروا به تماماً، ومن استيفاء المطورين لكل أهداف التسليم، والتي يتم فحصها بدقة من قبل السلطات التنظيمية، وأعرب عن ثقته بأن الحكومة ستواصل مراقبة السوق لضمان توجيه الإجراءات الصحيحة، خلال فترة النمو المتسارع لقطاع العقارات.

أفضل الخيارات

ويشير خبراء العقارات في دبي إلى أن داون تاون دبي، ودبي مارينا، و«بيتشفرونت» من إعمار، وميناء خور دبي، ولا مير، ونخلة جميرا، تشكل أفضل خيارات للشراء لأنها مناطق تم تطويرها بالكامل، مع بنية تحتية كاملة، بالإضافة إلى امتلاكها أفضل المرافق بحسب علم الدين، الذي يضيف: «بالنسبة للعديد من المشترين، ستكون العقارات ذات الأسعار الميسورة أكثر جاذبية في عام 2022.

لحسن الحظ، هناك تدفق مستمر من هذه العقارات من مطورين بارزين يواصلون إطلاق مشاريعهم المختلفة، بما في ذلك مشروعنا السكني الأخير، لوتشي ريزيدنسيز، الذي أطلقناه في لوتاه لتطوير العقارات بأسعار معقولة تلبي متطلبات العملاء في العصر الجديد مع مرافق معيشة حديثة وديناميكية.

ولا يشير الإسكان الميسور إلى السعر فحسب، بل يشير إلى المرونة في الدفع وتوافر تسهيلات الرهن العقاري، مما يوفر فرصاً رائعة لمزيد من الأشخاص لشراء منازل أحلامهم، أو الاستثمار بسهولة أكبر في حدود قدرتهم المالية».

عقارات فاخرة

كما لا تزال العقارات الفاخرة الراقية في الإمارات خياراً استثمارياً جذاباً، خاصة عند مقارنتها بالسعر مع المناطق العالمية الرائدة الأخرى مثل نيويورك ولندن وبكين وغيرها، وهنا يقول علم الدين: «لطالما كانت الشقق الفاخرة عنصراً أساسياً في عقارات دبي، خاصة العقارات المطلة على البحر، وكلما كان العقار جديداً، كان ذلك أفضل».

وتشهد سوق العقارات نمواً كبيراً في كل من خيارات الشراء من أجل التملك والشراء من أجل الإيجار، بعد أن كان السكان يستأجرون في السابق، بدأوا يفكرون الآن في امتلاك أول عقار لهم هنا.

رأينا قفزات هائلة في المشترين الراغبين في تأجير عقاراتهم. هذا دليل حتمي على أن استقرار وأمن البلاد، جنباً إلى جنب مع الحماية التي تلقاها السوق بشكل متزايد، والتي عززت من الثقة في السوق وفقاً لعلم الدين.

استثمار

وتحرص شركات الاستثمار البديل العالمية على الاستثمار في سوق العقارات في دبي، إلا أن القطاع بحاجة للمزيد من الفرص المؤسسية وضرورة تطوير اللوائح الواضحة الناظمة لهذه الفئة من الاستثمار، ويشير علم الدين إلى وجود حاجة للمزيد من العقارات عالية الجودة التي يمكن أن تجلب أنواعاً أكثر نضجاً من الاستثمارات إلى دبي على شكل استثمارات مؤسسية وصناديق تقاعد وصناديق استثمار عقاري، فوفقاً لتقرير توزيع الأصول «أسيت ألوكيشن إنسايت 2021» الصادر عن شركة إدارة الأصول «ميرسر»، تُعد صناديق التقاعد في دول مجلس التعاون الخليجي ثاني أكبر فئة من المستثمرين المؤسسيين بعد صناديق الثروة السيادية.

ومن المؤكد أن البنوك ستحرص على دعم المستثمرين المؤسسيين بتقديم قروض بفائدة فقط لهم إذا أصبح المقترضون منظمين، ويشير علم الدين إلى أن هناك المزيد من المستثمرين المؤسسين المهتمين بالاستثمار في الجانب السكني، وليس في المشاريع التجارية.