وفقاً لتقرير استطلاع رأي للمديرين والقادة الماليين الذي أعده قسم خدمات الاستشارات المالية والمحاسبية في EY، يجب أن يلعب القادة الماليون دوراً مؤثراً في برامج الاستدامة التي تشمل الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، فضلاً عن التركيز على تحول قسم الإدارة المالية من خلال الاعتماد بشكل أوسع على التكنولوجيا والبيانات والقدرات التحليلية.
أوضح التقرير الذي استطلع آراء أكثر من 120 مديراً وقائداً مالياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن 74٪ من القادة الماليين يشاركون في برامج الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، وأن مستوى مشاركتهم يتراوح بين المتوسط والمرتفع جداً. كما يرى 59٪ أن تطوير القدرات الرقمية والأتمتة للإدارة المالية يمثل أولوية قصوى. هذه النتائج موائمة مع استطلاع رأي سابق تم إجراؤه من قبل EY في عام 2020، حيث قال 56٪ من القادة الماليين أن تطوير القدرات الرقمية والأتمتة سيمثل أولوية قصوى عند انحسار أزمة جائحة فيروس «كورونا» المستجد.
وسلط التقرير الضوء على ضرورة أن يقوم القادة الماليون بالتعاون مع قادة الإدارات الأخرى بهدف التوصل إلى آلية لخلق قيمة طويلة الأجل لجميع الأطراف المعنية وتشمل الموظفين والعملاء والمجتمع بأسره. كما يجب تحديد المقاييس ومؤشرات الأداء لقياس هذه القيمة وإعداد التقارير للإفصاح عنها.
وتأتي هذه النتائج وسط مشهد أعمال وأولويات متفاوتة، مع طموحات النمو وخلق القيمة من ناحية، وإدارة المخاطر من ناحية أخرى.
مسؤوليات القادة
بات المستثمرون والجهات التنظيمية يتوقعون أن يكون لدى المؤسسات استراتيجية قوية للاستدامة تشمل الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، قادرة على خلق القيمة وإدارة المخاطر، وأن تقوم المؤسسات بالإفصاح عنها من خلال تقارير موثوقة. وجاءت هذه التوقعات المتزايدة نتيجةً لفهم أوضح للرابط بين أداء الاستدامة (على صعيد الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة) وقيمة المؤسسة. وأشار الاستطلاع إلى أن القادة الماليين على دراية بهذا التوجه، حيث قال 73٪ من المشاركين أنهم يتوقعون أن تتجه التقارير الخارجية نحو توفير معلومات استشرافية في مجالات مهمة مثل الاستراتيجية والاستدامة وإدارة المخاطر. وذكر أكثر من 50٪ من المشاركين أن الجهات التنظيمية والمستثمرين وغيرهم من أصحاب المصلحة سيكون لهم تأثير جوهري على توجه مؤسساتهم نحو إعداد التقارير غير المالية.
كما يوضح استطلاع الرأي أن برامج الاستدامة والممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة ليست فقط مجرد مبادرات امتثال وإعداد التقارير، بل هي أيضاً مبادرات تخلق قيمة حقيقية للمؤسسات من خلال جذب المستثمرين، وإتاحة الوصول إلى أسواق رأس المال، والاستفادة من أسواق وشرائح عملاء جديدة. كما تساهم الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة في تحسين قيمة المؤسسة وحمايتها في آن واحد؛ تحسينها من خلال تعزيز كفاءة الموارد، وحمايتها من خلال إدارة المخاطر والامتثال لمتطلبات الجهات التنظيمية.
وفي تعليقه على التقرير، قال خُرّام ميان، رئيس قسم التدقيق المالي في EY الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن برامج الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة تعتبر أساسيةً لخلق القيمة، وسيكون للقادة الماليين دور مهم في هذه المبادرات، بدءاً من التعاون مع الأقسام الأخرى في المؤسسة لتحديد استراتيجية الاستدامة وطموحاتها، بالإضافة إلى المساهمة في تنفيذ المبادرات البيئية والاجتماعية والحوكمة، وصولاً إلى إعداد تقارير شفافة تسهم في بناء الثقة مع الأطراف المعنية. ويتمتع القادة الماليون بخبرة واسعة في إعداد التقارير المالية تمكنهم من استثمار كفاءاتهم في التقارير غير المالية، والمساهمة في إنشاء حوكمة وضوابط فعالة على تقارير الاستدامة والممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة».
قدرات تحليلية
يشير التقرير إلى أن 80٪ من المشاركين يعطون الأولوية لمبادرات تخطيط موارد المؤسسات (Enterprise Resource Planning)، و59٪ يرون أن تطوير البيانات والقدرات التحليلية يمثل أولوية قصوى. وبالتالي، فإن القادة الماليين بصدد وضع حجر الأساس لنموذج تشغيلي جديد للإدارة المالية، وهو نموذج يستثمر التكنولوجيا لخلق قيمة مضافة.
وعلى الرغم من ذلك، الأمر لا يخلو من بعض التحديات، حيث يتعين على 44٪ من القادة الماليين استغلال القدرات الكاملة لبرامج تخطيط موارد المؤسسات، أو الترقية إلى أحدث الإصدارات أو القيام بمواءمة كاملة للأنظمة المالية. بالإضافة إلى ذلك، سوف تعزز الإدارة المالية كفاءتها من خلال أتمتة الدورات المحاسبية وعمليات إعداد التقارير.
يوضح التقرير أيضاً أن القادة الماليين يدركون الحاجة إلى تطوير البيانات والقدرات التحليلية. لذلك، يجب أن يتطلعوا إلى إنشاء إطار عمل لحوكمة وإدارة البيانات على مستوى المؤسسة بأسرها، واستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي والقدرات التحليلية المتقدمة لتكوين بيانات منظمة يمكن الوصول إليها وتحليلها في الوقت الفعلي، مع إمكانية توفير التحليلات الاستشرافية.
إن التقدم الرقمي يخلق حافزاً لدى القادة الماليين لتطوير نموذج تقديم الخدمات المالية. فبدلاً من تقديم جميع الأنشطة بواسطة فرق عمل داخلية، ستستفيد الإدارة المالية من انتقالها إلى نماذج مرنة تجمع بين القدرات والكفاءات الداخلية والقدرات والكفاءات الخارجية، كتلك التي تتيحها الخدمات المدارة. وتوفر هذه المنصات الهجينة إمكانية الاستفادة من تقنيات ومنهجيات مبتكرة يصعب الحصول عليها أو تطويرها بواسطة قدرات داخلية فقط.
دور الإدارة المالية
يمثل البعد المالي للقيمة طويلة الأجل الأهمية القصوى بحسب 94٪ من القادة الماليين المشاركين في الاستطلاع.
وفي تعليقه على هذه النتائج، قال عمر عوده، رئيس قسم خدمات الاستشارات المالية والمحاسبية في EY الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن القيمة المستدامة وطويلة الأجل لا تقتصر على المقاييس المالية، بل تتجاوزها إلى تحقيق نمو مستدام وشامل يخلق قيمة مضافة لجميع الأطراف. وسيتعين على الإدارات المالية تحقيق هذا النمو المستدام والإفصاح عنه. لذلك، يجب أن يتعاون القادة الماليون مع قادة الإدارات الأخرى للتوصل إلى تعريف موحد لهذه القيمة المستدامة، ويلزم أن يكون هذا التعريف شاملاً ومرتبطاً بالقيمة التي تقدمها المؤسسة للعملاء والموظفين والمجتمع بأسره. هذا هو مؤشر الأداء الحقيقي للمؤسسات، والمستثمرون على دراية جيدة بذلك...».
ولذلك يدعو التقرير القادة الماليين إلى توسيع مركز اهتمامهم، والانتقال من التركيز على المقاييس المالية فقط، إلى التركيز على جميع المقاييس التي تساهم في خلق القيمة طويلة الأجل، والتي تمس الموظفين والعملاء والمجتمع بأسره. وعلاوة على ذلك، يرى 72٪ من المشاركين في الاستطلاع أن السنوات الثلاث المقبلة ستشهد توسعاً لعملية إعداد التقارير الخارجية، وستتطور التقارير لتشمل المقاييس غير المالية مثل التأثير على البيئة ومقاييس الصحة المؤسساتية، بالإضافة إلى مقاييس الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.