أكد عدد من الاقتصاديين والخبراء والمحللين في أسواق المال أن الإدراجات الجديدة في سوق دبي المالي جذبت المزيد من المستثمرين الدوليين، وعززت الطلب على الأسهم المحلية بفضل الكثير من المزايا التي تتمتع بها، ما جعلها ملاذاً آمناً للاستثمار. وأضافوا أن الأسواق قدمت أفضل أداء في المنطقة العام الماضي، مشيرين إلى أن القطاعات المؤثرة الرئيسية مثل البنوك والعقار والاتصالات تستحوذ على اهتمام المستثمرين.
جاء ذلك خلال جلسة «الإدراجات الجديدة.. قوة للأسواق وتعزيز للسيولة» عبر موقع «البيان» على موقع «تويتر»، شارك فيها حمد العوضي الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال والعضو السابق في مجلس إدارة غرفة أبوظبي، ووضاح الطه خبير مالي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الاستثمار والأوراق المالية البريطاني في الإمارات، ومحمد علي ياسين الخبير في الأسواق المالية المحلية، والدكتور عبداللطيف العزعزي الخبير الاقتصادي ومستشار ريادة الأعمال، وزياد القيمري الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، وأدارت اللقاء ماري سالم محللة مالية «قناة الشرق».
وقال حمد العوضي، الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال والعضو السابق في مجلس إدارة غرفة أبوظبي: إن العديد من المستثمرين وجدوا الإمارات ملاذاً آمناً للمستثمرين، مشيراً إلى أن الإمارات نجحت في التعامل مع الكثير من الأزمات مثل الأزمة المالية العالمية وجائحة «كورونا» وآثارها الاقتصادية وتمكنت من تجاوزها، الأمر الذي لفت نظر المستثمرين حول العالم إلى إمكانات وقدرات الدولة.
وأشار إلى حدوث تطور في العديد من الإجراءات والتشريعات وتعديل بعض القوانين منها: السماح بالتملك الكامل للأجانب، ومنح الإقامات الذهبية في بعض الحالات، وغيرها من الإجراءات والقوانين التي أرسلت الدولة من خلالها رسائل إيجابية للمستثمر المحلي والأجنبي مفادها أن الإمارات أرض الفرص والاستثمار. كما أن تلك الإجراءات والتشريعات والقوانين كان لها تأثير إيجابي على أسواق المال المحلية على المدى القصير والطويل.
وأضاف: إن الأرقام تعطي مؤشرات إيجابية على ثقة المستثمر في الاقتصاد الإماراتي، فأسواق المال تعتبر مرآة للاقتصاد الوطني بشكل عام. وأشار إلى أن الإدراجات الجديدة أعطت دفعة قوية وأحدثت العمق المطلوب في أسواق المال الإماراتية.
أحجام التداولات
وأكد وضاح الطه، الخبير المالي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الاستثمار والأوراق المالية البريطاني بالإمارات، أن الأسواق المحلية قدمت أفضل أداء في منطقة الخليج خلال العام الماضي، مشيراً إلى ارتفاع أحجام التداولات في الأسواق المحلية خلال النصف الأول 2022 مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي. وحول توقيت الإدراجات وهل كان مناسباً، قال وضاح الطه: نحن نقيس الإدراجات بقيم التداولات التي ارتفعت في النصف الأول 2022 مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي. وأضاف: إن الودائع في البنوك المحلية تجاوزت 2 تريليون درهم، منها 1.7 تريليون ودائع للمقيمين، وهذه مؤشرات على أنه لا يوجد نقص في السيولة.
وحول أهم القطاعات السوقية التي شهدت نشاطاً وزخماً في سوقي دبي وأبوظبي الماليين خلال النصف الأول من العام الجاري، أكد وضاح الطه أن القطاعات المؤثرة الرئيسية مثل البنوك والعقار والاتصالات تستحوذ على اهتمام المستثمر، وحققت نتائج قوية في الربع الأول والثاني من عام 2022.
وأوضح أن المصارف حققت نتائج قوية، مشيراً إلى أن أداء البنوك الإماراتية كان جيداً بغض النظر عن رفع الفائدة في الفدرالي الأمريكي. وقال: إن الدورة الاقتصادية في الإمارات تختلف عن الولايات المتحدة، فرفع الفائدة في الولايات المتحدة لا يتناسب مع الدورة الاقتصادية الإماراتية، مشيراً إلى أن استمرار رفع الفائدة ليس بالضرورة يؤدي إلى زيادة الأرباح.
اكتتاب
وأكد محمد علي ياسين، الخبير في الأسواق المالية المحلية، أن الإدراجات الجديدة في سوق دبي كانت ضرورية لجذب المزيد من المستثمرين إلى السوق.
وقال محمد علي ياسين: الملاحظ أن الأفراد كان لهم دور كبير ومهم في عملية الاكتتاب في الإدراجات الجديدة، وهذا يكشف نوعية المستثمر، هل هم أفراد أم مؤسسات، مشيراً إلى أنه من الضروري النظر باهتمام إلى مصدر السيولة، فإذا كان مصدرها الأفراد فيتم فتح أبواب جديدة لهم. وأكد أن هناك إقبالاً كبيراً، ولكن تسعير الإدراجات وتسعير الشركات وتقييمها يجب أن يتماشى مع شهية المستثمرين للمخاطر. وأضاف أنه منذ بداية العام شهدت الأسواق المحلية حالة من النشاط حتى نهاية أبريل 2022، وكان هناك ارتفاع متواصل وضخ سيولة كبيرة في الأسواق جاءت من مستثمرين أجانب بشكل رئيسي رفع الأسواق إلى مستويات عالية.
وأشار محمد علي ياسين إلى أن هناك سيولة تبحث عن فرص استثمار في أسواق الإمارات، وهذه السيولة جزء منها محلي وآخر أجنبي، وعلينا الاستفادة من هذه الفرص.
وأوضح أن أسواق المال الإماراتية لديها الكثير من المزايا التي تجذب المستثمر الأجنبي، وعلينا الاستفادة من البيئة الإيجابية الموجودة في الإمارات مقارنة مع الأسواق الخليجية والأوروبية التي ليست بالقدر نفسه من الإيجابية، وعلينا أن نستمر بهذه الإصدارات، ولكن يجب أن تكون ضمن تسعير أفضل يواكب ما نراه في السوق لتحسين فرص نجاح الإصدارات الجديدة.
وأكد محمد علي ياسين أن الإمارات نجحت في إدارة قطاع الاستثمار فيها بتشريعات وفتح القطاعات للاستثمار الأجنبي، وذلك ساهم في جذب كبرى صناديق الاستثمار العالمية إلى السوق الإماراتية، بشكل مباشر وغير مباشر.
وقال ياسين: «إن نسبة النمو التي أعلنها المصرف المركزي في الربع الأول من العام الجاري بخصوص الاقتصاد كانت 8.2 %، وهي دليل على أن اقتصاد الإمارات ينمو إيجابياً.
وأشار إلى أن الشركات التي يتم إدراجها في الأسواق لاتزال في معظمها حكومية، الأمر الذي يعطي أماناً للمستثمرين وجاذبية لارتفاع العوائد التي توزعها الحكومة. فالصناديق الاستثمارية العالمية تعاني من الضغوط، وهناك فرص كبيرة للإقبال على السوق الإماراتية، حيث توجد البيئة التشريعية المناسبة والمناخ الملائم لازدهار الأعمال.
وأضاف ياسين: إن تعافي أسواق الإمارات منذ العام الماضي جاء بسبب نظرة الحكومة الثاقبة من حيث اتخاذها قرارات بإدراج شركات حكومية في الأسواق. وأوضح أن الإدراجات الجديدة أثبتت بالفعل نجاح سياسة الإمارات في جذب الاستثمارات الأجنبية، مشيراً إلى أن الدولة فتحت قطاعات جديدة كانت مغلقة أمام الاستثمار الأجنبي.
توقيت الطرح
وأكد الدكتور عبداللطيف العزعزي الخبير الاقتصادي ومستشار ريادة الأعمال، أن توقيت طرح الإدراجات الجديدة كان مناسباً وأن السوق الإماراتي به الكثير من الفرص والسيولة متوفرة.
وقال: توقيت الطرح جيد جداً وتم اختياره بعناية، حيث تمر الأسواق العالمية بحالة من القلق بسبب جائحة «كوفيد 19»، كما أن السوق الإماراتي يحتاج إلى التنوع، والإدراجات الجديدة أضافت التنوع والعمق والفرص التي يبحث عنها المستثمر، فالإمارات دولة جاذبة للاستثمار وأرض خصبة وموثوقة، وتشهد تطورات اقتصادية تعطي الأمل لتحريك السوق.
وأكد أن الإدراجات الجديدة فرصة حقيقية وتوقيت الطرح يحتاج إلى شجاعة والخطوة تمت وظهرت نتائجها سريعاً والعلامات الإيجابية واضحة.
وقال الدكتور عبداللطيف العزعزي إن هناك قواعد اقتصادية معروفة مثل قاعدة العرض والطلب، فالحكومة سهّلت الإجراءات وأصدرت القوانين والتشريعات وفق خطة حكومية للتطوير والإدراج. وأضاف: «لا تدرج شركة عبثاً، ولكن هناك أهداف للإدراج». وأشار إلى أن الكثير من الشركات ستعيد استخدام السيولة في مشروعات جديدة، ما سينعكس بإيجابية على سوق المال والاقتصاد بشكل عام.
تشريعات
وقال زياد القيمري، الخبير الاقتصادي والمحلل المالي: إن التشريعات الإماراتية الجديدة دعمت أسواق المال المحلية بشكل واضح. وأضاف: إن الاقتصاد الإماراتي قوي وأسواق المال حققت مكاسب واضحة خلال الشهور الأولى من 2022.
وأشار إلى أن الإدراجات الجديدة في سوق دبي حققت التنوع المطلوب بالقطاعات داخل السوق، وجذبت استثمارات جديدة. وأوضح أنه بإلقاء نظرة على الأسواق سوف يتضح أن الأفراد يتحكمون في 54 % من قيم التداولات، مشيراً إلى أن نوعية الإدراجات في سوق دبي وطريقة تقييمه مازالت بحاجة إلى المزيد من الوقت. وأكد زياد القيمري أن نجاح الأسواق الإماراتية يعود إلى تبني القيادة دعم الاقتصاد، والأسواق بالتحديد، ما كان له أثر في المكاسب التي تحققت.
مكاسب
من جانبها، أكدت ماري سالم أن الأسهم الإماراتية حققت مكاسب كبيرة خلال النصف الأول من العام الجاري، رغم تذبذبات أسواق المال العالمية بسبب مخاوف من الركود الاقتصادي تولّدت بفعل الرفع المستمر لأسعار الفائدة، ومحاولات التحكم والسيطرة على معدلات التضخم.
وأشارت ماري سالم إلى أن أسواق المال الإماراتية سجلت أداءً قوياً خلال النصف الأول بفضل الطروحات والإدراجات الجديدة التي شهدها السوقان مثل: «ديوا» و«تيكوم» ومؤخراً تم إدراج «تعاونية الاتحاد» في دبي، و«موانئ أبوظبي»، «بروج»، «فيرتيغلوب»، «أدنوك للحفر»، «ألفا ظبي»، و«ملتيبلاي» في أبوظبي، الأمر الذي عزز طلب المستثمرين الدوليين على الأسهم المحلية.
وأضافت، أن رسملة السوقين بلغت 2.519 تريليون درهم في نهاية يونيو 2022، بزيادة نحو نصف مليار درهم، حيث بلغت الرسملة نحو 2.038 تريليون درهم في نهاية ديسمبر 2021 بنسبة نمو 23.6%. وأشارت إلى أن السيولة بلغت 260.6 مليار درهم وأكثر استقطبتهم أسواق الأسهم الإماراتية خلال النصف الأول من 2022، بالإضافة إلى 14.3 مليار درهم محصلة شراء المستثمرين الأجانب خلال النصف الأول من العام الجاري، بواقع 12.43 ملياراً في سوق أبوظبي، و1.84 مليار في سوق دبي. وبلغ حجم التداولات خلال النصف الأول 53.8 مليار سهم، منها 34.2 مليار سهم في «أبوظبي»، و19.6 مليار سهم في «دبي»، عبر 1.95 مليون صفقة.