انطلقت بدبي فعاليات «قمة الاكتتابات العامة الأولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - دبي 2023»، التي ينظمها سوق دبي المالي ومركز دبي التجاري العالمي، بحضور عدد كبير من أبرز الخبراء في مجال أسواق المال لتبادل الخبرات وإلقاء الضوء على أحدث التطورات ذات الصلة بالاكتتابات العامة والفرص والتحديات المرتبطة بالتحول إلى شركة عامة. 

وأكد هلال المري، المدير العام لدائرة الاقتصاد والسياحة بدبي ورئيس مجلس إدارة سوق دبي المالي خلال الجلسة الافتتاحية للقمة، وجود اهتمام كبير من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة باستكشاف فرص الإدراج في أسواق الإمارات سعياً وراء تعزيز التنافسية والمرونة المالية. 

وتناقش القمة التي تستمر حتى غد في متحف المستقبل، أيضاً سُبل نشر أفضل ممارسات الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، علاوة على استعراض خارطة طريق للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي، تشمل تطورات البيئة التنظيمية وثقافة الأعمال والفرص المتاحة أمامها للاستفادة من أسواق رأس المال لتعزيز أنشطتها وصولاً إلى مرحلة الاكتتاب العام.

وتُعد القمة الوحيدة في المنطقة التي تركز بصورة حصرية على الاكتتابات العامة، إلى حشد مختلف الأطراف الفاعلة ضمن سلسلة القيمة للاكتتابات العامة الأولية، فيما أكد خبراء الزخم القوي والآفاق الواعدة لقطاع الاكتتابات العامة الأولية في دبي.

ويأتي إطلاق هذه السلسلة من قمم الاكتتابات الأولية في توقيت مثالي لدبي والمجتمع الاستثماري الإقليمي بوجه عام في ضوء موجة الاكتتابات العامة واسعة النطاق، التي تُجسد أبرز ملامح قطاع الأعمال في المنطقة خلال العام 2022 والتي تمتلك أرضية مواتية لمواصلة هذا الزخم في العام 2023.

أجندة دبي D33

ولفت هلال المري إلى وجود خطط لمشاريع تحويلية تستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة، وذلك تماشياً مع أجندة دبي D33، والتي ستعمل على نشر أفضل ممارسات الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، علاوة على استعراض خارطة طريق للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي. وتشمل تطورات البيئة التنظيمية وثقافة الأعمال والفرص المتاحة أمامها للاستفادة من أسواق رأس المال لتعزيز أنشطتها وصولاً إلى مرحلة الاكتتاب العام.

وأوضح أن المشاريع الجديدة لسوق دبي المالي، كجزء من D33 تهدف إلى تحديد 400 شركة ذات إمكانات عالية لتقوم بدعم بناء القدرات للشركات الصغيرة والمتوسطة، ومساعدتها على تطوير علامة تجارية عالمية تحويلية، وقال: إنه وقت مثير أن تكون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث وتيرة الابتكار في أوجها، والفرص لا حصر لها، لا سيما في أسواق رأس المال، وهو ما سيزيد من كثافة الاكتتابات الأولية.

وأشار المري إلى أن التحسينات العديدة للإطار التنظيمي لأسواق المال في دبي أسهمت في تطوير سوق جذاب وفعال لمختلف الشركات، بما في ذلك المجموعات الحكومية والشركات الخاصة والعائلية، لطرح أسهمها عبر اكتتابات عامة وإدراجها في السوق بفضل توفر خيارات إدراج متنوعة تُلبي متطلبات تلك الشركات على اختلافها من حيث الحجم ومرحلة النمو ومحل التأسيس.

الشركات العائلية والناشئة

وأكد خبراء أن انفتاح الشركات العائلية والناشئة على الملكية الخاصة سيكون عامل نضوج رئيسياً في أسواق المال المحلية ودعم كفاءة بيئة الاستثمار في الدولة، لافتين إلى أن دخول المزيد من رؤوس المال الخاصة سيسهم في تطوير الشركات الناشئة والمتوسطة ويعزز فرصها في جذب الاستثمارات وتهيئتها للوصول إلى أسواق المال. 

ولفت الخبراء إلى أن تطوير دبي لأطر تنظيمية وتشريعية وحوكمة شاملة تتماشى مع أفضل الممارسات في الأسواق المالية أسهمت في تحفيز ودعم أسواق المال في الدولة بشكل كبير. 

وأوضح الخبراء أنه في الوقت الذي شهدت فيه عمليات الاكتتاب تراجعاً على مستوى العالم، حقق سوق دبي المالي العام الماضي طفرة قوية تمثلت في طرح خمسة اكتتابات جديدة – أربعة منها حكومية أو شبه حكومية - هي الأولى منذ 2017، وصلت قيمة الطلب على الاكتتاب بها 673 مليار درهم، وهو ما يمثل رقماً قياسياً في تاريخ السوق، كما تمكنت الشركات الخمس المدرجة من جمع 31 مليار درهم. 

وأفاد الخبراء خلال جلسة «إطلاق الاكتتابات وآفاق سوق دبي المالي» بأن إعلان حكومة دبي عزمها إدراج 10 شركات حكومية وشبه حكومية في سوق دبي المالي، وحسن تعاطي حكومة الإمارات مع أزمة «كورونا» وتمتعها ببنية لوجستية قوية، كانت عوامل رئيسية جاءت في التوقيت المناسب لتسهم في دعم القطاع المالي في دبي بشكل غير مسبوق، كما انعكست بشكل إيجابي على مستوى السيولة في السوق التي وصلت إلى حوالي 90 مليار درهم في 2022، بنمو 25%. كما وصل عدد المستثمرين الجدد العام الماضي إلى 167 ألف مستثمر جديد ليتخطى عدد المستثمرين في السوق مليون مستثمر أفراداً وشركات لأول مرة في تاريخ السوق. 

في المقابل، شهد سوق الاكتتاب العام في الولايات المتحدة العام الماضي أحد أكبر التراجعات، حيث بلغ حجم الإدراج 24 مليار دولار وهو الأدنى منذ عام 1990 بانخفاض بنسبة 93% عن عام 2021، حيث يقول المصرفيون إن المستثمرين يفضلون تعويم الشركات المستقرة العام المقبل. ولفت الخبراء إلى أن المزيد من المستثمرين العالميين الجدد ينظرون اليوم باهتمام غير مسبوق إلى أسواق المنطقة التي كان أداؤها أفضل من أداء معظم أسواق المال في العديد من الدول المتقدمة. 

الاكتتابات في دبي

وقال محمد البستكي، الرئيس التنفيذي لشركة الإمارات دبي الوطني كابيتال خلال الجلسة: إن عمليات الإدراج التي قامت بها الشركات الحكومية في دبي العام الماضي أسهمت كثيراً في تعزيز أداء سوق دبي المالي وإن تعزيز الملكية الخاصة هي شرط أساسي لتطوير أسواق المال. وأضاف: وصل حجم الطلب على الاكتتابات في سوق دبي المالي وحده إلى أكثر من 180 مليار دولار العام الماضي، وبلغت حصة المستثمرين الأجانب فيها 47 % وهو دليل على وجود شهية كبيرة للاكتتاب في المنطقة من قبل المستثمرين الأجانب. ونتوقع استمرار الأداء الإيجابي للسوق هذا العام وإطلاق اكتتابات جديدة في المنطقة، خصوصاً في أسواق الإمارات والمملكة العربية السعودية، خصوصاً مع استقرار معدلات الفائدة على عكس التقلبات التي شهدتها تلك المعدلات العام الماضي.

وقال سعيد العور رئيس منطقة الشرق الأوسط في شركة «روتشيلد وشركاه»: إن العديد من الشركات في الأسواق الناشئة اليوم تدرك أن الإدراج في البورصات المتقدمة قد لا يكون هو خيارها الأمثل للوصول إلى رؤوس الأموال. وأضاف: نعتقد أن عام 2022 كان عام تحول بالنسبة لمديري المحافظ والمحافظ وأصحاب الشركات. ونعتقد أن دبي ستتمكن من جذب المزيد من الشركات الخاصة ذات العمق الاستراتيجي إلى السوق. 

ووصف العور تطوير الملكية الخاصة بـ«القطعة الناقصة» في السوق، مؤكداً أهمية ذلك في تعزيز السيولة في السوق. وأكد العور قوة مقومات الإدراج في أسواق المال دبي من حيث الحوكمة وأهمية الاستمرار في الاستفادة من إمكانيات دبي اللوجستية وعولمة وتطوير أسواق المال في الدولة. وقال: «إن الملكية الخاصة عامل أساسي في تعزيز الزخم في أسواق المال. ونعتقد أن الحكومة قامت بدور كبير في إدراج وتخصيص شركات رئيسية. ومن وجهة نظر مديري الاستثمار، تمكنت دبي من بناء إطار تنظيمي عالمي، ولدينا سوق رائع هو سوق دبي المالي، ولكن علينا تطوير الملكية الخاصة في الشركات الخاصة». 

محفزات كبيرة

وأكد صلاح شما رئيس قطاع استثمارات الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة «فرانكلين تمبلتون للاستثمار»، أن أسواق السعودية والإمارات ستقود الاكتتابات في المنطقة، وسط محفزات كبيرة في السوق.

وأشار إلى أن سوق الاكتتابات في دبي في عام 2022 شهد زخماً كبيراً، متوقعاً استمرار هذا الزخم في العام الحالي، مع جذب المستثمرين الكبار، بالإضافة إلى إدراج الشركات التي تعطي إمكانية الاستثمار في قطاعات غير حكومية وتحقق معدلات نمو جيدة مثل التجزئة واللوجستي. وأفاد شما، بأن شركة مثل «الأنصاري للصرافة» لديها دور رائد في قطاع المعاملات المالية والتحويلات، وتحقق مستويات نمو جيدة، لذا إدراجها في السوق سيثير شهية المستثمرين.

وقال هشام فاروق، الرئيس التنفيذي لشركة جرانت ثورنتون: «مع بداية العام الجاري نرى التركيز على الشركات العائلية التي بدأت في النزول للسوق، لا تزال هناك بعض العقبات التي تواجه طرح الشركات العائلية في السوق تتمثل في تقييم الشركة، والحوكمة، والتكنولوجيا، بالإضافة إلى الاستراتيجية المستقبلية للشركة، وكل هذه الأشياء تقوم شركات بتحسينها للقدرة على التداول في البورصة».

وأضاف أن 90% من الشركات في منطقة الشرق الأوسط هي شركات عائلية أو خاصة، موضحًا أن الشركات العائلية تمر بأكثر من مرحلة، حيث إنه في شركات بالجيل الثالث تكون بنت أسساً لها، والشركات بين الجيل الأول والتاني تبني أسساً لها لتكون جاهزة للتداول والطرح في البورصة. 

وأوضح أن كل شركة لها استراتيجية مختلفة، حيث هناك بعض الشركات التي دخلت السوق وانسحبت مثل داماك، لافتًا إلى أن استراتيجية دماك اليوم قد تكون مختلفة، وأن ما يدفع الشركة للطرح في البورصة يرجع إلى ضخ أموال من السوق لمواجهة التضخم، وأن الحصول على القروض أعلى، فبالتالي تفضل الطرح في البورصة. 

وأكد أن معدل استحواذ الإمارات على الاكتتابات في منطقة الشرق الأوسط، وأن نسبة استحواذ الإمارات تتمثل في شركات حكومية وشبه حكومية وعائلية تمثل نسبة 23 % على مستوى الشرق الأوسط والمنطقة، موضحًا أن الإمارات والمملكة العربية السعودية أكبر دولتين من حيث طرح الشركات بالبورصة والاكتتاب خلال عام 2023. 

وأشار إلى أن الاعتماد الأساسي على الصناديق في الاكتتاب، مشددًا على أهمية دخول الأفراد في الاكتتاب للشراء والبيع، لافتًا إلى أهمية عمل «أبلكيشن» للأفراد لدخول السوق، وتحسن التكنولوجيا بطريقة سريعة للبيع والشراء وتوسع الأفراد للتعامل بالبورصة.