أظهر التقرير السنوي الخامس، حول عمليات الاستحواذ والاندماج، الصادر عن شركة «بين آند كومباني»، ثقة المديرين التنفيذيين للشركات في عمليات الاستحواذ والاندماج خلال عام 2023، بأنها سوف تخلق قيمة مضافة في الأسواق. 

ورغم انخفاض عمليات الاستحواذ والاندماج في 2022، بشكل كبير، إذ فقدت نحو 36 % من قيمتها المضافة، فإن تقرير «بين آند كومباني» يقدر استمرار نشاط الاستحواذ والاندماج باعتباره يشكل استراتيجية محورية للشركات لتحقيق النمو والربحية.

آراء

وبحسب التقرير، استطلعت «بين آند كومباني» آراء ما يقارب 300 مدير تنفيذي حول عمليات الاندماج والاستحواذ، في أكتوبر الماضي، حيث توقعوا إبرام عدد مماثل، أو أكثر، من اتفاقيات الاندماج والاستحواذ خلال 2023 عما تم في 2022، وأعرب المشاركون بالاستطلاع عن ثقتهم بأن عمليات الاندماج والاستحواذ سوف تخلق قيمة مضافة للأسواق، حيث أفاد نحو ثلثي المشاركين، بأن عمليات الاندماج والاستحواذ، التي تمت في السنوات الثلاث الأخيرة، كانت ضمن التوقعات أو تجاوزتها بقليل.

ومع التركيز على الشرق الأوسط، تعمل «بين آند كومباني» على اكتشاف كيفية توظيف صناديق الثروة السيادية، عمليات الاندماج والاستحواذ؛ لتحويل الاقتصادات في المنطقة. إذ إنه مع الاقتصاد القوي، المدعوم بأسعار نفط مرتفعة، تعد منطقة الشرق الأوسط في وضعية جيدة، تؤهلها أكثر للاعتماد على عمليات الاندماج والاستحواذ؛ لدفع المنطقة نحو التوسع وتجاوز الصناعات الهيدروكربونية، بالإضافة إلى المساعدة أكثر في «عولمة» شركاتها، على المدى البعيد.

صفقات 

وتتم معظم أنشطة هذه الصفقات من قبل صناديق الثروة السيادية والشركات المحلية، مع احتمال أن يبدأ المستثمرون الأجانب في توظيف رؤوس أموالهم في المنطقة، فمع توقعات بنمو الناتج المحلي الإقليمي 6.5 %، أعلى معدل نمو منذ نحو عقد من الزمان، فإن صناديق الثروة السيادية من المتوقع أن تحقق المزيد من النمو. وعلى سبيل المثال، استثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي، نحو 1.3 مليار دولار في 4 شركات مصرية في أغسطس الماضي، بينها: شركة «أبوقير» للأسمدة، وشركة «الإسكندرية» للحاويات والبضائع. 

وأظهرت أبحاث «بين آند كومباني»، أن قيمة الصفقات الاستراتيجية، تراجعت بمعدلات أسرع من حجمها، إذ انخفض متوسط مضاعفات الصفقات الاستراتيجية إلى أدنى مستوى له في 10 سنوات، عند 11.9 ضعفاً في 2022، من أعلى مستوى له على الإطلاق في 2021، وهذا يفسر الانخفاض في مضاعفات الصفقات، بالإضافة إلى توقف الصفقات الضخمة المؤقتة منتصف العام، والانخفاض الكبير نسبياً في حجم الصفقات مقابل نشاطها. وكان أكبر انخفاض بين الصفقات في قطاعات التكنولوجيا، والرعاية الصحية وعلوم الحياة. 

ويدعم الانكماش الاقتصادي، الذي نشهده أخيراً، الثقة في استراتيجيات عمليات الاندماج والاستحواذ، حيث إنها تشكل فرصة ممتازة للمشترين؛ لاتخاذ خطوات جريئة في هذا الاتجاه، فالأصول الآن أرخص مما كانت عليه منذ سنوات، والفرص متاحة لتعزيز الأعمال الأساسية، أو لتطوير خيارات استراتيجية عبر صفقات واسعة النطاق.

رافعة استراتيجية 

وقال غريغوري غارنييه، الشريك في «بين آند كومباني»: «إن عمليات الاندماج والاستحواذ في الشرق الأوسط، ديناميكية للغاية، وتؤدي صناديق الثروة السيادية دوراً محورياً متزايداً في تحويل اقتصادات المنطقة، فهي تستخدم هذه العمليات كرافعة استراتيجية، إذ سيطرت عمليات الاندماج والاستحواذ على معظم تدفقات الصفقات الأخيرة في المنطقة، وتستخدم صناديق الثروة السيادية عمليات الاندماج والاستحواذ لدخول قطاعات جديدة، أو لتقوية العلاقات مع الشركاء، أو للاستثمار في صناعات المستقبل، أو لتوسيع حضورها عالمياً، أو لدعم ومساندة شركائها المحليين».

وأضاف: «على الرغم من وجود الكثير من الفرص الاستثمارية أمام المستثمرين المحليين والعالميين في المنطقة، التي يدعمها وجود طفرة في الاكتتابات الأولية، والرغبة المتزايدة للشركات العائلية في تسييل أصولها، إلا أن ذلك يتطلب إرادة قوية لإصدار صفقات الملكية، وفي الوقت نفسه الدخول في شراكات مع صناديق الثروة السيادية».

وقامت «بين آند كومباني»، بتحليل أنشطة عمليات الاندماج والاستحواذ لما يقرب من 2900 شركة، خلال فترة الركود الاقتصادي التي شهدها العالم خلال عامي 2008 و2009، ووجدت أن الشركات التي كانت نشطة في عمليات الاندماج والاستحواذ تفوقت في أدائها على الشركات الأخرى، ويمكن معرفة ذلك من خلال قياس العائدات المرتفعة التي حصل عليها المساهمون في الشركات النشطة.

ومع إعادة ضبط الأسواق، لاحظت «بين آند كومباني»، تحولات غير متوقعة في إبرام الصفقات، وفي الوقت نفسه، استمرت الاتجاهات طويلة الأجل في التقدم بثبات.

5 سمات 

وحدد تقرير «بين آند كومباني»، 5 سمات أساسية لعمليات الاندماج والاستحواذ، يجب مراقبتها جيداً خلال العام الجاري، هي: تقدم الشركات التي تتمتع بسيولة نقدية وفيرة بخطوات استراتيجية جريئة، واستمرار سيطرة الصفقات الصغيرة والمتوسطة، والتوازن بين حجم ونطاق الصفقات، إضافة إلى المزيد من الضغوط على التقييمات، وأخيراً، إعادة الشركات تجهيز محافظها من خلال عمليات التصفية والفصل. 

وتضمن التقرير أمثلة عن كيفية استغلال الشركات لعمليات الاندماج والاستحواذ؛ لزيادة نطاق الابتكار لديها، وزيادة سرعة تقدمها، ورفع جودة خدماتها، عبر تقديم المزيد من الاهتمام والرعاية، والحفاظ على أهمية قيم التكامل عبر معالجة الفروقات الثقافية، كما تضمن 14 منظوراً خاصاً بالقطاع الصناعي، من بينها: الرعاية الصحية، والطاقة، والصناعات المتنوعة، فيما تضمن 4 تحليلات متعمقة خاصة بكل بلد. 

فرص متاحة 

وقالت سوزان كومار، نائب رئيس الممارسات العالمية لعمليات الاندماج والاستحواذ في «بين آند كومباني»: «إن صانعي الصفقات، على دراية جيدة بطبيعة سوق الاندماج والاستحواذ، فقد رأينا مراراً وتكراراً، وسط تباطؤ يؤثر على كل من الأعمال الأساسية للمستحوذين والأهداف التي يتطلعون إليها، أن الشركات التي لا توقف عمليات الاندماج والاستحواذ خلال فترات الركود، بل تستفيد من الفرص المتاحة؛ لإعادة تشكيل صناعاتها، وهي الشركات التي تتقدم إلى القمة».

وفي تركيزه إقليمياً، يستكشف التقرير كيفية استخدام صناديق الثروة السيادية عمليات الاندماج والاستحواذ لتحويل الاقتصادات في الشرق الأوسط، وكيف ارتفعت قيمة الصفقات في الهند 139 % خلال 2022، وأن عدداً أقل من الشركات في اليابان ينخرط في صفقات كبيرة؛ بهدف تحويل محافظ أعماله إلى خارج الحدود، بينما في البرازيل، تعيد الشركات تفكيرها وتضع سيناريوهات متعددة للنتائج المحتملة؛ بسبب سياسات الحكومة الجديدة.