سلطت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) الضوء، عبر دراسة أجرتها، بالتعاون مع ذا نتورك، التحالف العالمي لمواقع التوظيف، على النمو الاقتصادي، الذي تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة، رغم التباطؤ الاقتصادي المحتمل على مستوى العالم، وأظهر الاستطلاع مدى ثقة الباحثين عن عمل بجاذبيتهم في السوق، نظراً لوصول معدلات التوظيف إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، مقابل انخفاض معدلات البطالة في الدولة. 

وبحسب الدراسة يتم التواصل مع 82% من الموظفين في الإمارات لفرصة الحصول على وظيفة جديدة، لمرات متعددة خلال العام، مقارنة بنسبة 75%على مستوى العالم، ويتم التواصل مع 57% منهم على نحو شهري. 

من ناحية أخرى يشعر 73% من الباحثين عن عمل بأنهم في وضع قوي يمكنهم من التفاوض على نحو موثوق عند البحث عن وظيفة جديدة، وهو رقم يزيد بنسبة 5% عن المتوسط العالمي، حيث يشعر 14% من الباحثين عن عمل حول العالم بأن أصحاب العمل يمتلكون قدرات أفضل عند التفاوض بشأن عروض العمل، مقارنة بنسبة 12% فقط في الإمارات. وتتنامى مستويات الثقة على نحو ملحوظ لدى العاملين في مجال التعليم والمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، بينما تتدنى لدى العاملين في مجال الإدارة وإدارة الأعمال وخدمات الرعاية الصحية.

تطلعات المرشحين

صرح معظم المشاركين (67%) في الاستبيان، عن رغبتهم في الحصول على وظيفة مستقرة مع مستوى من التوازن الصحي بين الحياة المهنية والشخصية. وتعتبر هذه العوامل من الأولويات الأساسية عبر الأدوار الوظيفية والقطاعات والفئات العمرية المختلفة. بينما حلت إمكانية التقدم الوظيفي في المرتبة الثانية بنسبة (64%)، وصولاً إلى فرصة تطوير منتجات وتقنيات متطورة وطرح مواضيع مميزة في المرتبة الثالثة (32%). وبحسب الاستبيان، يحظى نظام العمل الهجين بشعبية واسعة في أواسط الباحثين عن عمل بنسبة 34% في الإمارات، وهو تراجع ملحوظ مقارنة بنتائج استبيان مجموعة بوسطن الاستشارية لخريف 2020، حيث صرح 50% من المجيبين في الإمارات يومها عن رغبتهم في العمل عن بُعد لدى شركات تقع مقراتها خارج حدود الدولة. بينما تفضل غالبية المجيبين في الاستبيان الحالي (58%) العمل بدوام كامل من المكتب.

وتستند الدراسة، التي تحمل عنوان: «الجوانب التي يتمنى الموظفون المحتملون كشفها لأصحاب العمل»، إلى استطلاع مخصص للتعرف على تفضيلات التوظيف لدى الباحثين عن عمل، بالإضافة إلى توفير تحليل شامل للأسواق الرئيسية حول العالم، بما في ذلك دولة الإمارات.

وبحسب النتائج، ترتفع حظوظ العاملين في مجالات الرعاية الصحية والاجتماعية والخدمات الرقمية والجهات الحكومية، على نحو واسع النطاق، باعتبارها أكثر المهارات جذباً لأصحاب العمل، تليها الكفاءات العاملة في مجالات الإدارة وإدارة الأعمال والخدمات المالية. بينما يتلقى المهندسون والمتخصصون في مجالات تكنولوجيا المعلومات عدد أقل من عروض العمل، نتيجة التباطؤ العالمي الذي يعاني منه قطاع التكنولوجيا.

وبحسب الدكتور كريستوفر دانيال، المدير المفوض والشريك في بوسطن كونسلتينج جروب الشرق الأوسط: «يعتبر توظيف الكفاءات والمواهب المميزة تحدياً قائماً بذاته في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تكتسب العروض المغرية أهمية ثانوية لدى الباحثين عن عمل. وبحسب الدراسات يرفض حوالي 41% من المرشحين عرضاً وظيفياً جيداً عند مواجهة تجربة سلبية خلال عملية التوظيف في الإمارات العربية المتحدة. ويتطلع معظم المهنيون للعمل في وظيفة مثالية، تتميز بالاستقرار مع القدرة على إيجاد التوازن الصحي بين الحياة المهنية والشخصية، وتمضية وقت كاف مع العائلة والأصدقاء وممارسة الهوايات التي يفضلونها. ورغم كل ما تقدم، يعتبر الراتب الشهري من أهم التحديات التي يواجهها الباحثون عن عمل عند اختيار وظيفة جديدة». 

أهم أسباب رفض عروض التوظيف

يتطلع الناس عادة للحصول على وظيفة ثابتة مع مستوى طويل الأمد من التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، بينما تشكل حزمة الرواتب والمزايا المادية إحدى أهم الأولويات التي يهتم بها المرشحون للوظائف في الإمارات، حيث تعتبر الرواتب المنخفضة والمكافآت المتدنية أحد أهم عوامل رفض عروض التوظيف (16%). وتأتي استحقاقات التقاعد والتأمين في المرتبة الثانية (13%)، والعلاقة مع المدير المسؤول في المرتبة الثالثة (12%).

وجرى تصنيف المشاركين في الاستبيان حسب الفئة العمرية، حيث أظهرت النتائج تساوياً في اهتمامات الباحثين عن عمل لناحية أولوية الراتب والتوازن بين العمل والحياة بغض النظر عن الفئة، بينما تختلف مسببات رفض العروض الوظيفية على نحو ملحوظ مع التقدم في العمر:

•    يهتم الشباب على نحو استثنائي بموقع الشركة و/أو جدول العمل، وقيم المؤسسة.

•    يولي الموظفون الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و 50 عاماً الأهمية للإجازات ومزايا التأمين والتقاعد.

•    ركز المجيبون الذين تزيد أعمارهم عن 50 إلى 60 عاماً، على مزايا القيادة وتحمل المسؤولية والعلاقة مع المدير المسؤول. 

نقض الأفكار الخاطئة

أظهرت نتائج الاستبيان انتشار مجموعة واسعة من الأفكار الخاطئة ذات الصلة بالتوظيف، فعلى سبيل المثال، أكد 41% من المجيبين رفضهم لعرض العمل المميز في حال مواجهة تجارب سلبية أثناء عملية التوظيف، وقال 67% منهم إن عملية التوظيف السلسة التي تجري في مسار زمني مناسب، من أهم المعايير المميزة لصاحب العمل. ما يؤدي إلى نقض الفكرة القائلة بعدم أهمية عملية التوظيف في حال تلقى المرشح عرضاً وظيفياً مميزاً وجاذباً. 

من ناحية أخرى، مازال 76% من الباحثين عن عمل يفضلون العمل التقليدي لمدة خمسة أيام في الأسبوع، ما ينفي فكرة تقادم الوظائف اليومية التقليدية وفقدان أهميتها لصالح الوظائف بدوام جزئي والمشاريع الخاصة والأعمال الحرة. وعلى الرغم من ازدهار سوق التوظيف الرقمي، يفضل معظم المشاركين (68%) قنوات التقديم التقليدية والمقابلات الشخصية، رغم أن 40% من المرشحين يشعرون براحة أكبر أثناء المقابلات الافتراضية باعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، أو عبر إنشاء فيديو للتعريف بأنفسهم، بنسبة تصل إلى ضعف المتوسط العالمي بمعدل (23%). 

دور أصحاب العمل 

بحسب مؤلفي التقرير، يمكن لأصحاب العمل اتخاذ عدد من الخطوات الفعالة لجذب اهتمام المرشحين والباحثين عن عمل. وتقدم الدراسة تفاصيل متعمقة حول ستة جوانب رئيسية يجب مراعاتها خلال عملية التوظيف:

1.    تقسيم النهج التوظيفي على نحو مبتكر لجذب موظفين محتملين من خلفيات متنوعة وبشخصيات متميزة.

2.    إعادة تصور عملية التوظيف بشكل جديد يحاكي التجارب الشخصية.

3.    تجاوز التحيزات والأفكار السائدة لتوسيع نطاق المواهب والكفاءات في الشركة. 

4.    استخدام الأدوات الرقمية بشكل مؤثر ولكن انتقائي.

5.    تعزيز مبادئ ثقافة العمل على النحو الصحيح.

6.    إعادة توظيف الكفاءات العاملة في الشركة.