يدرك القائمون على غالبية الصناعات بالفعل أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على خلق قيمة اقتصادية كبيرة، إلا أن الدعم الحكومي والتنظيم يمكنهما أيضاً جلب فوائد الذكاء الاصطناعي للمواطنين في أنحاء العالم كافة.

ويتعين أن يكون الهدف النهائي لكل دولة هو تنمية اقتصاد مرن، وليس فقط الهيمنة داخل منطقة معينة أو جذب الشركات الكبيرة. وبحسب تقرير منشور في مجلة «فوربس» الأمريكية، يتوسم العديد من المراقبين أن يكون الذكاء الاصطناعي له التأثير الثوري نفسه على الاقتصاد العالمي اليوم مثل الكهرباء في أواخر القرن التاسع عشر، حيث أصبح من الواضح مع انتشار الكهرباء أن الأمر يتطلب إطاراً جديداً، لأنه كان مختلفاً تقريباً عن أي سلعة أو خدمة أخرى. كل من يتقن هندسة واقتصاد الكهرباء سيغير مسار التاريخ بشكل لا يمحى، لم يكن التقدم في التقنيات التحويلية خطياً ولا يمكن التنبؤ به. ولم تتراكم فوائد الكهرباء لمكتشفيها الأوائل، ولكن لأولئك الذين حددوا كيف يمكن للكهرباء أن تغير مجتمعاتهم في سياقها الحالي.

وذكر تقرير «فوربس» أن الذكاء الاصطناعي في سبيله لتحويل هائل للبلدان والاقتصادات والصناعات بطريقة مماثلة. وبتعبير آخر، فإن البلدان التي ستحصد أكبر قدر من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي هي تلك التي تتبنى استراتيجيات تبني على أساس النظم البيئية الاقتصادية المحلية والعالمية الموجودة لديها. وأوضح التقرير أنه يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة أو تحسين كل منتج أو خدمة أو بنية تحتية تقريباً تُبنى عليها البلدان. وعلاوة على ذلك، فسيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى منتجات أفضل، ويساعد على تقديم تجربة أفضل للعملاء وميزات أفضل وسعر أقل؛ لذا فإن الحكومات الرائدة تتفهم ذلك جيداً، وتقوم ببناء البنية التحتية حوله.

عوامل رئيسة

وتساءل التقرير: ما الدول التي تقود سباق التسلح العالمي للذكاء الاصطناعي؟

بحسب رأي أبيشيك سريفاستافا، الذي شارك مع ترونج جي، في كتابة مقال بعنوان: «سباق التسلح العالمي للذكاء الاصطناعي - كيف يمكن للدول تجنب التخلف عن الركب؟» حول المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، والدول التي تتصدر وتتأخر في سباق التسلح للذكاء الاصطناعي، فإن أربعة عوامل رئيسة يمكن استخدامها في تقييم مستويات مختلف دول العالم في سباق التسلح العالمي للذكاء الاصطناعي، وفي المفاضلة بينها، وهي:

1 - أنشطة الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي: تشمل حجم الاستثمار في الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي لكل فرد وعدد الشركات المليارية لكل مليون شخص.

2 - الوظائف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي: النسبة المئوية للوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الاقتصاد.

3 - تبني الذكاء الاصطناعي في القطاع الخاص: يشمل مستوى اعتماد الذكاء الاصطناعي وتوافر الأموال المخصصة له في أكبر 10 شركات محلية مدرجة.

4 - معرفة الذكاء الاصطناعي ومهاراته: تشمل الحاضنات المدعومة/الممولة من أفضل 5 جامعات، وعدد براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي المسجلة لكل مليون شخص.

ويقول سريفاستافا: «عندما ننظر إلى هذه الأبعاد الأربعة، نرى أن الصين تبذل الكثير من الجهد في الذكاء الاصطناعي وبناء هذه القدرات، ولكن فيما يتعلق بالتبني الخاص، فقد فوجئنا برؤية دول أصغر مثل سنغافورة تأخذ زمام المبادرة بشكل كبير. وتُعد هذه الدول بمثابة بوتقة مختبرات العالم، إن جاز التعبير».

الصين وأمريكا

وأضاف سريفاستافا: «تُعد الولايات المتحدة والصين لاعبتين قويتين في عالم الذكاء الاصطناعي. على المدى الطويل، نعلم أن المزيد من البيانات يؤدي إلى ذكاء اصطناعي أفضل، وبالتالي فإن حجم الصين والولايات المتحدة سوف يتفاعل مع كمية البيانات التي تجمعانها. تقود الولايات المتحدة أيضاً الطريق في تصميم الخوارزميات وتطوير الموجة التالية من تقنية الذكاء الاصطناعي. وبسبب هذا الابتكار، أصبحوا قادرين على جذب أفضل المواهب، ما يعني أن هذه الآلية باتت مفيدة للبلد. داخل القطاع الخاص، تمتلك ألمانيا قدراً كبيراً من الوظائف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، لا سيما في الشركات الصغيرة والمتوسطة والتصنيع».

الاستثمار في البحث والتطوير

ويقول سريفاستافا: «أود أن أؤكد في هذا السياق أهمية الاستثمار في دعم البحث والتطوير. بدأت المملكة المتحدة والأمريكتان وكندا الاستثمار في الذكاء الاصطناعي منذ عقد من الزمان، وهم يجنون فوائده الآن. يكاد العمل يكون كالمعتاد في تلك البلدان، في حين أن البلدان الناشئة ستحتاج حقاً إلى بذل الكثير من الجهد في كيفية تمويل البحث والتطوير».

وأردف: «إن إيجاد التوازن الصحيح بين مشاركة البيانات وحمايتها سيلعب أيضاً دوراً مهماً. إذا كان لدى بلد ما لوائح صارمة بشأن كيفية استخدام البيانات، فقد يكون لذلك تأثير سلبي على مدى استفادة الدولة من الذكاء الاصطناعي، لكن حماية خصوصية البيانات مهمة أيضاً».