نجحت «إنفستوبيا 2024»، في إطلاق وصناعة حوار استراتيجي شامل جمع أكثر من 105 متحدثين ومتحدثات من الوزراء وصناع القرار وكبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين ورواد الأعمال من مختلف أنحاء العالم ضمن مظلة واحدة، لرسم مسار واضح يدعم النمو الاقتصادي المستدام للدول والمجتمعات، وتعزيز المسيرة التنموية في ظل التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم، والتباحث في أبرز الملفات الاقتصادية الحيوية على المستويين الإقليمي والعالمي.

وأوصى المتحدثون بأهمية زيادة تدفق الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية الجديدة والمستدامة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والبنية التحتية والطاقة النظيفة والاقتصاد الدائري والصحة والصناعات الإبداعية والرياضة والسياحة والطيران والترفيه، إذ تتماشى هذه القطاعات مع التوجهات العالمية الحديثة للاستثمار والتمويل كونها قطاعات مستقبلية تُسرع التحول إلى نماذج اقتصادية أكثر مرونة وتنافسية.

الذكاء الاصطناعي

ورأى الخبراء المشاركون أن الاعتماد على تطبيقات وحلول الذكاء الاصطناعي بات أمراً حيوياً لتسريع الاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية، ودعم اتخاذ القرارات المناسبة في شأن الاستثمار في الصناديق والمؤسسات الاستثمارية، كما أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في التغلب على التحديات التي تقف أمام التنمية الاقتصادية في العديد من دول العالم ولا سيما الأسواق الناشئة، وكذلك تطوير المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية الرقمية.

وأشار المتحدثون إلى أن «الذكاء الاصطناعي التوليدي» سيحدث تغييراً شاملاً في تحليل البيانات والمعلومات وتقييم الأخطار في المرحلة المقبلة، وهو ما سيؤثر في التوجهات والاستراتيجيات العالمية الخاصة بالاستثمار.

وأشاروا إلى أن دولة الإمارات تتمتع بموقع متميز وجاذب للاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة ومراكز البيانات، إذ تمتلك منظومة تشريعية واستراتيجيات حاضنة لمشروعات الذكاء الاصطناعي، وكذلك بنية تحتية رقمية قوية، إضافة إلى وفرة في الإمكانات ومن أبرزها توفير الطاقة والكهرباء الداعمة لنمو هذه المجالات الحيوية.

التكنولوجيا المالية

وبينت جلسات إنفستوبيا أن قطاع التكنولوجيا المالية «Fintech» يمثل أحد أهم القطاعات الواعدة والناشئة في عالم الاستثمار، وتشمل مجالاته خدمات الدفع والتحويلات والتمويل متناهي الصغر والتأمين والرقابة والأمن السيبراني وبلوك تشين والعملات المشفرة.

وأوضح المتحدثون أن الاستثمار في التكنولوجيا المالية أكثر سهولة ومرونة مقارنةً بالاستثمار في أنشطة اقتصادية أخرى، كما أن الفترة الأخيرة شهدت توسعاً كبيراً في نطاق الاستثمار في هذا القطاع الحيوي وزيادة قاعدة المستثمرين المهتمين بضخ الاستثمارات في مختلف الأنشطة والمجالات المتعلقة بالتكنولوجيا المالية، ولا سيما مجال الأصول الرقمية.

الاستدامة والاستقرار المالي

وأكد المختصون أن نجاح الاستثمار في صناعة الرياضة يتوقف على اتباع نهج شامل يقوم على الاستدامة والاستقرار المالي، كما أن التكنولوجيا والمسؤولية المجتمعية سيؤديان دوراً بارزاً في تشكيل مستقبل الاستثمار الرياضي على المستوى العالمي، وتعزيز تجارب الجمهور في أثناء حضور المباريات وتوسيع نطاق الوصول إلى الجماهير الرياضية.

وأفادوا بأن الأسواق الناشئة تتمتع بفرص استثمارية واعدة في العديد من الأنشطة الرياضية، ولديها إمكانات يمكن استغلالها بطريقة مثالية، وتمثل المشروعات الرياضية القائمة على التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص محفزاً رئيساً على تعزيز النمو والابتكار في المشهد الرياضي العالمي المتطور باستمرار.

وبينت النقاشات في جلسات «إنفستوبيا» أن واقع الرياضة النسائية يشهد تغيراً تدريجياً، والعمل على زيادة تنوعها سيخلق فرصاً استثمارية متنامية، وهو من شأنه دعم قيمة الأنشطة والقطاعات الرياضية على المستوى العالمي، ولذلك يجب على المستثمرين ورجال الأعمال النظر إلى هذه الرياضة بصورة أوسع وأشمل في الفترة الراهنة، وخاصة في ظل آفاق استثمارية واعدة تتمتع بها الرياضة النسائية.

تجربة الإمارات الريادية

وسلط المتحدثون الضوء على أهمية التطوير المستمر للاستراتيجيات الاستثمارية الخاصة بمستقبل صناعة الطيران والسياحة، والإمكانات التحويلية للطائرات العمودية الكهربائية، والاعتماد على الوقود المستدام؛ واستعرض المتحدثون تجربة دولة الإمارات الريادية في الالتزام بالاستدامة والابتكار في قطاع الطيران، ودوره في تعزيز نمو واستدامة الاقتصاد الإماراتي، وكذلك حرص الدولة على التوسع في مجال طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية (eVTOL)، بما يعزز مكانتها مركزاً عالمياً رائداً لقطاع الطيران.

مواجهة التغيرات المناخية

وشدد الخبراء المشاركون على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة في شأن التغيرات المناخية ومعالجة التحديات البيئية بصورة مجدية ومتكاملة، والعمل على توفير المحفزات لتشجيع الاستثمار في الأنشطة والمجالات المتعلقة بالاستدامة البيئية، وكذلك تطوير استراتيجيات جديدة قادرة على التكيف مع المتغيرات الجيوسياسية، التي تُشكل تحدياً للمرونة الاقتصادية العالمية.

الاستثمار في أصحاب المواهب

ولفتت جلسات إنفستوبيا إلى أهمية زيادة الاستثمارات المخصصة من الحكومات والقطاع الخاص في العنصر البشري وأصحاب المواهب كونهما أحد أهم العناصر الاستراتيجية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتلبية الاحتياجات المستقبلية للمجتمعات، كما يُمكن لأصحاب المواهب والعقول اللامعة ابتكار وتطوير تطبيقات رقمية متقدمة تسهم في توفير حلول تدعم النمو الاقتصادي.

احتضان الابتكار

وأشار المتحدثون إلى أن خلق بيئة مواتية لتعزيز الابتكار وبناء مشروعات ريادية قائمة على الإبداع والتميز يمثل أمراً بالغ الأهمية لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، كما أن تركيز الحكومات على خفض الانبعاثات الكربونية والدفع نحو التحول الرقمي سيدعم تنافسية هذه البيئة ويعزز الاستقرار الاقتصادي.

وأكدوا من جانب آخر أهمية الدور المحوري لدولة الإمارات في تعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير صناعات جديدة تدعم مستقبل التنمية الاقتصادية المستدامة والتحول بصورة سريعة نحو العصر الرقمي، وكذلك النهج الاستباقي الذي تبنته دولة الإمارات للتحول من الصناعات كثيفة الكربون إلى المبادرات المستدامة مثل التوسع الكبير في مجال الطاقة النظيفة، فرأى المتحدثون أن دولة الإمارات تعد نموذجاً يحتذى به لبناء اقتصاد مستقبلي قائم على الابتكار والمعرفة والاستدامة.

سياسات مالية مرنة

وأشارت جلسات إنفستوبيا إلى أن حرص الحكومات على تبني التشريعات الاقتصادية التنافسية والسياسات المالية المرنة وتقديم التسهيلات الضريبية سيسهم في التغلب على حالة عدم اليقين التي يتسم بها المشهد الاقتصادي العالمي، واحتواء الصدمات وتقليل الأخطار التي تواجه الاقتصادات الناشئة.

وأوضح المتحدثون أن البلدان النامية تواجه العديد من التحديات الراهنة ومنها ارتفاع معدلات التضخم وعدم تلبية احتياجات مواطنيها بصورة مثالية، ولذلك لا بد من التوسع في توفير استراتيجيات متكاملة للحماية الاجتماعية في المرحلة المقبلة، وتوفير سياسات اقتصادية مستدامة تراعي البعد الاجتماعي وتخفض أعباء الديون التي تواجهها الاقتصادات الناشئة.