تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، اختتمت المنظمة العالمية للمناطق الحرة فعاليات الدورة العاشرة من المعرض والمؤتمر الدولي السنوي للمنظمة، والتي استقطبت أكثر من 2,000 مشارك من 136 دولة.

وتزامن انعقاد الدورة العاشرة من المعرض والمؤتمر الدولي السنوي للمنظمة مع الذكرى العاشرة على انطلاقتها قبل عقدٍ من الزمن من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، واتخاذها من دبي مقراً دائماً لها، وذلك للعب دور رئيسي في إرساء المعايير والمساهمة بدفع الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة على المستوى العالمي. ونجحت المنظمة خلال العقد الماضي بتعزيز قاعدة الأعضاء من 14 عضواً مُؤسّساً إلى مجتمع عالمي مزدهر يضم 1600 عضو من 141 دولة، مدعومةً بتمثيل عالمي يشمل 12 مكتباً إقليمياً و42 نقطة اتصال وطنية.

مستقبل القطاعات

واستهل المؤتمر فعالياته بتنظيم "ملتقى وزاري" شارك فيه معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية، إلى جانب رئيس وزراء دومينيكا و24 وزيراً ونائب وزير وأمين عام، وناقش الدور المستقبلي للذكاء الاصطناعي والتقنيات الجديدة في التجارة العالمية، مع التركيز على 5 قضايا أساسية تمحورت حول كيفية استغلال الفرص الناشئة ومواجهة التحديات من خلال التعاون الدولي، وتعزيز الاستفادة من الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي والتقنيات الجديدة والتقليل من مخاطرها، وتفعيل عمل التجارة والذكاء الاصطناعي بشكلٍ أفضل من أجل دفع التنمية المستدامة عالمياً، وتحفيز التجارة والاستثمار وتحديات سلسلة التوريد من خلال المناطق الحرة، وتشكيل سلاسل توريد أكثر أماناً ومرونة من خلال المناطق الاقتصادية الحديثة.

وفي كلمته خلال الملتقى الوزاري، قال معالي الدكتور ثاني الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية: "نقف على أعتاب مرحلة جديدة لقطاع التجارة العالمية تتسم بالعديد من التحديات والفرص، في الوقت الذي تشهد فيه سلاسل التوريد تحولاً مدفوعاً بالرقمنة. إذ تلعب التكنولوجيا في الوقت الراهن دوراً كبيراً على صعيد تجاوز الحدود وإعادة تشكيل ملامح التجارة العالمية، وذلك في ظل قدرات تقنيات الذكاء الاصطناعي والبلوتشين على تسريع وتعزيز كفاءة سلاسل التوريد، حيث تبرز التكنولوجيا باعتبارها قوة تحولية قادرة على تجاوز الحدود الإقليمية وإحداث ثورة عالمية في التجارة".

وأضاف معالي الزيودي: "تتمتع دولة الإمارات بمكانة استراتيجية لريادة التجارة العالمية من خلال تبني موقفٍ يوازن بين التجارة والديبلوماسية مع تعزيز شراكاتها الاستراتيجية من خلال اتفاقيات التعاون الاقتصادي". 

وأكد المشاركون في الملتقى الوزاري ظهور نموذج جديد للتجارة العالمية مدفوعاً بتحول سلاسل التوريد العالمية ورقمنة التجارة، منوهين بأن الصراعات والأزمات العالمية والاضطرابات التجارية والممارسات الحمائية تفرض تحديات جديدة على حركة التجارة والنمو الاقتصادي على المستوى الدولي، مع الإشارة إلى أن التطور التكنولوجي المتسارع وجهود التنمية المستدامة حول العالم توفر فرصاً جديدة للدول والصناعات.

منصة عالمية

وبهذا الصدد، قال سعادة الدكتور محمد الزرعوني، رئيس المنظمة العالمية للمناطق الحرة: "أكدت الدورة العاشرة من المعرض والمؤتمر الدولي السنوي للمنظمة على الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تأسيس المنظمة قبل 10 أعوام، حتى باتت اليوم منصة عالمية ترتقي بأداء المناطق الحرة وبمساهمتها الاستراتيجية في النمو الاقتصادي العالمي، وتجمع تحت مظلتها منظومة متكاملة تدعم ثلث التجارة العالمية التي تمر عبر هذه المناطق في مختلف الأقاليم والمناطق".

وأضاف: "لا نحتفي في دورة هذا العام بمرورٍ عقدٍ من الزمن على التأسيس فقط، بل نتطلع فيها للمستقبل من خلال العمل على استشراف توجهاته ومواكبة تطوراته، وسبل تعزيز مساهمة المناطق الحرة حول العالم في مختلف القطاعات والصناعات من جانب، وفي زيادة حجم وانسيابية حركة التجارة والفرص الاستثمارية من جانبٍ آخر، لنواصل وضع قطاع المناطق الحرة في قلب عملية التحول الشامل نحو اقتصاد المستقبل بالاستناد إلى الهوية المؤسسية الجديدة للمنظمة التي جرى إطلاقها ضمن فعاليات المؤتمر ومحاورها الاستراتيجية والمتمثلة في التأثير والنفوذ والثقة لتحقيق التنمية المستدامة". 

وركزت الجلسات الحوارية والنقاشية وورش العمل على مستقبل المنظمة بشكلٍ عام وقطاع المناطق الاقتصادية الحرة والقطاعات الرئيسية خلال العقد المقبل بشكلٍ خاص، بالتركيز على آليات المساهمة الفاعلة في تحقيق النمو والازدهار الشامل على مستوى الاقتصاد العالمي، إلى جانب مواصلة بناء وترسيخ علاقات التبادل التجاري وشبكة الشراكات بين المناطق الاقتصادية في دول المنظمة، فضلاً عن توسيع نطاق الأنشطة لتشمل قطاعات اقتصادية حديثة تواكب متطلبات عصر الذكاء الاصطناعي والتجارة الرقمية والثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيا المتقدمة.

وشمل جدول أعمال المؤتمر جلسات رئيسية حول مستقبل قطاعات الخدمات اللوجستية والطاقة والوصول للتمويل والتصنيع والقطاع الرقمي، حيث استعرضت كلٌ منها آخر مستجدات وتطورات هذه القطاعات وتحدياتها وسبل الاستجابة لها وتجاوزها. إذ سلطت الجلسة الخاصة بمستقبل قطاع الخدمات اللوجستية الضوء على استخدامات دولة الإمارات للأتمتة وإنترنت الأشياء لزيادة الكفاءة على مستوى الموانئ والمطارات والطرق، كما ركزت النقاشات حول سبل الحد من الكربون، وتشريعات الاقتصاد الأخضر، وأهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في اعتماد تقنيات لوجستية مستدامة.

واستعرضت جلسة "مستقبل التمويل" تطور المناطق الحرة ودورها في إضفاء الطابع الإقليمي على سلاسل التوريد وتوفير فرص العمل، حيث أكد المشاركون على أهمية الوصول إلى التمويل في دفع مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في مجالات جديدة، لا سيما في آسيا وأمريكا اللاتينية، في حين ناقشت الجلسة الخاصة بقطاع الطاقة الدور الاستراتيجي للمناطق الحرة في ربط أسواق الطاقة العالمية، مسلطة الضوء على ريادة دولة الإمارات بشكلٍ خاص في مجال الطاقة المتجددة والإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي في إدارة الطاقة لتحسين الكفاءة والاستدامة.

وبالإضافة إلى ذلك، ركزت جلسة "مستقبل التصنيع" على دور المناطق الحرة في تعزيز التعليم والقوى العاملة والتنمية الاقتصادية، بما في ذلك أهمية معالجة المفاهيم الخاطئة حول المناطق الحرة، والحاجة إلى تحقيق التوازن بين التعليم الرسمي والتدريب الوظيفي. أما الجلسة الخاصة بالقطاع الرقمي فاستعرضت مستقبل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والأمن السيبراني وخصوصية البيانات، مع تسليط الضوء على دور المناطق الحرة في مجالات الابتكار والرقمنة ودورها في تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

تعزيز الشراكات الإقليمية

وشهد المؤتمر توقيع المنظمة العالمية للمناطق الحرة مذكرة تفاهم مع منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية، والتي تحدد أطر التعاون الثنائي بين الجانبين في 4 مجالات رئيسية هي تطوير السياسات، وبناء القدرات، وتبادل المعلومات، والترويج للتجارة وتسهيل الاستثمارات، حيث شهد مراسم توقيع المذكرة كلاً من سعادة الدكتور محمد الزرعوني رئيس المنظمة العالمية للمناطق الحرة، وسعادة امكيلي مين، الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الافريقية.

وتنص المذكرة على التعاون بين الجانبين في مجال التطوير المشترك للسياسات التي ترتقي ببيئة الأعمال ومزاولتها ضمن المناطق الحرة على مستوى القارة الأفريقية، وتعزيز جهود التنسيق لتنظيم وتوحيد معايير القياس، إلى جانب تنظيم البرامج وورش العمل والجلسات الحوارية للأطراف المعنية والشركاء، فضلاً عن تقديم الدعم الفني بشكلٍ عام وبناء القدرات بشكلٍ خاص للمناطق الحرة والمنظمات ذات الصلة.

بالإضافة إلى ذلك، سيعمل الجانبان بموجب المذكرة على تبادل المعارف والمعلومات وأفضل الممارسات وتوجهات الأسواق والدراسات وإصدار التقارير والمطبوعات، فضلاً عن التنظيم المشترك للبعثات والمهام التجارية، والمعارض والمنتديات الاستثمارية، والترويج للفرص الاستثمارية ضمن المناطق الحرة الأفريقية أمام المستثمرين العالميين.

محاور استراتيجية جديدة

يذكر أن فعاليات الدورة العاشرة من المعرض والمؤتمر الدولي السنوي شهدت إطلاق المنظمة لهويتها المؤسسية الجديدة، والتي شملت تحديث رؤيتها ورسالتها وأهدافها الاستراتيجية. وستعمل المنظمة في ضوء استراتيجيتها الجديدة على تحقيق مجموعة أهداف ستركز عليها في المرحلة المقبلة، وتتجسّد في فتح آفاق استثمارية جديدة، والتأكيد على المساهمة الاجتماعية من خلال دعم مبادرات الحياد الكربوني، وذلك عبر أدواتها للتعلم والتواصل والاستشارات، بما يؤدي لإحداث تغيير إيجابي واضح وتعزيز التعاون ضمن منظومة المناطق الحرة عالمياً.