الحيوانات المهددة بالانقراض مثل الحيتان الحدباء ووحيد القرن كثيرا ما تتصدر عناوين الصحف، ولكن الحياة النباتية مثل الفواكه والخضروات التي يزرعها البشر منذ آلاف السنين هي الأخرى معرضة لخطر الزوال. إذ كشفت إحدى الدراسات أنه من بين 8000 نوع من البذور المزروعة في الولايات المتحدة عام 1903، لم يتبقى منها سوى 600 نوع فقط بحلول عام 1983. وفي حال وقوع حرب نووية عالمية أو كوارث فضائية مثل اصطدام كويكب بالأرض أو حدوث كوارث مناخية، ستختفي هذه المحاصيل إلى الأبد ويبقى الحل الوحيد لتفادي هذه الكارثة هو بناء "قبو عالمي لحماية البذور" والذي سيساهم بشكل كبير في إعادة بناء الحضارات.
يقع قبو البذور العالمي "سفالبارد" على بعد 1300 كيلومترا من جنوب القطب الشمالي، في جزيرة سبيتسبيرجين النرويجية، في كهف تحت الأرض، وهو عبارة عن قلعة كبيرة تستوعب أكثر من 4.5 مليون من أصناف البذور.
يطلق على القبو اسم قبو "يوم القيامة" إشارة إلى الكوارث الطبيعية الاقليمية أو العالمية. ويعتبر بمثابة بوليصة تأمين دولية ضد الكوارث النباتية، تعمل على تأمين الإنتاج الغذائي في أي مكان على هذا الكوكب بعد وقوع كارثة إقليمية أو عالمية.
ورغم أن الصحافة العالمية تصور القبو على أنه وسيلة لتوفير البذور في حال حدوث كارثة عالمية كبرى، إلا أن هذه البذور تستغل في كثير من الأحيان في تزويد "بنوك البذور" المتوزعة في انحاء العالم وعددها 1400 بنك، والتي قد فقدت بعض العينات بسبب سوء الإدارة، أو الحوادث، أو الكوارث الطبيعية، خاصة وأن العديد من هذه البنوك تقع في دول غير مستقرة سياسيا أو معرضة لتهديدات بيئية.
تأسس القبو على يد شركة كاري فاولر (Cary Fowler ) بالتعاون مع المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR )، وقد تم تمويل أعمال البناء التي قدرت بـ (9 ملايين دولار) بالكامل من قبل حكومة النرويج.
تخزين البذور في القبو هو مجاني، وتهتم حكومة النرويج والصندوق الاستئماني العالمي للتنوع المحصولي بدفع تكاليف التشغيل. كما تساهم المنضمات الخيرية العالمية مثل مؤسسة بيل و ميليندا غيتس، والحكومات من مختلف أنحاء العالم في تمويل المشروع.
افتتح القبو في عام 2008، وضم خلال السنة الأولى حوالي 400 ألف عينة من البذور جاءت من ايرلندا والولايات المتحدة وكندا وسويسرا وكولومبيا والمكسيك وسوريا. وارتفع عدد العينات في مارس 2013 إلى 770 ألف عينة.
تم إنشاء القبو على عمق 120 مترا داخل جبل من الحجر الرملي في سفالبارد على جزيرة سبيتسبيرجين، واعتبر المكان المثالي نظرا لكون المنطقة معزولة ودائمة التجمد، إذ تقع على بعد 130 متر فوق مستوى سطح البحر مما يضمن بقاء الموقع جافا حتى في حال ذابت القمم الجليدية.
يتم تخزين البذور في علب خاصة تمنع الرطوبة، ويوفر الفحم المستخرج محليا الطاقة لوحدات التبريد التي تقوم بتخزين البذور على درجة 18 مئوية (0 درجة فهرنهايت). وحتى في حال تعطل المعدات، تبقى درجات الحرارة منخفضة لعدة أسابيع بسبب الحجر الرملي المحيط بالقبو. ولضمان أمن القبو، تم تركيب أجهزة استشعار وكاميرات لمراقبة المدخل. ويعمل برج المراقبة في المطار المحلي والذي يطل مباشرة على الموقع، على توفير الإضاءة للقبو حتى خلال أشهر الشتاء المظلمة.