على الأرض، حيث يعيش العالم أجمع، لا تبدو الحياة وردية كما يظنها البعض، فهناك الكثير من المستضعفين، ممن لا يجدون قوت يومهم، فيضطرون إلى النوم ليلاً، وقد خلت أمعاؤهم من الطعام، ولا يعرفون إن كان لديهم الفرصة لتناول وجبة صغيرة أم لا، وفي الوقت الذي يعاني فيه هؤلاء من آلام الجوع، هناك من يساهم في توسيع رقعة الهدر لكميات الطعام، والتي تبلغ قيمتها سنوياً نحو تريليون دولار وتكفي لإطعام نحو مليوني جائع سنوياً، وبالنظر إلى ذلك لا يبدو وضع الأمن الغذائي العالمي جيداً، فهناك 840 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفق ما كشف عنه عبد المجيد يحيى، مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في الإمارات، والذي أكد لـ«البيان» أن النزاعات المسلحة والتغير المناخي يلعبان دوراً كبيراً في توسيع رقعة الجوع في العالم.

دعم

وقال عبدالمجيد إن الإمارات تعد سادس أكبر ممول لعمليات البرنامج، مشيراً إلى أن حجم مساهماتها في 2019 تجاوزت حاجز 600 مليون دولار، فضلاً عن استضافتها في مدينة دبي للخدمات الإنسانية، لأكبر مكتب لبرنامج الأغذية العالمي خارج مقره في روما، وتحتضن أهم مركز لوجستي في منظومة الأمم المتحدة.

«البطون الفارغة حمل ثقيل»، مثل إيرلندي لا يزال صداه يدق في فضاء العالم، حيث تتسع فيه رقعة الجوع الذي يهدد الأمن الغذائي العالمي، وكثيرون هم الجوعى الذين ينتظرون الليل لإطلاق العنان لأحلامهم بحياة أخرى يكون الشبع سيدها، لكن الواقع يبدو مختلفاً، وبحسب تعبير عبد المجيد يحيى فإن «عدد الجوعى في العالم يزداد ارتفاعاً»، ويقول: «حسب الإحصائيات هناك حاليًا 840 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي أنهم يذهبون إلى فراشهم وهم لا يعرفون من أين ستأتيهم وجبتهم التالية، ومن بين هؤلاء هناك 280 مليوناً يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، ومن بينهم 45 مليون شخص من 43 دولة يقفون على بعد خطوة واحدة من المجاعة»، ويضيف: «يمكن القول بأن وضع الأمن الغذائي عالمياً حالياً آخذ بالتراجع مقارنة مع ما كان عليه قبل 7سنوات، حيث ساهمت النزاعات المسلحة حول العالم في توسيع رقعة الجوع، حيث يعيش ثلثا الجوعي في مناطق النزاعات المسلحة».

حل جذري

ويؤكد عبد المجيد يحيى أن تفعيل الإرادة السياسية عالمياً يعد حلاً جذرياً لأزمة الغذاء العالمي، ويقول: «منذ 2015 حيث تبنى فيه العالم أهداف التنمية المستدامة وبرنامج الأغذية العالمي يعمل ضمن مسارين، الأول انقاذ المستضعفين وتمكينهم من إطعام أنفسهم، والثاني تغيير نمط الحياة وطبيعتها، بالنظر إلى طبيعة مقدراتنا الآخذة بالتناقص، بسبب النزاعات المسلحة والتغيرات المناخية، فمثلاً القرن الإفريقي يواجه موجة جفاف هي العاشرة خلال الـ15 عاماً الماضية، بينما تواجه افغانستان ثالث سنة من الجفاف»، ويشير إلى أن «النزاعات المسلحة تحتل المرتبة الأولى في قائمة أسباب توسع رقعة الجوع عالمياً، حيث باتت آثارها غير قاصرة على المنطقة التي تجري فيها وإنما أخذت تمتد نحو دول أخرى بسبب تدفق اللاجئين وازدياد نسبة المهاجرين وهو ما يشكل ضغطاً على اقتصادات الدول، فمثلاً تبلغ تكلفة إطعام اللاجئ السوري في الأردن 40 دولاراً شهرياً، في حين أن تكلفة إطعامه في ألمانيا تصل إلى 4000 يورو، وذلك بلا شك يؤثر كثيراً على حجم المساعدات التي نتلقاها، بينما تحتل التغيرات المناخية المرتبة الثانية ويقول:»في 2020 شهدنا انضمام عنصر جديد وهو جائحة «كوفيد -19» والتي أدت إلى انهيار العديد من الأنظمة الاقتصادية حول العالم، خاصة في أفريقيا، حيث يعتمد 80% من السكان على العمل اليومي وليس المنظم، ومع سياسات الإغلاقات فقد هؤلاء مدخولهم اليومي، وبالتالي دخولهم في دائرة الجوع«.

آمال برنامج الأغذية العالمي تبدو عالية، حيث طموحاته بأن يتمكن العالم من إنهاء الجوع في 2030، في حال نجح في إيقاف النزاعات المسلحة ونشر السلام حول الأرض.

مكانة رائدة

ويشير عبد المجيد إلى أن الإمارات احتلت مكانة رائدة في محاربة الجوع حول العالم ودعم البرنامج، وأصبحت واحدة من أبرز الدول المانحة له، ويقول:»تلعب الإمارات دوراً مهماً في دعم البرنامج، وقد تجاوز الدعم المادي الذي قدمته لنا في 2019 حاجز 600 مليون دولار، وهو ما جعلها سادس أكبر ممول للبرنامج، ولا تزال هذه المساهمات في ارتفاع مستمر، منوهاً إلى أن التسهيلات اللوجستية وقوة البنية التحتية في الإمارات قد سهلت كثيراً من عمل البرنامج، ومكنته من إيصال المساعدات إلى أصحابها بسرعة عالية، مؤكداً أن البرنامج قد استفاد كثيراً من جملة المبادرات التي تطلقها الإمارات بين الفينة والأخرى، ولعل آخرها حملة «100مليون وجبة»، مضيفاً: «استفدنا كثيراً من الحملة، حيث دعمت عملياتنا في فلسطين والأردن وبنغلادش والصومال، وقد شكلت هذه المبادرة شريان حياة في الأردن، حيث كنا نعاني من نقص التمويل، وكنا على وشك إيقاف المساعدات للاجئين، وجاءت المبادرة لإنقاذ الوضع، حيث وفرت لنا الحملة آنذاك ما يقارب 12 مليون دولار».