قال معالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية: إن قضية الحفاظ على الموارد المائية، بالتزامن مع الزيادة السكانية ومواكبة للتطور، الذي يشهده العالم يمثل تحدياً كبيراً يتطلب إعلاء مبادئ التعاون الدولي وتضافر كافة الجهود لمواجهة التحديات في مجال المياه.
وأضاف معاليه في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات «وام» على هامش إطلاق 4 مبادرات وطنية رائدة تعنى باستدامة الموارد المائية أن حكومة دولة الإمارات تؤمن إيماناً راسخاً بأن الأمن المائي شرط أساسي لجهود التنمية المستدامة، لذلك أطلقت الإمارات استراتيجيتها للأمن المائي 2036 الهادفة إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول إلى المياه، خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى، فيما أولت الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المعني بالمياه أولوية قصوى.
جاء ذلك خلال إطلاق معاليه 4 مبادرات وطنية رائدة، تعنى باستدامة الموارد المائية في الدولة، وذلك على هامش مشاركة الوزارة في أسبوع المياه العالمي الذي تنظمه الدولة في «إكسبو 2020 دبي»، والتي تتضمن المنظومة الرقمية لإدارة المياه في أصول البنية التحتية، ومبادرة الإدارة المتكاملة للسدود والمنشآت المائية، ومشروع الخريطة المائية وهاكاثون مستقبل المياه في أصول البنية التحتية، وذلك بحضور ممثلين من الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية.
ترشيد الاستخدام
وقال معالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، إن شح الموارد المائية يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه منطقتنا العربية، لافتاً إلى أنه وسعياً من دولة الإمارات لمواجهة التحديات المرتبطة بالمياه قامت الجهات المختصة في الدولة بتنفيذ العديد من المشروعات الكبري، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة المياه، إلى جانب إطلاقها المبادرات الهادفة إلى ترشيد استخدامات المياه وتنمية الموارد المائية.
وأشار إلى أن دولة الإمارات تواجه تحدياً يتمثل في ندرة الموارد المائية الطبيعية لوقوعها في نطاق المناطق الجافة، التي تعاني شحاً في مصادر المياه الطبيعية، بسبب قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وعدم توفر مصدر مائي دائم الجريان ويضاف إلى ذلك الاستهلاك المرتفع للمياه، بسبب النمو السكاني ونمط المعيشة ومتطلبات التنمية الاقتصادية والزراعية، وقد شكلت الظروف السابقة عبئاً على الموارد المائية المتاحة في الدولة مع تزايد الضغوط على موارد المياه الطبيعية وخصوصاً المياه الجوفية، التي تتعرض للاستنزاف المستمر.
وأضاف معاليه أنه يوجد تحديات فرضها أسلوب الإدارة المائية، الذي اتسم بالإدارة المجزئة لقطاع المياه مع التركيز على إدارة العرض بشكل واضح دون إدارة موازية للطلب، من خلال اعتماد الموازنة المائية على توفير الاحتياجات المائية المتزايدة بتحلية مياه البحر ذات الكلفة الاقتصادية والبيئة العالية، كما تفرض تأثيرات تغير المناخ والتعامل مع الحوادث الطارئة، التي قد تتعرض لها المنظومة المائية تحديات إضافية، تهدد استمرارية خدمات المياه واستدامة الأمن المائي.
الخريطة المائية
وأطلق معاليه المرحلة الأولى من مشروع الخريطة المائية، الهادف إلى إعداد قاعدة بيانات مكانية وطبقات من الخرائط الرقمية لخزانات المياه الجوفية وأحواض المياه السطحية بدقة عالية، حيث سيتم توظيف مخرجات المشروع في تطوير سياسات استغلال والمحافظة على موارد المياه الجوفية والسطحية، ودراسات السدود والمنشآت المائية، إضافة إلى تحديد إمكانيات المياه الجوفية ومناسيبها ونوعيتها، وسيسهم في توفير المعلومات المتعلقة بمؤشرات الهدف السادس للتنمية المستدامة المعني بموارد المياه وهي من المبادرات المرتبطة باستراتيجية الأمن المائي 2036.
وقال معاليه: «الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات التي انعقدت في شهر نوفمبر 2018، اعتمدت مشروع تطوير الخريطة المائية للدولة، وسيتم إطلاق المرحلة الأولى من المشروع لاستكمال الخريطة المائية للمناطق شمال الدولة، وتشمل كلاً من دبي والشارقة وعجمان، وأم القيوين، ورأس الخيمة، والفجيرة، وهو عبارة عن مشروع يتضمن إجراء مسح وتقييم مصادر المياه الجوفية والسطحية لإعداد مجموعة من الخرائط المرجعية عالية الدقة، حيث جارٍ تنفيذ «المرحلة الأولى» بالتعاون مع هيئة البيئة- أبوظبي، ومن المتوقع الانتهاء من المرحلة الثانية منتصف العام القادم، وذلك بالتنسيق مع الشركاء من البلديات ودوائر وهيئات الكهرباء والمياه في الدولة».
الإدارة المتكاملة
كما أطلق معاليه مبادرة الإدارة المتكاملة للسدود والمنشآت المائية، التي تستند إلى تطبيق ذكي مخصص لتنبيهات السدود والمنشآت المائية، وهو إحدى الأنظمة الذكية، التي تعمل عليها الوزارة بغرض مراقبة تأثير السيول والفيضانات على الوديان والسدود لحظياً، بالإضافة إلى تصنيف مناطق الخطورة وفقاً للتطورات المطرية، ومشاركة الجمهور بالتغذية الراجعة في مواقع الحدث أثناء الأمطار، مما يعزز المسؤولية المجتمعية للأفراد تجاه منشآت السدود والمنشآت المائية، والتطبيق عبارة عن مجموعة من أنظمة رصد ذكية ومتطورة تستخدم لأول مرة في الشرق الأوسط توظف الذكاء الاصطناعي في تحديد تدفقات المياه السطحية، خلال فترة السيول والفيضانات ورصد سرعتها وارتفاعها وحجم المياه المتدفقة في وديان السدود ومتابعة تأثيرها على تغذية المياه الجوفية، من خلال حساسات المياه المتوفرة في بحيرات السدود وآبار المراقبة والتغذية لرصد منسوب ونوعية المياه في بحيرات السدود ورصد المتغيرات في منطقة السد بشكل لحظي، مما يسهم دعم اتخاذ القرار.
الجدير بالذكر أن عدد السدود والمنشآت المائية في الدولة بلغ «150» سداً تشرف وزارة الطاقة والبنية التحتية على 103 منها، بسعة تخزينية إجمالية، تصل إلى 130 مليون متر مكعب.
منظومة رقمية
وأعلن معاليه عن إطلاق مبادرة «المنظومة الرقمية لإدارة المياه في أصول البنية التحتية»، وهي مبادرة تبرز أهم التقنيات الذكية، التي تسهم في الإدارة الفعالة للمياه في المباني الاتحادية، مما يسهم في إطالة العمر الافتراضي للمباني الاتحادية وتعزيز ديمومتها وفق الإجراءات الوقائية للمحافظة على استهلاك المياه في المباني الاتحادية، وتهدف المبادرة إلى تحقيق المستهدفات الوطنية لرفع مستوى الوعي والسلوك لدى فئات المجتمع في مجال ترشيد استهلاك الكهرباء والماء، بحيث يتم رفع مستوى الوعي من كونه وعياً معتدلاً في الترشيد إلى سلوك منتظم للفئات المستهدفة من خلال استخدام التقنيات الحديثة في المباني الاتحادية وتوضيح آلية استهلاك المياه فيها، وفق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
هاكاثون مستقبل المياه
كما أطلق معاليه هاكاثون مستقبل المياه في أصول البنية التحتية، الذي يعتبر أول هاكاثون بمشاركة عمالية، ويهدف إلى الحصول على نظرة شمولية تساعد على حل تحديات إدارة المياه، التي تواجه إدارة أصول البنية التحتية، ويساعد في التعرف على أحدث التقنيات الحديثة، وأفضل الممارسات في مجال إدارة المياه في الأصول، ومن المتوقع أن تسهم هذه الحلول في تعزيز ديمومة الأصل، ورفع كفاءته، ما سيسهم بدوره في تعزيز تنافسية الدولة في مجال الاستدامة البيئية والاقتصادية.