تواجه شركات إدارة الأصول المتعثرة ضغوطاً للاندماج، بينما تعاني من إيرادات راكدة، إلى جانب ارتفاع في التكاليف. ويتجلى آخر الأمثلة على هذا التوجه الشائع في «جنرالي» الإيطالية، و«ناتيكسيس» الفرنسية، اللتين تخوضان مفاوضات لدمج وحدات إدارة الثروات لديهما.

وليس من الصعب بيان السبب وراء تقارب المجموعتين، إذ تفتقر كل منهما إلى مستقبل واعد وحدها. و«جنرالي أسيت مانجمنت» شركة صغيرة في مجال يهيمن عليه العمالقة بشكل متزايد. وتدير المجموعة أصولاً بقيمة 480 مليار يورو حتى بعد استحواذها على كونينغ الأمريكية.

وباندماجها مع «ناتيكسيس»، التي تدير أصولاً بقيمة 1.3 تريليون يورو، ستدير المؤسسة الجديدة أصولاً بأكثر من تريليوني يورو، وستكون من بين أكبر خمس شركات لإدارة الأصول في أوروبا.

ويكتسب حجم الشركة أهمية، لأن شركات إدارة الأصول المتعثرة لديها خيارات محدودة، فإما خفض التكاليف، أو إيجاد منتجات وقنوات توزيع جديدة تساعدها على النمو، أو الجمع بين كلا الخيارين.

وتعد هذه هي الطريقة الوحيدة للصمود في وجه الضغوط على الربحية التي يعانيها القطاع.ويتكالب المدخرون على منتجات رخيصة، مثل الصناديق المتداولة في البورصة أو السندات الحكومية في بيئة تسودها أسعار فائدة مرتفعة.

ويقلل هذا من الرسوم التي يمكن أن تتقاضاها شركات إدارة الأصول النشطة. وانخفض متوسط الرسوم من 26 نقطة أساس من الأصول المدارة إلى ما يقل عن 22 نقطة أساس منذ عام 2010، بحسب «بوسطن كونسلتنغ غروب».وترتفع التكاليف في خضم ذلك، خاصة لأن الحفاظ على شبكات التوزيع مكلّف.

يسهم ذلك كله في تفسير السبب وراء استحواذ «بي إن بي باريبا» أخيراً على شركة «أكسا إنفستمنت مانجرز» لتأسيس شركة تدير أصول بقيمة 1.5 تريليون يورو.

وقبل أن تصبح محط أنظار «يونيكريديت»، قدمت «بانكو بي بي إم» عرضاً للاستحواذ على شركة «أنيما» الأصغر لإدارة الأصول.وفي حين تفتقر «جنرالي» إلى الحجم الكبير، إلا أن نظيرتها الأكبر حجماً «ناتيكسيس» تجابه مشكلاتها الخاصة هي أيضاً.

وتضررت سمعة «ناتيكسيس» بسبب شركتها التابعة «إتش تو أو» المأزومة التي باعتها في عام 2022. ومن حيث الربحية، تحقق الشركة أرباحاً تقل كثيراً عما يمكنها تحقيقه.

وتعاني الشركة من انكشاف كبير على أصول التقاعد، التي تنطوي على تكاليف تنظيمية عالية وثابتة، وهي حققت أرباحاً بقيمة 540 مليون يورو فقط في الأشهر التسعة الأولى من العام، ما يعادل النزر اليسير من الأصول التي تديرها.

وإذا ما قورن هذا الوضع بـ«جنرالي»، لوجدنا أن هذه الأخيرة حققت صافي أرباح بنحو 400 مليون يورو من الأصول الأقل التي تديرها. ستكون «ناتيكسيس» منجذبة إلى أعمال التأمين الموازية لدى «جنرالي»، التي تعد مصدراً قيّماً لرأس المال وتتمتع بشبكة توزيع قائمة بالفعل.

يمكن للقوة أن تتأتى بفضل الحجم، لكن شتى أنواع المشكلات الممكنة تنشأ عند اتحاد طرفين ضعيفين. وتعد الحوكمة واحدة من بين هذه المشكلات.

وقد تكون أعمال إدارة الأصول لدى «جنرالي» أصغر حجماً، لكنها لم تخفِ تطلعها إلى النمو. ومن المرجح أن تسعى الشركة إلى شكل من أشكال السيطرة المشتركة. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن الاندماجات الدفاعية بين طرفين متعثرين لا تكون دائماً أفضل من عمل كل طرف على حدة.