تشهد حرب المسيّرات تطورات لافتة، ففي حين استُخدمت بعض الأنواع الأولية من الطائرات غير المأهولة في الحربين العالميتين وفي بعض النزاعات الدولية المحدودة، إلا أن استخدامها انتشر بشكل واسع بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
ومثّل هذا التطور فرصةً ثمينةً لشركات ناشئة مثل «هيلسنغ» الأوروبية، التي أعلنت مؤخراً عن إطلاق مسيّرتها «إتش إكس-2» المخصصة للضربات الجوية الذكية. وقد استطاعت هذه الشركة الناشئة الألمانية، بدعم من شركات مثل «ساب» السويدية، جمع تمويلات ضخمة رفعت قيمتها السوقية إلى 5 مليارات يورو خلال الصيف، ولتثبت الشركة بذلك أنه ليس من الضروري التعاون مع عمالقة صناعة الدفاع لإنتاج المعدات العسكرية.
ومن المُتوقع أن تتدفق الأموال إلى هذا المجال، خاصة على خلفية ازدياد الإنفاق على الدفاع، وتخصيص أموال حكومية أكثر لمواجهة التوترات الجيوسياسية، والانحسار المُتوقع للمشاركة الأمريكية في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، إلى جانب الحاجة إلى تحديث المعدات العسكرية القديمة. ومن المُرجح أن يبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 326 مليار يورو (ما يشكّل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي) في عام 2024، بحسب تقرير نشرته وكالة الدفاع الأوروبية.
ومن المُرجح أن تستحوذ المُسيّرات على جزء كبير من الإنفاق العسكري. ويمكن أن يتضاعف الإنفاق العالمي على المُسيّرات تقريباً على مدى العقد المقبل، على الأقل بحسب أحد التوقعات. وعادة ما كانت الشركات الناشئة بحاجة إلى داعمين للحصول على حصة من هذه الأموال، وما زال الكثير من الشركات الناشئة الصغيرة تفعل ذلك. وتمكّن الشركات الرئيسية، من أمثال «بي إيه إي سيستمز» ومثيلاتها، الشركات الناشئة من الوصول إلى الأسواق والموردين. ويتطلب إبرام تقاعدات دفاعية طويلة المدى وقتاً وموارد مالية هائلة، ويحتاج أيضاً إلى القدرة على اجتياز عملية عادة ما تكون مرهقة. ولا يُتاح أي من هذا بسهولة للشركة الناشئة العادية. فيما الإنتاج واسع النطاق للمنتجات في ظل معايير صارمة للصناعة يكون سهلاً بالنسبة للشركات التي دأبت على فعل ذلك طيلة عقود.
ومع ذلك، فإن الحرب الدائرة في أوكرانيا تبرز تغير طبيعة الحرب والطريقة التي تكون عليها المُشتريات الحكومية، بما في ذلك الاعتراف بسرعة التطورات التي تقدّمها الشركات التكنولوجية المتخصصة.
ويعلم اللاعبون الرئيسيون في هذا المجال أهمية انخراط الحكومات في المشهد كله. وتتعهد «هيلسنغ» باستثمارات قدرها 350 مليون جنيه إسترليني في المملكة المتحدة على مدى 5 أعوام. ولقد أثبتت الشركة براعتها في الحصول على الدعم الحكومي، بما أنها واحدة من أسرع الشركات الناشئة الجديدة حصولاً على برنامج حكومي، وهو أمر مهم في الحصول على تعاقدات من وزارة الدفاع الأمريكية. وتنبئ القدرة على الحصول على عقود حكومية مُربحة بتدفقات مستقرة ومتكررة للإيرادات.
وبالرغم من الدعم الحكومي، تواجه الشركات الناشئة المُصنّعة للمُسيّرات معوقات، إذ يُعد عمر هذه الطائرات أقصر مقارنة بالذخائر والدبابات على سبيل المثال. ويتطلب هذا ابتكاراً مستمراً لمواكبة الظروف، بما في ذلك إحراز تقدم في التصدي لهجمات المُسيّرات إما عن طريق التشويش أو تكوين حوائط دفاعية. كذلك قد تجد الشركات المُصنّعة للمُسيّرات نفسها عُرضة لمواجهة قيود على التصدير، ما قد يكون مزعجاً لمُصنّعي المُسيّرات لأغراض تجارية على وجه الخصوص.
لكن، عموماً، بإمكان الشركة الناشئة الذكية التغلّب على هذه التحديات، عن طريق التكنولوجيا المناسبة، وتطوير قدراتها الدفاعية، وتعزيز مصداقيتها لدى أصحاب المصلحة من الحكومات.