جينيفر هيوز

هل بدأ حماس المستثمرين تجاه «إنفيديا» يتراجع؟ فقد شهدت الشركة طفرة هائلة بفضل الطلب المتزايد على رقائقها المصممة لدعم الذكاء الاصطناعي، وارتفعت أسهمها بنسبة 180 % هذا العام، مساهمة بذلك بنحو 20 % من مكاسب مؤشر «إس أند بي 500»، لكن حجم التداول على أسهم «إنفيديا» انخفض خلال الأشهر الأخيرة، مع تراجع عدد الأسهم المتداولة يومياً بنسبة 40 % مقارنة بالنصف الأول من العام.

وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، سجلت أسهم الشركة ارتفاعاً طفيفاً بلغ 3 % فقط، مقارنة بمكاسب 11 % لمؤشر «إس أند بي 500».

وفي الشهر الماضي، تراجعت أسهمها بنحو 9 %. وقد يكون هذا التراجع ناتجاً عن عمليات جني الأرباح المعتادة في نهاية العام، لكنه يأتي في وقت يركز فيه المستثمرون على مستقبل تطورات الذكاء الاصطناعي وتأثيراتها في عام 2025، وهو أحد أهم التحديات التي تواجههم مع اقتراب العام الجديد، بالنظر إلى أهمية التكنولوجيا في تحفيز العوائد الاستثمارية.

وقال جو ديفيس، كبير الاقتصاديين في فانغارد، الذي قاد أبحاثاً حول تأثير تبني التكنولوجيا منذ الثورة الصناعية، إن السوق قد يكون بالغ في تقدير إمكانات الذكاء الاصطناعي، نظراً لأنه لا يزال في مراحله الأولى، لافتاً إلى التناقض الواضح بين الزخم الهائل الذي يصاحب تبني التكنولوجيا في مراحلها الأولى وبين التقييمات السوقية»؛ لذلك، على المدى الطويل، يمكن للمستثمر الذكي التساؤل: من الذي سيستخدم هذه التكنولوجيا بفاعلية؟ ومن الذي سيواصل تطويرها؟

وحتى الآن، الشركات الرابحة في أسواق الأسهم هي تلك التي تشبه بائعي أدوات الحفر خلال حمى البحث عن الذهب، مثلما أسهمت «إنفيديا»، في دعم النمو المتسارع في قطاع الذكاء الاصطناعي. كما ركز المستثمرون اهتمامهم على شركات الطاقة، مثل «فيسرا» و«كونستيليشن إنرجي»، اللتين حجزتا مكاناً ضمن أفضل 10 شركات أداءً بمؤشر «إس أند بي 500».

وفي خطوة تعكس الطلب المتزايد على الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي، أبرمت «مايكروسوفت» في سبتمبر الماضي اتفاقاً طويل الأجل مع «كونستيليشن إنرجي» يتضمن إعادة تشغيل محطة «ثري مايل آيلاند» النووية.

ويشير جوناثان برام، المدير الإداري الأول في «بلاك روك» المتخصص في البنية التحتية، إلى لقاء سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، بالبيت الأبيض، وطلبه دعماً لإنشاء مراكز بيانات بقوة 5 غيغاواط لكل منها، وهو ما يعادل إنتاج 5 مفاعلات نووية لكل مركز بيانات.

ويوضح برام، المؤسس لشركة الاستثمار «جلوبال إنفراستركشر بارتنرز» قائلاً: «هذا يعكس مدى التحديات التي تواجه إنشاء هذه البنية التحتية، إضافة إلى توفير الطاقة لتشغيلها». ويشدد على «وجود فرص هائلة بتريليونات الدولارات أمام المستثمرين».

وفيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، يمكن أن تشمل البنية التحتية شركات تقديم الخدمات السحابية، ومراكز البيانات، وشركات الأمن السيبراني، مثل «بالانتير للتكنولوجيا»، التي سجلت أداء استثنائياً ضمن مؤشر «إس أند بي 500»، حيث كانت الشركة الوحيدة التي تجاوزت أداء «فيسرا» و«إنفيديا»، وتمكنت من مضاعفة قيمتها أربع مرات.

ومع ذلك، يتجه المستثمرون الآن نحو التركيز على الشركات التي ستجني أرباحاً حقيقية من تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ويقول ديفيد كوستين، كبير استراتيجيي الأسهم في «غولدمان ساكس»، إن هناك أربع مراحل لتطور استثمار الذكاء الاصطناعي، بدءاً بـ«إنفيديا»، ثم البنية التحتية، يليها الإيرادات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، وأخيراً مكاسب الإنتاجية.

وأضاف: «نحن الآن نقترب من المرحلة الثالثة. ونعتقد أنه بحلول عام 2025، سنشهد تحولاً من المستفيدين من الإنفاق على البنية التحتية إلى المستفيدين من الإنفاق على الذكاء الاصطناعي».

ومن بين الفائزين المحتملين في هذه المرحلة شركات البرمجيات وخدمات تقنية المعلومات التي تستطيع تحقيق الإيرادات من منتجاتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ومن بين الأسماء التي ركز عليها فريق كوستين مؤخراً «داتادوج»، و«مونغو دي بي»، و«سنوفليك»، التي تقدم حلولاً لإدارة البيانات والبنية التحتية السحابية، إلى جانب «مايكروسوفت».

وبالنسبة للمرحلة الرابعة، فإنها إذا ما تحققت، ستشهد قطاعات كاملة يعاد تشكيلها بواسطة الذكاء الاصطناعي، على غرار التحولات التي أحدثتها أجهزة الحاسوب الشخصية والإنترنت. وتقول سافيتا سوبرامانيان، رئيسة استراتيجيات الأسهم الأمريكية والتحليل الكمي في بنك أوف أمريكا: «الطرح الإيجابي الآن يدور حول فكرة عودة الشركات الأمريكية إلى التركيز على الإنتاجية والكفاءة، حيث أصبحت تتعامل مع القضايا الجوهرية بشكل فعلي».

وأضافت أن توقعاتها تشير إلى ارتفاع مؤشر «إس أند بي 500» بنحو 10 % خلال العام المقبل. وتابعت: «نعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمثل جزءاً من هذه القصة المتعلقة بالإنتاجية والكفاءة، لكن هناك طرقاً أخرى تسهم في تحقيق هذه الفوائد، منها الرقمنة والأتمتة، وهما توجهان نراهما يحققان تقدماً فعلياً».

ورغم وجود العديد من التوقعات الجريئة حول تأثير الذكاء الاصطناعي في العالم، يبقى السؤال: كم منها سيتحقق؟ ولهذا السبب فإن المكاسب الإنتاجية الحالية، التي يمكن قياسها من خلال الإيرادات والتكاليف في التقارير الفصلية، تعد عامل جذب كبيراً للمستثمرين الأكثر تحفظاً.