ويليام لانغلي - جو ليهي

تثير مقاتلات الشبح التي تُطورها الصين اهتماماً عالمياً واسعاً، لكن كشف الصين عن طائراتها المسيرة الهجومية المتطورة يمثل، وفقاً للمحللين، خطوةً بالغة الأهمية، في ظل احتدام المنافسة مع الولايات المتحدة.

وظهرت الطائرة المسيرة «فيهونغ إف إتش-97 إيه»، المعروفة باسم «الجناح المخلص»، كنموذج أولي في معرض تشوهاي الجوي بجنوب الصين الشهر الماضي، وهي تزود بأسلحة متطورة تُمكنها من تنفيذ ضربات برية وجوية، وتتميز بقدرتها على مرافقة الطائرات المأهولة والإقلاع من حاملات الطائرات.

وساهم الانتشار الكثيف للطائرات المسيرة في الحرب الأوكرانية الروسية في إعادة تشكيل قطاع الدفاع عالمياً، حيث تسعى الجيوش إلى تحديث ترساناتها عبر إدخال أحدث تقنيات الطائرات غير المأهولة.

ويشير المحللون إلى أن الطائرات المسيرة أصبحت محوراً للتنافس التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة على التفوق الجوي، خاصة مع تصاعد التوترات بشأن تايوان، التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها وهددت باستخدام القوة لاستعادتها إذا اقتضى الأمر.

وقال ني ليشيونغ، المحلل العسكري المقيم في شنغهاي: «ستكون الطائرة «إف إتش-97 إيه» بالغة الأهمية في المستقبل، فمستقبل الحروب سيكون قائماً على التنافس بين الطائرات المسيرة وتقنيات التصدي لها».

وقال بيتر لايتون، الزميل المشارك في معهد «رويال يونايتد سيرفيسز»، إن الطائرات المسيرة توفر فرصة للصين لتقليص الفجوة مع الجيش الأمريكي. وأشار إلى أن الصين قامت بتطوير وتشغيل بعض هذه الطائرات لتعمل مع النسخة ذات المقعدين من مقاتلتها الشبحية «جيه 20»، لكنه شدد على أن عرض النماذج في المعارض الجوية شيء، واستخدامها عملياً شيء آخر، مشيراً إلى غياب المعلومات الكافية لتقييم الدولة المتفوقة في هذا المجال.

وجرى تطوير الطائرة «إف إتش-97 إيه» بواسطة شركة «إيروسبيس تايمز فيهونغ تكنولوجي كورب»، وهي مصممة لخوض «معارك مواجهة ذات كثافة عالية وطويلة الأمد»، وذلك وفقاً لما نشرته الشركة الأم، الأكاديمية التاسعة التابعة لشركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية المملوكة للدولة، على منصة «وي تشات» الشهر الماضي.

وبحسب المحللين، فإن الطائرة تستطيع قيادة أسراب من الطائرات المسيّرة الصغيرة، بالإضافة إلى العمل كـ«جناح مخلص» للطائرات المقاتلة الشبحية المأهولة، حيث يمكن للطيار التحكم بالطائرة المسيّرة إلى جانب طائرته. وقال ني ليشيونغ: «إن الطائرة «إف إتش-97 إيه» تجسد الاتجاهات الأربعة الرئيسية في تطوير الأسلحة... فهي غير مأهولة، صغيرة الحجم، ذكية، وشبحية».

وتشهد تقنية «الجناح المخلص» إقبالاً متزايداً من الجيوش حول العالم، لما توفره من إمكانية تعزيز قدراتها الجوية بتكاليف أقل مقارنة بإنتاج الطائرات المأهولة وتدريب طياريها.

وفي هذا السياق، تمضي الولايات المتحدة قدماً في برنامجها الخاص بالطائرات المسيرة من طراز «وينجمان»، والمعروفة باسم «طائرات القتال المعاونة» رغم تأخرها في تطوير بعض أجزاء مقاتلات الجيل السادس، بحسب محللين.

وقال ساش توسا، محلل الطيران والدفاع في وكالة «بارتنرز»: «الطائرات المسيرة من طراز «وينجمان» هي واحدة من الأولويات التي تسعى إليها جميع القوات الجوية والشركات الكبرى. فهي تساعد على تقليل الاعتماد على الطائرات المأهولة المكلفة، وزيادة التغطية الجغرافية، وتحسين القدرات الهجومية».

وأضاف أن الجيوش الرائدة قد تحتاج من 5 إلى 10 سنوات لتطوير ونشر هذه التكنولوجيا، لافتاً إلى أن إنتاجها بكلفة معقولة يمثل تحدياً كبيراً. وأضاف: «من المرجح أن تكون الولايات المتحدة أو الصين أول من ينجح في ذلك».

وقال خبراء آخرون إن الصين قد تكون متقدمة في هذا السباق بناءً على المعلومات المتوفرة عن نماذجها الأولية، خاصة بفضل قدراتها المعلنة على تنفيذ ضربات أرضية.

وأضاف بيتر لايتون من معهد «رويال يونايتد سيرفيسز»، إن الولايات المتحدة وحلفاءها — مثل أستراليا، التي تعمل مع بوينغ على تطوير طائرة «جوست بات» المسيرة من طراز «وينجمان» يركزون على الطائرات المسيرة المزودة بالمستشعرات بدلاً من الأسلحة، بسبب متطلبات الحجم والوزن الإضافية التي تستلزمها الأخيرة. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تخطط لنشر 150 طائرة «وينجمان» بحلول نهاية العقد، متوقعاً أن تعتمد هذه الطائرات بشكل كبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي. وأضاف: «الولايات المتحدة تتقدم بخطوات متسارعة».

وأشار جيمس شار، الأستاذ المساعد وخبير الشؤون العسكرية الصينية بجامعة نانيانغ التكنولوجية، إلى أن الولايات المتحدة والصين تطوران أيضاً طائرات مسيرة برية وبحرية، مثل «الذئاب الآلية» الصينية.

وبحسب الإعلام الصيني، فإن هذه الآلات المسلحة ببنادق هجومية صُممت لتعمل في أسراب وتستهدف تطهير الشواطئ من القوات الدفاعية، وهو ما قد يكون له تداعيات مهمة على أي مواجهة محتملة بشأن تايوان. واختتم قائلاً: «التقارير حول قدرات هذه الطائرات المسيرة كثيرة، لكن ما يمكنها تحقيقه لا يزال غير مؤكد».