جورج هاموند - تابي كيندر - كريستينا كريدل - مدهوميتا مورغيا
يواجه سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، تهديداً قوياً أمام طموحه بتحويل الشركة الناشئة إلى شركة عملاقة بقيمة سوقية تناهز التريليون دولار، ومصدر التهديد هو إيلون ماسك.
ويستعدّ المسؤولون التنفيذيون في «أوبن إيه آي»، المطوّرة لـ«تشات جي بي تي»، للتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة منذ إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر، وهي عمليةٌ زاد من تعقيدها بروز إيلون ماسك كأحد المقربين من الرئيس المنتخب.
وتُعد «أوبن إيه آي» من بين منافسي ماسك الذين يحاولون توقع كيفية استغلال ماسك للمكانة المتميزة التي يحتلها في واشنطن، ما بين سعيه إلى سن قواعد تنظيمية جديدة تستهدف الشركة، ونفوذه في منح العقود الحكومية المربحة التي قد تعزز شركة ماسك الناشئة للذكاء الاصطناعي والتي تحمل اسم «إكس إيه آي».
وفي مؤتمر عقدته «نيويورك تايمز»، قال ألتمان: «أعتقد جازماً بأن ماسك سيفعل الشيء الصائب، فأي استخدام للنفوذ السياسي للإضرار بمنافسيك وإفادة أعمالك الخاصة مخالف للقيم الأمريكية».
وأكد ترامب نفسه بأن ماسك سيضع المصلحة الوطنية فوق مصالح شركاته، فيما كتب ماسك على منصته للتواصل الاجتماعي «إكس» أن منافسيه «محقون» في توقع أنه سيكون نبيلاً، لكن بحسب محامٍ عانى غضبة ماسك فيما مضى فقال: «لن يصدق أحد ذلك ولو لثانية واحدة».
وساءت العلاقة بين ماسك وألتمان حتى مرحلة الانهيار بعدما كانا قد أسسا سوياً «أوبن إيه آي» في عام 2015. ووصف الرئيس التنفيذي لـ«تسلا»، ألتمان، بـ«سام المحتال»، ورفع دعاوى قضائية ضده وضد شركة «أوبن إيه آي»، متهماً إياها بـ«الخداع والخيانة على غرار مسرحيات شكسبير»، بينما كان يحاول فسخ الشراكة التجارية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات بين الشركة و«مايكروسوفت».
ووصف كريس ليهان، رئيس السياسات في «أوبن إيه آي»، ماسك، بأنه شخصية «فريدة». وليهان سياسي مخضرم ساعد شركات مثل «إير بي إن بي» و«كوين بيس» على مواجهة عقبات تنظيمية. وذكر ليهان أن نهج «أوبن إيه آي» سيركز على «السيطرة على ما يمكننا السيطرة عليه».
ووفقاً لليهان، فقد أكدت الشركة على أهميتها للبرنامج الاقتصادي لترامب على ثلاثة أصعدة، هي تعزيز التنافسية الأمريكية خاصة أمام الصين، وإعادة بناء الاقتصاد، وتعزيز الأمن القومي. وتبرع ألتمان أيضاً بمبلغ مليون دولار من أمواله الخاصة للصندوق الخاص بحفل تنصيب ترامب.
وذكر ليهان: «في النهاية، سيرغب كل أمريكي، سواء كان داخل الحكومة أو خارجها، أن يضع مصلحة الولايات المتحدة في المقدمة». وتابع: «تحدثت هذه الإدارة خلال الحملات الانتخابية وبعدها عن ضرورة تفوّق الولايات المتحدة في مضمار الذكاء الاصطناعي. وإن كنت ترغب في تحقيق ذلك، فلا بد أن تكون أوبن إيه آي جزءاً من المعادلة».
وتصدّرت «أوبن إيه آي» شركات الذكاء الاصطناعي منذ إطلاقها «تشات جي بي تي» في نوفمبر من العام 2022. وتعمل الشركة على تغيير هيكلها، ما يُعزى جزئياً إلى رغبتها في الاستفادة من الاستثمارات الخارجية الضخمة في محاولة للبقاء في طليعة مجموعة الشركات في هذا المجال، وهو التحرك الذي زعمت دعوى ماسك القضائية أنه خيانة للمهمة الأساسية التي بُنيت على أساسها «أوبن إيه آي».
وأصدرت «أوبن إيه آي» منشوراً على مدونتها قالت فيه إن ماسك ذاته سعى إلى هيكل مماثل في عام 2017 حينما كان مشاركاً في رئاسة الشركة. وذهبت الشركة في منشورها إلى أن ماسك «يجب عليه التنافس في السوق وليس في أروقة المحاكم».
من جانبه، أكد ريد هوفمان، مؤسس موقع «لينكد إن» وعضو مجلس إدارة شركة «مايكروسوفت»، أكبر داعم لـ«أوبن إيه آي»، أنه «قلق بكل تأكيد» من عداء ماسك تجاه ألتمان، معرباً عن مخاوفه من أن يؤثّر ذلك على سياسات ترامب بشأن الذكاء الاصطناعي. وقال هوفمان: «من الواضح أن أي شخص ذي نزاهة وشخصية سيقول: حسناً، بما أني منخرط في مثل هذه النوع من الدعاوى القضائية، فربما حري بي أن أنأى بنفسي عن كل ما يتعلق بالحكومة في مثل هذه الأمور». وأضاف أنه إذا تداخلت وجهات نظره الشخصية والقواعد الجيوسياسية والهياكل الأوسع نطاقاً، فإن ذلك «يسفر عن قصر نظر خطير وتضارب مصالح خطير».
وذكر مقربون من ماسك أنه لديه مبادئ تحول دون استخدامه لدوره الجديد من أجل استهداف «أوبن إيه آي» بقواعد تنظيمية شائكة، موضحين أنه ليس من المنطقي فعل ذلك بالنظر إلى أن منصبه الجديد الذي يشارك بموجبه في رئاسة «إدارة كفاءة الحكومة» الأمريكية الجديدة ينطوي على إيجاد أساليب للتقليل من اللوائح التنظيمية.
وعلّق شخص استثمر من قبل في شركتي ماسك وألتمان: «سنشهد تخفيفاً لقدر كبير من اللوائح التنظيمية. لذلك، ستتمتع أوبن إيه آي بعملية مبسّطة في بناء مراكزها للبيانات وتشغيلها سريعاً. وسيُطبق الأمر ذاته على كافة المنافسين».
ومع ذلك، قد يستغل ماسك مركزه بصفته لاعباً محورياً في الإدارة القادمة لتعزيز «إكس إيه آي»، بحسب أحد المستثمرين في شركاته. ولفت: «تُعد الحكومة الأمريكية أكبر أرباب العمل في الولايات المتحدة»، ثم تساءل: «هل ستكون الحكومة أكبر عميل لدى إكس إيه آي، في ضوء اتساع رقعة شبكة ماسك من العملاء؟».
وتوقع هوفمان، وهو عضو سابق في مجلس إدارة «أوبن إيه آي»، استخدام ماسك لمنصبه في سبيل إبطاء خطى منافسي «إكس إيه آي». وأردف: «يمكنك فعل كل هذه الأمور إذا كنت تنفذ السياسة الحكومية وتحاول منح شركة ما أفضلية على أخرى»، مضيفًا أن الأمر سيكون «مدمراً للغاية.. مدمراً للصناعة، وللمجتمع الأمريكي».
وفي الوقت الراهن، تكمن أكبر التحديات التي تواجه «أوبن إيه آي» من جانب ماسك في المنافسة المباشرة من شركته «إكس إيه آي»، وليس نفوذه السياسي. وأفاد شخص عمل مع كلا رائدي الأعمال: «تتمتع شركات ماسك بأكبر مجموعة من البيانات الخاصة مقارنة بأي شركة أخرى. وتحظى الشركة بصور الأقمار الصناعية من ستارلينك، ولديها مقاطع فيديو من السيارات في تسلا، إلى جانب بيانات إكس. إنهم يبذلون قصارى جهدهم في هذا الصدد».
وتمكن آخر إصدارات «إكس إيه آي» من روبوتات الدردشة، ويُدعى «غروك-2»، والذي أطلقته الشركة في أغسطس الماضي، من منافسة نماذج مماثلة من مجموعات تكنولوجيا رائدة، مثل نموذج «جيميني» الذي طورته «غوغل»، ونموذج «تشات جي بي تي» الذي طورته «أوبن إيه آي»، وكذلك نموذج «لاما» الذي طورته «ميتا».
وبدأ ماسك العمل على الحاسوب الخارق «كولوسوس» في مدينة ممفيس بولاية تينيسي في وقت مبكر من العام. وبحلول سبتمبر، أصبح الحاسوب يعمل ويُستخدم في تدريب: غروك، أكبر نماذج إكس إيه آي اللغوية الكبيرة، وهو منافس لنظام الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بشركة أوبن إيه آي الذي يُدعى جي بي تي-4. وكتب ماسك على منصة إكس: لقد أنجزنا الأمر في غضون 122 يوماً من البداية وحتى النهاية.
ويحتوي مركز البيانات على أكثر من 100,000 من وحدات المعالجة الرسومية الخاصة بشركة إنفيديا من طراز إتش 100، ويفوق بذلك أي مجموعة مفردة من الحواسيب التي تعمل على تشغيل الذكاء الاصطناعي. وصرح جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا في أكتوبر الماضي، بأن هناك شخصاً واحداً على مستوى العالم بإمكانه فعل ذلك. وأشار إلى حاسوب كولوسوس باعتباره أسرع حاسوب على الكوكب كمجموعة واحدة.
وقال مستثمر كبير في عدد من شركات ماسك تشمل سبيس إكس وإكس إيه آي: إن أبرز ما فعله، بخلاف التنكيل بألتمان، هو السرعة التي صنع بها كولوسوس. وذكر: لا يحظى أحد بمثل هذه القوة الحاسوبية، وذلك أمر مهم، لكن ما زال هناك الكثير مما يمكن فعله.