يشهد سوق السلع المستعملة ازدهاراً كبيراً، حيث يتزايد عدد الشركات التي تتيح للمستهلكين المقتصدين والواعين بيئياً تداول الملابس المستعملة أو المعاد تدويرها عبر الإنترنت، ومع ذلك يبقى تحقيق الأرباح من هذا التحوّل ليس بالأمر السهل بالمرة.
وتعد شركة «فينتد» الليتوانية الناشئة استثناء بارزاً في هذا المجال، فقد تمكّنت من التحوّل من تسجيل خسارة صافية بلغت 20.4 مليون يورو في عام 2022 إلى تحقيق ربح صافٍ قدره 17.8 مليون يورو.
وهذا الإنجاز غير المعتاد، حيث إن منصة إعادة البيع تحقّق أرباحاً وتنمو في الوقت ذاته بارتفاع إيراداتها بنسبة 61% لتصل إلى 596.3 مليون يورو العام الماضي، ما أسهم في زيادة القيمة السوقية للشركة بمقدار 1.5 مليار يورو خلال السنوات الثلاث الماضية لتصل إلى 5 مليارات يورو.
ومن بين أبرز الأسباب التي أدت إلى نجاح «فينتد» أنها لا تفرض رسوماً على البائعين، وقد بدأت شركات أخرى منافسة تتبع النهج نفسه بشكل متزايد. وعلى سبيل المثال، ألغت منصة «إيباي المملكة المتحدة» أخيراً الرسوم على معظم البائعين الأفراد، على أمل فتح سوق أكبر بكثير. وفي يوليو الماضي، ألغت شركة «إتسي» رسوم البيع في الولايات المتحدة لعملاء منصتها «ديبوب»، مشيرة إلى أن هذه الخطوة أثمرت عن زيادة في عدد المنتجات المعروضة وتوسيع الخيارات المتاحة للمشترين.
ومع ذلك، فإن التحسن الأخير في أداء «ديبوب» لا يبرر الثمن الباهظ الذي دفعته «إتسي» للاستحواذ على تطبيق الأزياء البريطاني، الذي سجل خسارة صافية قدرها 49 مليون جنيه إسترليني خلال العام الماضي، فقد أنفقت «إتسي» 1.6 مليار دولار على الصفقة في عام 2021 بهدف تعزيز علاقتها مع المستهلكين من الجيل «زد»، لكنها اضطرت إلى تخفيض قيمتها في العام التالي بمقدار 898 مليون دولار.
وهذه ليست الحالة الوحيدة التي يخسر فيها المساهمون المتحمسون أموالهم بعد وضع تقييم مبالغ فيه لقيمة أعمال إعادة البيع، فمن الأمثلة الأخرى شركة إعادة بيع السلع الفاخرة «ريال ريال» وشركة «ثريد أب» التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها.
وشهدت أسهم «ريال ريال» ارتفاعاً هذا العام بعد إجراء صفقة تبادل ديون أدت إلى خفض مديونيتها وتمديد آجال الاستحقاق، كما أعلنت عن زيادة بنسبة 11% في الإيرادات خلال الربع الثالث حتى سبتمبر، ولكن، وفقاً لشركة «فيسيبل ألفا»، لا يتوقع المحللون أن تحقق الشركة ربحاً صافياً حتى عام 2028.
وتختلف نماذج الأعمال، فبعض الشركات مثل «ريال ريال» و«ثريد أب» تقدم تيسيرات -ولكن مقابل ثمن- للبائعين. أما منصة «فيستيار كولكتيف» الفرنسية، فتقدم خياراً لقيام الشركة بأعمال الإدارة اللازمة للبيع.
وتقول هذه المنصة المتخصصة في الملابس والحقائب المستعملة الفاخرة إنها تتوقع أن تحقق ربحية على مستوى المجموعة في غضون بضعة أشهر.
أما «فينتد»، فتتوقع من البائعين القيام بأعمال تصوير البضائع وإدراجها وشحنها بأنفسهم، لكن غياب الرسوم يساعد في توسيع سوقها، التي سيتم توسيعها أكثر بإضافة فئات جديدة مثل الإلكترونيات، وهو ما ينبغي أن يدعم مصادر إيرادات بديلة، بما في ذلك الإعلانات وخدمات الشحن والدفع. وسيكون هذا إضافة كبيرة بالنظر إلى الآفاق المحدودة لسوق إعادة البيع في تحقيق أرباح كبيرة من العمولات وحدها.