عديد من الشركات تنجح في التحول إلى «أحادية القرن» لكن الارتقاء من مرحلة «المُهر ذي القرن» إلى «الحصان المجنح» أكثر صعوبة
تنجح شركات «يونيكورن» عديدة، أو المحظوظة منها على الأقل، في النمو والتطور. وهذا ما تؤكده بيانات «كرانش بيز» التي تشير إلى أن أكثر من 1,500 شركة خاصة تتمتع حالياً بقيمة تتجاوز المليار دولار أمريكي، مما يجعلها جديرة بلقب «يونيكورن» الذي أطلقته للمرة الأولى مستثمرة رأس المال المُغامر أيلين لي في العام 2013. وتُمثل «أوبن إيه آي» مثالاً ساطعاً على الشركات التي حققت نمواً هائلاً.
ومع ذلك، يعد الانتقال من مرحلة «المُهر ذي القرن» إلى «الحصان المجنح» أو وضعية الشركة العملاقة أكثر صعوبة بدرجة كبيرة في هذه الأيام، ولا يوجد إجماع حول العوامل التي تُسهم في هذا التحول. وقد أسهمت الأموال الرخيصة والتسويق المُكثف في وصول عدد من رواد الأعمال إلى تقييمات خيالية. لكن من بين الشركات الأمريكية التي تأسست خلال العقدين الماضيين، لم تتمكن سوى «ميتا» و«أوبر» من الوصول إلى ما تُطلق عليه «بين آند كومباني» للاستشارات اسم «الشركات الرائدة»، والتي تتجاوز إيراداتها السنوية 10 مليارات دولار وتدفقاتها النقدية التشغيلية مليار دولار. في المقابل، كانت الفترة بين عامي 1990 و2003 ظهور 6 شركات رائدة، من بينها «تسلا» و«أمازون» و«ألفابت».
وتنهال الأموال على هذه الشركات، بالرغم من الفرص الضئيلة ظاهرياً لتحقيق الريادة. وقد جمعت الشركات أحادية القرن ما يصل إجمالاً إلى تريليون دولار، أي أكثر من ربع ما ضخه المستثمرون في عام 2021، حينما كانت أسعار الفائدة الأمريكية عند مستويات قريبة من الصفر. وبعد اقتناصها تقييماً يبلغ 157 مليار دولار مؤخراً، تُعد «أوبن إيه آي» واحدة من أكبر الجهات في هذا المجال، بعد «بايت دانس» المالكة لمنصة «تيك توك» و«سبيس إكس» التابعة لإيلون ماسك.
لكن غالبية الشركات تتعثر خطاها. لذا، نجح ما يقل عن 1% فقط في التحول من الشركات الناشئة التي يمولها رأس المال المغامر إلى أحادية القرن. وحتى هذه الشركات بإمكانها أن تجد نفسها في مواجهة الكثير من الصعوبات والتحديات. وحققت بالفعل أكثر من 220 شركة مُدرجة في البورصة تقييم المليار دولار بالاندماج مع ما يُعرف بشركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص على مدى الأعوام الخمسة الماضية. وتُظهر بيانات «ليستنغ تراك» أن غالبية هذه الشركات عاملة في مجال التكنولوجيا لكن قيمة ثلاث من بين كل أربع شركات ضمن هذا التصنيف انخفضت دون هذا التقييم.
تُرى، ما أكثر ما يعوق نمو الشركات أحادية القرن؟ تفترض شركة «بين آند كومباني» أن الوفرة المفرطة للأموال كانت تلهب حماس المؤسسين من غير المتمتعين بالفطنة التجارية. من غير المُرجح أن تتأسس شركة على أيدي موهوب ذي خبرة سابقة بالشركات الناشئة اليوم مقارنة بفترة ميلاد مفهوم الشركات أحادية القرن على أيدي ايلين لي، بحسب شركتها «كاوبوي فنتشرز». ووفق هذا المنطق، يحتاج أصحاب الرؤى إلى مزيد من الرأسمالية التقليدية.
ومع ذلك، يصل الكثيرون في وادي السيليكون إلى استنتاج معاكس. وقد احتفل بول غراهام، مستثمر رأس المال المغامر، خلال الشهر الماضي بمفهوم «وضع المؤسس»، وأشار إلى أن المبتكرين الذين ينجحون هم غالباً الذين يتخلون عن القواعد التقليدية للإدارة. ويُعد بريان تشيسكي، مؤسس «إيه بي إن بي» مثالاً على ذلك، وكذلك إيلون ماسك. لذا، حري بنا أن نتذكر في هذا السياق ما وصفه مارك زوكربيرغ، مؤسس «ميتا بلاتفورمز»، بأنه «الرئيس التنفيذي في أوقات الحرب»، الذي يحتاج إلى طاعة مطلقة.
ويظن كل مؤسس لشركة أنه يستحق قيادة دفة السفينة بحرية تامة. وفي حين يظل التمويل كبيراً، فإن المستثمرين يوافقون على الاستثمار بسهولة. ولهذا السبب، تمكّن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، من مطالبة داعميه الذين أمدوه بـ6.6 مليارات دولار بالامتناع عن تمويل منافسيه.
ويُعد ألتمان دليلاً بارزاً على ما إذا كانت السلطة هي مفتاح الوصول إلى العظمة. وقد يرى المستثمرون في مجموعات أخرى من الذين شعروا بوخز شركة أحادية القرن سابقة أن «وضع المؤسس» مبالغ فيه. أما الذين ما زالوا يضخون استثماراتهم فسيتمنون للغاية أن لو كان هذا غير صحيح.