مالكولم مور

شغّلت شركة الطاقة الإيطالية العملاقة «إيني» أحد أقوى الحواسيب الخارقة في العالم خارج الولايات المتحدة، وذلك في سباق محموم مع منافسيها، لتطوير البنية التحتية التقنية اللازمة لاستكشاف مصادر جديدة للنفط والغاز بكفاءة عالية.

وقد تم تصنيع الحاسوب الجديد، الذي يحمل اسم «إتش بي سي 6» (HPC6)، بتكلفة تزيد على 100 مليون يورو، وسيتم تشغيله في بلدة فيريرا إربونوني الصغيرة في إيطاليا، التي يبلغ عدد سكانها 1140 نسمة.

يحتوي هذا الجهاز على ما يقارب 14 ألف وحدة معالجة رسومات من شركة «إيه إم دي»، وهي رقائق عالية الأداء تستخدم لتنفيذ العمليات الحسابية المعقدة، وتشغيل تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وقد احتل الحاسوب الخارق المرتبة الخامسة في قائمة أسرع الحواسيب العالمية، خلال الشهر الماضي، بسرعة قياسية بلغت 477 بيتافلوب في الثانية، متخلفاً عن ثلاثة حواسيب أمريكية للأبحاث، وحاسوب «إيجل» السحابي التابع لشركة مايكروسوفت.

وسيعمل الحاسوب على تحليل البيانات لاكتشاف حقول النفط والغاز الجديدة، إضافة إلى إجراء العمليات الحسابية لتطوير الطاقة النظيفة.

وقال لورنزو فيوريلو، رئيس قسم الأبحاث والرقمنة في «إيني»، إن الحاسوب الجديد أسرع بنحو 9 مرات من سابقه، مشيراً إلى أن الشركة الإيطالية هي واحدة من شركات النفط القليلة، التي تطور حواسيبها الخاصة بدلاً من الاعتماد على خدمات الحوسبة السحابية.

وقال روب ويست، المحلل في شركة «ثندر سيد إنرجي»، إن «الكثير من الشركات الأخرى أدركت أن استئجار الوقت على حاسوب خارق آخر سيكون أكثر كفاءة»، مضيفاً أن شركات مثل إكسون وشل وشيفرون استخدمت الحواسيب الخارقة في المركز الوطني الأمريكي لتطبيقات الحوسبة الخارقة، وفي مختبر لوس آلاموس الوطني.

أسهم قسم الحوسبة الخارقة بشركة «إيني» الإيطالية في تعزيز سمعتها بمجال استكشاف النفط والغاز، ووفقاً لما ذكره لورينزو فيوريلو، رئيس قسم الأبحاث والرقمنة في الشركة، فإن الحاسوب الخارق مكن «إيني» من اكتشاف النفط في مواقع لم تكن تظهر فيها أي مؤشرات.

وأضاف أن الشركة، إلى جانب امتلاكها قدرات حوسبة فائقة، طورت مهارات كبيرة في برمجة الخوارزميات لتشغيل الحاسوب الجديد إتش بي سي 6.

وقال فيوريلو: «بدأنا إنتاج البرمجيات الخاصة بنا في الثمانينيات». وأكد أن «إيني» استخدمت الحاسوب الخارق في جميع اكتشافاتها الحديثة، مشيراً إلى أن قوة الحوسبة الهائلة ساعدت الشركة في اجتياز الطبقات الجيولوجية المعروفة بـ«ما قبل الملح»، وهي سلسلة تكوينات جيولوجية تقع تحت طبقات سميكة من الملح على جانبي جنوب المحيط الأطلسي.

وأضاف: «خوارزمياتنا قادرة على إنشاء صور واضحة تحدد مكان وجود النفط، وحجمه بدقة». ورغم أن شركات النفط استخدمت الحواسيب الخارقة منذ سنوات لتفسير البيانات الزلزالية، ونمذجة سلوك مكامن النفط والغاز فإنها تعتمد الآن بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لإنجاز مهام متنوعة، بدءاً من إنشاء توائم رقمية من أصولها، وصولاً إلى توليد مئات السيناريوهات المختلفة حول كيفية حفر الحقول النفطية ومواقع الآبار.

وأشار فيوريلو إلى أن فريقه البحثي يخصص الآن 70 % من وقته للعمل على الطاقة النظيفة. وأضاف أن «إتش بي سي 6» سيستخدم في أبحاث لإدارة سحب البلازما في مفاعلات الاندماج النووي، واكتشاف مواد جديدة، وزيادة كفاءة الأجهزة المخصصة لالتقاط انبعاثات الكربون، وتحسين تصميم الألواح الشمسية.

ورفضت الشركة التعليق على ما إذا كانت الحواسيب الخارقة ستفقد أهميتها قريباً لصالح أنظمة الحوسبة العملاقة، مثل مركز البيانات «كولوسوس»، الذي أنشأه إيلون ماسك في ممفيس بولاية تينيسي، لكنها أكدت أن مركز البيانات الخاص بها في «فيريرا إربونوني»، الواقع على بعد 25 ميلاً جنوب غرب ميلانو، سيكون «مجهزاً بشكل جيد للتوسعات المستقبلية».