أولاف ستوربيك - فالنتينا رومي - جينيفر هيوز

يتابع المستثمرون باهتمام بالغ اجتماع البنك المركزي الأوروبي المرتقب غداً، سعياً منهم لفهم توجهات البنك حيال أسعار الفائدة في منطقة اليورو، خاصة بعد أن شهدت توقعات السوق تحولات جذرية في الأسابيع الأخيرة.

ويتوقع المحللون على نطاق واسع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع الرئيسية بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى 3.25 %، خلال اجتماعه، الذي يستمر ليومين في فرانكفورت، ويعد هذا التوقع تحولاً ملحوظاً عن التوقعات التي سادت عقب اجتماع سبتمبر.

وخلال الشهر الماضي خفض البنك المركزي تكاليف الاقتراض للمرة الثانية هذا العام إلى 3.5 %. رغم ذلك كان هناك إجماع قوي بين خبراء الاقتصاد على أن البنك سيبقي على هذه النسبة دون تغيير في أكتوبر مع توقع تغيير آخر في ديسمبر، لكن سرعان ما تغير هذا الرأي مع استمرار تدفق البيانات الاقتصادية الضعيفة للكتلة، والتي أشارت إلى تراجع النشاط الاقتصادي، خاصة في ألمانيا، التي تعد أكبر اقتصاد في الكتلة.

وخلال شهر سبتمبر انخفض التضخم في منطقة اليورو أكثر من المتوقع ليصل إلى 1.8 %، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من 3 سنوات، وأقل من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2.0 % على المدى المتوسط. ووفقاً لتوقعات الحكومة سيشهد الاقتصاد الألماني انكماشاً للعام الثاني في 2024، ويمثل ذلك أطول ركود له منذ أكثر من عقدين.

الآن تشير الترجيحات إلى إجراء المركزي الأوروبي خفضاً إضافياً بمقدار 0.25 نقطة مئوية في ديسمبر، يليه تخفيضات عدة بالحجم نفسه في أوائل العام المقبل. ويعتقد خبراء الاقتصاد أن سعر فائدة الودائع الرئيسي للبنك المركزي الأوروبي سينخفض إلى قرابة 2 % بحلول الصيف المقبل.

ومع ذلك سيتعين على السوق التكيف مع التغيير في استراتيجية الاتصال الخاصة بالبنك المركزي الأوروبي، وقد أبلغت شركة «آر بي سي كابيتال ماركتس» العملاء أنه بدلاً من التأكيد على «نهج كل اجتماع على حدة، والتأكيد على أن أسعار الفائدة ستظل مقيدة في الوقت الحالي». وسيشير البنك المركزي إلى أن أسعار الفائدة في طريقها إلى مستوى «أكثر حيادية».

من ناحية أخرى، من المحتمل أن تكون بيانات التضخم في المملكة المتحدة المقرر صدورها اليوم هي العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان بنك إنجلترا سيسرع وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة هذا العام. ويتوقع خبراء الاقتصاد، الذين استطلعت وكالة «رويترز» آراءهم أن ينخفض معدل التضخم السنوي إلى 1.9 % في سبتمبر، مقارنة بـ 2.2 % في أغسطس ويوليو، حيث خفف انخفاض أسعار النفط الخام العبء على أسعار الوقود.

وهذا يشير إلى أن معدل نمو الأسعار الرئيسي انخفض إلى ما دون هدف بنك إنجلترا طويل الأجل البالغ 2 % لأول مرة منذ أبريل 2021، وخلال هذا الأسبوع قال أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، إن صناع السياسات في بنك إنجلترا المركزي قد يتبنون نهجاً «عدوانياً بعض الشيء» في خفض تكاليف الاقتراض إذا استمرت الضغوط التضخمية في الانخفاض.

رغم ذلك من المرجح أن يركز خبراء الاقتصاد والمستثمرون على التضخم في قطاع الخدمات، وهو جزء أساسي من الاقتصاد البريطاني، فقد ارتفع التضخم في الخدمات إلى 5.6% في أغسطس من 5.2% في يوليو، لكن يتوقع المحللون أن ينخفض إلى 5.3% في سبتمبر. وترى إيلي هندرسون، الخبيرة الاقتصادية لدى مجموعة إنفستك، أن انخفاض التضخم في قطاع الخدمات من المحتمل أن يكون مدفوعاً بانخفاض الأسعار داخل المطاعم والفنادق وتذاكر الطيران والتعليم الخاص. وسيسهم هذا الاتجاه داخل قطاع الخدمات في تشكيل توقعات للتضخم لبقية العام. ويتوقع خبراء الاقتصاد، بما في ذلك خبراء من بنك إنجلترا، أن يرتفع التضخم الرئيسي إلى 2.5 % في نهاية العام، لكن هندرسون حذرت من أنه إذا كان التباطؤ في نمو الأسعار يرجع في الأساس إلى عوامل مؤقتة، مثل أسعار تذاكر الطيران والوقود «فإن الاحتفال بالانتصار على التضخم قد يضطر إلى الانتظار لعدة أشهر أخرى».

وماذا عن وتيرة النشاط الاستهلاكي في الولايات المتحدة؟ تتحول أنظار المستثمرين صوب البيانات التي تتبع سلوك المستهلك، حيث صرح الاحتياطي الفيدرالي أن سياساته حيال خفض أسعار الفائدة مدفوعة بالقوة الاقتصادية وليس ضغوط الأسعار.

وسيراقب التجار أرقام مبيعات التجزئة لشهر سبتمبر، المقرر إصدارها غداً، لتحديد ما إذا كان إنفاق المستهلك قد اكتسب المزيد من القوة بعد نمو مفاجئ بنسبة 0.1 % على أساس شهري في أغسطس. وتشير التوقعات التي جمعتها «فاكت سيت» إلى أن معدل النمو الرئيسي سيرتفع بنسبة 0.4 % أو 0.25 % إذا تم استبعاد مبيعات السيارات، والتي غالباً ما تكون عرضة للتقلبات.

في الوقت نفسه تعرضت توقعات السوق بسلسلة إجراءات سريعة لخفض سعر الفائدة هذا العام، من الاحتياطي الفيدرالي، إلى ضربة قوية بعد أن كشفت بيانات الوظائف القوية في سبتمبر عن مرونة الاقتصاد الأمريكي.

وقالت ليزلي فالكونيو، رئيسة مكتب الاستثمار الرئيسي لدى يو بي إس لإدارة الأصول، إن «مبيعات التجزئة ونشاط المستهلك ستظلان المحرك الرئيسي لاهتمام السوق، لكن هناك تراجع في الضغوط نتيجة بيانات الوظائف القوية».

ومع ذلك قد يتأثر تقرير يوم الخميس بإعصار هيلين، الذي ضرب جنوب شرقي الولايات المتحدة في أواخر الشهر الماضي. وحذر المحللون من أن الأرقام الرئيسية المتأثرة بالعاصفة قد تجعل من الصعب متابعة الاتجاهات الأساسية في البيانات لعدة أشهر، خاصة مع توقع أن يجعل إعصار ميلتون هذا الأسبوع من الصعب تحليل أرقام أكتوبر أيضاً.وقال إيان لينجن من «بي إم أو كابيتال ماركتس» للعملاء، «نتوقع مرحلة عصيبة في الأسابيع المقبلة فيما يتعلق بالتقييم الدقيق لتأثير التطورات الأخيرة على الاقتصاد الحقيقي، وقد تتشوه بيانات مبيعات التجزئة والاستهلاك الشخصي والناتج المحلي الإجمالي وحتى بيانات الوظائف، بسبب العواصف والجهود اللاحقة لإعادة البناء».