Al Bayan

طرق إبداعية من المقرضين لتمويل الشركات الصغيرة بالأسواق النامية

سيمون موندي

عندما بدأ هوغو أورتيغا استكشاف الفرص المتاحة للمشاركة في قطاع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية المتنامي في المكسيك لاحظ نمطاً مثيراً للاهتمام، فكما هي الحال في الاقتصادات النامية الأخرى، يواجه عدد كبير من الأسر والشركات الصغيرة في المكسيك صعوبات، أو عجزاً تاماً في الوصول إلى الخدمات المالية، التي قد تساعدهم على الازدهار.

ورغم تزايد اهتمام المستثمرين الدوليين بشركات التكنولوجيا المالية الناشئة في المكسيك كانت تلك الشركات تركز كثيراً على خدمة الأثرياء، بدلاً من التصدي لمشكلة الإقصاء المالي، حسبما وجد أورتيغا. وقال: «يتحدث الجميع عن الإقراض الاستهلاكي لأشخاص يمتلكون بالفعل بطاقات ائتمان، إنه لأمر لا يُصدق.. في المقابل لا يحاول أحد خدمة المجتمعات الريفية».

وجاء إطلاق أورتيغا مشروع «فيركور» في محاولة لتغيير هذا الاتجاه، وهو واحد من عدد متزايد من الشركات الناشئة في الدول النامية، التي تستخدم التكنولوجيا والبيانات وأساليب الإقراض المبتكرة لتوفير التمويل للمزارعين الصغار، وغيرهم من الفئات المحرومة.

ويُعد نقص السجل الائتماني للكثير من المزارعين في المكسيك عائقاً كبيراً أمام العديد من البنوك، ويضاف إلى ذلك المخاوف المتعلقة بتوفير الضمانات للقروض، لا سيما أن الأرض الزراعية غالباً ما تكون مملوكة لجماعة محلية بدلاً من مزارع واحد. وتسعى «فيركور» لتجنب هذه المشكلات من خلال اتباع نهج مختلف تماماً عن الإقراض المصرفي التقليدي، إذ يطلب من العملاء المحتملين إتاحة الوصول إلى بيانات معاملاتهم التجارية خلال السنوات الخمس الماضية، حيث يتم تحليل هذه البيانات لبناء صورة مفصلة عن مسار أعمالهم. ويعني ذلك أنه حتى في حالة عدم امتلاكهم سجلاً ائتمانياً رسمياً - وهي الحال بالنسبة لـ 60 % من العملاء - يمكن لـ«فيركور» تقييم قدرتهم المحتملة على سداد القرض.

ولا يتم تقديم القرض نقداً، بل في شكل رصيد ائتماني يمكن استخدامه لشراء مستلزمات زراعية مثل الأسمدة، من خلال منصة «فيركور» الخاصة، حيث يتم استلام السلع من الموزعين المحليين.

وقال أورتيغا: «عندما تقدم قرضاً فإنك ترغب في التأكد من أنه سيكون مُنتجاً». وأضاف: «نريد ألا يشتري المزارع شاحنة جديدة باستخدام الائتمان المقدم له لشراء الأسمدة»، وتقوم «فيركور» بتقليل مخاطر التخلف عن السداد من خلال نهجها في السداد، فعندما يقوم المزارع بتسليم منتجه إلى العميل يتم الدفع من خلال «فيركور»، التي تأخذ المبلغ المستحق على القرض قبل تحويل الباقي إلى المزارع.

ورغم من أن هذا النهج قد يبدو تقييدياً، إلا أنه يمكّن «فيركور» من تقديم الائتمان للمزارعين بمعدلات فائدة أقل بكثير من تلك التي يفرضها المقرضون غير الرسميين، الذين يعتمدون عليهم عادة، كما يقلل من مخاطر التخلف عن السداد.

ويقول أورتيغا، إن معدل القروض المتعثرة في «فيركور» بلغ 1.7 % على مدار السنوات الثلاث الماضية، كما انخفض إلى 0.4 % خلال الاثني عشر شهراً الماضية. ويقارن ذلك بمعدل إجمالي بلغ 1.9 % للبنوك المكسيكية حتى يونيو، وفقاً لبيانات شركة سي إي آي سي.

وتعتبر «فيركور» واحدة من أكثر من 70 شركة في أكثر من 30 دولة حصلت على استثمارات من «أكسيون فنتشر لاب»، وهي أداة استثمارية تركز على التأثير الاجتماعي تديرها مجموعة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة. وقال راهيل رانغوالا، أحد الشريكين الإداريين في «أكسيون فنتشر لاب»: «نرى أن الخدمات المالية وسيلة لتحقيق غاية، ومع تيسير الوصول إلى قرض، هل يعني ذلك أن المزارع سيحقق المزيد من الدخل؟ وهل يعني أن الشركة الصغيرة ستتمكن من تخزين المزيد من السلع، التي تبيعها وإدارة تدفقاتها النقدية بشكل أفضل؟».

وتطبق شركة «أبوللو للزراعة»، ومقرها نيروبي، منطقاً مشابهاً لتوفير الائتمان لنحو 380 ألف مزارع صغير في كينيا وزامبيا، حيث يسجل العملاء عبر وكلاء ميدانيين يقومون بتفقد المزارع وإجراء فحص أساسي للجدارة الائتمانية.

تقدم «أبولو» «كل ما تحتاج إليه لتحقيق النجاح»، كما يقول الرئيس التنفيذي بنجامين نجينغا، بما في ذلك الأسمدة والبذور وتأمين المحاصيل. ومثل «فيركور» توفر «أبولو» للعملاء قسائم يمكن استبدالها بالسلع في المتاجر المحلية، ويتم سداد القرض بعد الحصاد من خلال نظام الدفع عبر الهاتف المحمول، وهو نظام شائع في كينيا، ويزداد استخدامه في أماكن أخرى من أفريقيا.

وتقول أمي باربهو، الشريكة الإدارية الأخرى في مختبر أكسيون فينتشر التي تستثمر أيضاً في «أبولو»: «المهمة هي: نريد أن يحقق المزارعون المزيد من المال»، وتضيف: «ليس الأمر متعلقاً بالمنتج المالي، بل بمعرفة ما يجب تقديمه لتمكينهم من الحصول على محصول ذي إنتاجية أعلى، ما يعني المزيد من المال لهم».

وفي إندونيسيا، يستخدم المصرفي السابق في بنك إتش إس بي سي، فاغار أديودودو، نهجاً مشابهاً لدعم الشركات الصغيرة في قطاع التصنيع، التي تعاني عادة من صعوبة الوصول إلى الائتمان لتمويل رأس المال العامل. «يتعين عليهم شراء المواد الخام نقداً، وعندما يسلمون منتجاتهم للمشترين يتم دائماً دفع ثمنها بالآجل»، كما يقول أديويدودو، مضيفاً: «إنه أمر غريب في هذا العالم أن الشركات الأصغر حجماً تضطر إلى تمويل الشركات الأكبر حجماً». وتقدم شركة أديودودو «بابابوس» للمنتجين الصغار المواد الخام مثل القضبان الفولاذية أو البوليمرات الخام.

عندما يبيع عملاؤها منتجاتهم النهائية تجمع الشركة المدفوعات مباشرة من المشترين من خلال نظام حساب الضمان. ومنذ بدء نشاطها قبل عامين اجتذبت «بابابوس» أكثر من 400 مصنع صغير كعملاء، وتحقق الآن إيرادات شهرية تقارب 1.2 مليون دولار، ووفقاً لأديودودو فإن معدل القروض المتعثرة في شركته حالياً نحو 0.3%، وهو أقل بكثير من المعدل الشائع للقروض المصرفية الإندونيسية للشركات الصغيرة.

وأضاف أن تقديم «بابابوس» للسلع بدلاً من النقد أسهم بشكل كبير في انخفاض معدل التخلف عن السداد. وأشار إلى أن «البنوك تحتاج إلى ضمانات لعدم ارتياحها لمخاطر العملاء، بينما يمكننا من خلال التحكم في سلسلة التوريد التغلب على هذه المشكلة».