Al Bayan

الذكاء الاصطناعي يساعد في التغلب على مواقف صعبة كثيرة وجديدة

إيما جاكوبس
كان عليّ أن أخوض محادثة عمل صعبة، ففعلت ما يفعله كثيرون: أجلتها. رفعت سماعة الهاتف وحددت موعداً نهائياً: بعد إجازتي، ولست وحدي في هذا الأمر، فقد أظهر استطلاع للرأي أن نصف المستطلعين قضوا سبعة أيام أو أكثر في تجنب المحادثات الصعبة.

ويبدو أن ممارستي للتسويف أصبحت وظيفة بدوام جزئي في حد ذاتها، فقد كتبت وأعدت كتابة بريد إلكتروني، أطلب فيه تحديد لقاء شخصي أو مكالمة هاتفية، أو ربما عدم النقاش على الإطلاق، ومع كل مسودة أصبحت كلماتي أكثر تذمراً وعدوانية سلبية.

في الليل كنت أخشى من أن هذه الرسائل التي تراكمت في مجلد المسودات قد ترسل بطريق الخطأ إلى المستلم المعني، رغم أنني تأكدت ثلاث مرات من عدم إدخال عنوان بريده الإلكتروني.

تخيل كم من الفوضى التي قد تسببها هذه الرسائل إذا تم إرسالها عن طريق الخطأ؟ ولما كان من الواضح أنني لم أكن أتقدم بأي شكل، لذلك لجأت إلى أكثر المساعدين الذين لا يحكمون عليّ: «تشات جي بي تي».

كانت المحاولة الأولى فاشلة تماماً، فقد جعلني الذكاء الاصطناعي في إعادة صياغته لبريدي الإلكتروني الغاضب أبدو وكأنني حمقاء ومتفائلة للغاية، ولكن بعد عدة محاولات تمكنا أنا و«مساعدي»، من ضبط النبرة بشكل صحيح، وتفريغ بريدي الإلكتروني من السلبية والقلق، ثم أرسلته وانتظرت بقلق، خلال دقائق، تلقيت رداً إيجابياً، مما أدى في النهاية إلى محادثة رائعة وبناءة.

وترى فاليري موكر، الرئيسة التنفيذية لشركة وينغ وومن المتخصصة في مجال التدريب، أنه من الأفضل اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي عندما تشعر بالإرهاق أو تواجه مفاوضات صعبة. وتقول ببساطة: إن التعامل مع الأشخاص العدائيين «يستنزف طاقتي حقاً»، لذلك بدأت في الآونة الأخيرة اللجوء إلى جيميني التابع لشركة جوجل لكتابة رد على رسالة مزعجة. وكان الأمر ناجحاً، فقد «اعترف بمشاعر الشخص الآخر، ووفر عليّ الكثير من الوقت»، وبالطبع، وكما هي الحال معي يمكن مراجعة النص وتعديله.

وتشير ميريديث بروزارد، الأستاذة في جامعة نيويورك ومؤلفة كتاب «أكثر من مجرد خلل: مواجهة التحيز العرقي والجنساني والقدرة في التكنولوجيا» إلى أن «نبرة الذكاء الاصطناعي تتصف في الأغلب بانها أكثر رسمية واعتدالاً مقارنة بمعظم الأشخاص، لذا إذا استخدمت نصاً مولداً بواسطة الذكاء الاصطناعي دون تحرير جاد، فغالباً لن يتم التعامل معك بجدية».

وقد يتساءل البعض باستغراب أنه كيف يمكن جهاز «غبي»- كما يراه كثيرون- أن يكون أكثر قدرة على التعبير العاطفي مني، بصفتي إنساناً حقيقياً؟ أليست المشاعر هي العامل المميز الذي يمنع سيطرة الروبوتات؟

إن الأمر أكثر تعقيداً بدرجة كبيرة، فقد وجدت دراسة حديثة أن برامج المحادثة الآلية تولد ردوداً ذات «جودة وتعاطف أفضل» على أسئلة المرضى مقارنة بالأطباء. وبالطبع لم تأت الروبوتات بتلك الإجابات من فراغ، بل استندت إلى خبرة الأطباء، ولكن مثل هذه المهارات الاجتماعية تكتسب من خلال الحوار المتدرب عليه.

وكتب أحد الأطباء في صحيفة «نيويورك تايمز» قائلاً: «الحقيقة هي أن النصوص المعدة مسبقاً كانت دائماً جزءاً متكاملاً من نسيج المجتمع، سواء كان الأمر يتعلق بالتحيات، أو الرومانسية أو السياسة، كل جانب من جوانب الحياة له قواعده وأعرافه، والنصوص التي قد تسميها «الآداب» أو «الأعراف»، تعمل على تليين تروس المجتمع».

وتتمحور الادعاءات المتعلقة بإنتاجية الذكاء الاصطناعي حول مقدار الوقت الذي توفره هذه الأدوات للموظفين من خلال تقديم قوالب جاهزة للغة المصقولة والواضحة.

وذكرت شركة الاستشارات «كوجنيزانت» أن تجربة «مايكروسوفت كوبيلوت» قد قللت من الوقت الذي يقضيه الموظفون في كتابة رسائل البريد الإلكتروني بنسبة 10%، لكن ماذا عن كل ذلك الوقت الذي أضعته في التفكير العميق؟ لو كنت لجأت إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي في وقت أبكر، لكنت وفرت الكثير من الوقت الذي أضعته في التفكير في محادثة بسيطة.

في مقال حديث ذكر كال نيوبورت، مؤلف كتاب «العمل العميق»، أن النقاش حول استخدام الكُتّاب للذكاء الاصطناعي التوليدي تركز بشكل كبير على مسألة الانتحال، ورغم أن ذلك يعد مخاطرة كبيرة، إلا أنه أراد التركيز على الفوائد.

عندما تحدث نيوبورت مع أكاديميين وجرب بنفسه اكتشف أن الذكاء الاصطناعي يوفر «نقاط انطلاق: أفكار بحثية مثيرة للاهتمام لاستكشافها؛ فقرات متوسطة الجودة قد تصبح قابلة للاستخدام مع التحرير الكافي».

وخلص نيوبورت إلى القول: «على الرغم من جميع أوجه القصور في هذا النهج غير المباشر، إلا أنه أسهل من التحديق في صفحة فارغة. لقد كان «التحدث» إلى روبوت الدردشة الذكية عن المقال أكثر متعة من العمل في عزلة وصمت». ويضيف: «شات جي بي تي» لا يكتب لك بقدر ما يُهيئ حالة ذهنية تساعدك على إنتاج كتابة أفضل. يعد التسويف والتفكير العميق لعنة في الحياة المكتبية، فلا تتردد في طلب المساعدة.