روبرت أرمسترونغ - أيدن رايتر

نسعى دائماً لتجنب المبالغة في تحليل أي بيانات اقتصادية بمعزل عن غيرها. لكن تقرير الوظائف الأمريكي لشهر أكتوبر، والذي أظهر إضافة 12 ألف وظيفة جديدة فقط، كان مخيباً للآمال بالفعل.

وكما هو معروف، تسببت الأعاصير وإضراب بوينغ في انخفاض الأرقام إلى حد ما (حيث شارك 33 ألف عامل من بوينغ في إضراب شهر سبتمبر، وارتفعت مطالبات البطالة الأولية بمقدار 35 ألفاً خلال الأسبوع الأول من أكتوبر، بالتزامن تقريباً مع إعصار ميلتون).

ومع ذلك، فإن خفض تقديرات الوظائف بمقدار 112 ألف وظيفة على مدى الشهرين الماضيين يجعل من الصعب تجاهل الرسالة السلبية. بالإضافة إلى ذلك، من المؤكد أن يتجه الاحتياطي الفيدرالي لخفض سعر الفائدة، ومن المرجح أن يلتزم المنتقدون لخفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماع الأخير للاحتياطي الفيدرالي الصمت الآن.

عموماً، يضعنا التقرير في موقف لم يكن متوقعاً، حيث إننا أقل تفاؤلاً من وول ستريت نفسها. وقد حملت أغلبية الردود على التقرير نبرة مفادها «لقد توقعنا استمرار التباطؤ.

ولكن ليس هناك الكثير لمناقشته». ووصفت شركة «بيمكو» التقرير بأنه يشير إلى سوق عمل «لا تزال تشهد تباطؤاً لكنها لم تصل مرحلة الانهيار بعد».

بينما ترى شركة «نومورا» أن «أغلبية الهبوط مدفوعة بعوامل مؤقتة من المرجح أن تعود إلى طبيعتها». وذكرت شركة «بلاك روك» من جانبها أن «ثمة اتجاهاً نحو تراجع متواضع في الطلب، وهو ما يبدو في واقع الأمر أقرب إلى العودة إلى المستويات الطبيعية وليس تراجعاً فعلياً في الطلب على العمالة»، وما إلى ذلك.

ومن الجدير بالملاحظة أن معدل البطالة الحالي البالغ 4.1% (بناءً على مسح للأسر، على عكس بيانات الوظائف المستندة إلى مسح للشركات) منخفض للغاية. وبالعودة إلى عام 1948، انخفض المعدل إلى 4.1% أو أقل في حوالي 20% من الوقت فقط.

وكان معظم ذلك خلال فترة الطفرة الاقتصادية التي أعقبت الحرب. وبالعودة إلى 50 عاماً مضت، نجد أن هذا المعدل لا يتجاوز 13% من الوقت، خلال فترات وجيزة في 1999-2000 و2017-2024 (وسواء كانت هذه المستويات المنخفضة الأخيرة تمثل مرحلتين اقتصاديتين مختلفتين أو فترة طويلة عرقلتها الجائحة، فهذه مسألة مثيرة للاهتمام).

وفي تلك المرحلة من الانتعاش الاقتصادي، كانت هناك 3 أشهر مماثلة لشهر أكتوبر، حيث كان نمو الوظائف ضعيفاً أو معدوماً. وقد يتذكر البعض ممن هم في منتصف العمر أن انهيار فقاعة الإنترنت كان وشيكاً في ذلك الوقت.

فهل كانت تلك الأشهر الضعيفة في عام 2000 بمثابة تحذير بأن الاقتصاد لم يكن قوياً كما بدا في الواقع؟ أم كانت مجرد تقلبات طبيعية خلال طفرة انتهت فقط بسبب عوامل خارجية، وتحديداً انهيار وول ستريت؟

وإذا نظرنا إلى ازدهار الوظائف قبل الجائحة، كانت هناك شهور عدة شهدت نمواً بطيئاً للوظائف، ولا سيما يوليو 2018 وفبراير ومايو 2019.

ومن الصعب القول إن تلك الأشهر الضعيفة كانت تشير إلى مشاكل مستقبلية، لأنه لم يكن أحد قد سمع عن كوفيد-10 في ذلك الوقت.

ولكن من المعقول أن نزعم أن عام 2019 كان في مرحلة متأخرة من الدورة الاقتصادية، وأن الأمور كانت ستسوء حتى دون حدوث الجائحة. فقد انعكس مسار منحنى العائد في أغلب العام.

وعموماً، كانت السنوات الخمس الماضية غريبة على المستوى الاقتصادي، كما أن بيانات شهر واحد لا تقدم رؤية كاملة، لكن يبدو أن الجمع بين انخفاض معدل البطالة وضعف نمو الوظائف يضعنا بمراحل متأخرة من الدورة الاقتصادية.

وعندما نضيف أرباح الشركات التي تبدو في ذروتها وارتفاع عجز الإنفاق فإن هذه الانطباعات تزداد قوة. فهل نحن متسرعون في استنتاجاتنا؟

وفي ما يتعلق بأسواق النفط، فمنذ آخر مرة ناقشنا فيها النفط في سبتمبر، قفزت أسعار النفط بسبب المخاوف إزاء اندلاع حرب بالشرق الأوسط في أعقاب التوغل الإسرائيلي في لبنان، والتفاؤل الطفيف بشأن التحفيز المالي من الصين.

ولكن لم يثبت أي من العاملين استمراريته، فقد عادت أسعار خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت للتداول عند 70 دولاراً للبرميل خلال الأسبوعين الماضيين.

ويبدو أن انخفاض أسعار النفط سيستمر، ففي الصين، تتلاشى فرص التعافي الاقتصادي على المدى القريب في ظل تحفظ الحكومة بشأن خطط التحفيز المالي. ورغم أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من تجنب الركود، لكن بيانات الوظائف تشير إلى أن النمو الاقتصادي بطيء.

وبالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، تعد هذه أخباراً جيدة، حيث يساعد انخفاض أسعار النفط على كبح التضخم، في قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأسبوع الماضي كان هناك انخفاض طفيف في التضخم بعد استبعاد أسعار النفط والمواد الغذائية.

لكن هذه الأخبار ليست إيجابية لشركات النفط والمنتجين. وأشارت فاينانشال تايمز إلى أن شركات إكسون موبيل وبي بي وشيفرون سجلت نتائج ربع سنوية ضعيفة بسبب انخفاض أسعار النفط. كما انخفضت توقعات وول ستريت للربع القادم أكثر خلال الأسبوع الماضي.

والعامل المهم الذي يمكن أن يغير الوضع هو الحرب في الشرق الأوسط. فقد ارتفعت أسعار النفط يوم الجمعة بعد أن هددت إيران بتصعيد الانتقام رداً على الضربات الإسرائيلية.

وفي السابق، كنا نعتقد أن الانتخابات الأمريكية لن تلعب دوراً كبيراً في أسعار النفط، لكننا بحاجة إلى تعديل هذا الرأي. وفي حين أن نتائج الانتخابات الأمريكية قد لا تؤثر في الطلب، فإن موقف الإدارة القادمة لمنع حدوث نزاع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط قد يكون حاسماً لأسعار النفط خلال الأشهر المقبلة.