لن يتساوى شعور صانعي السيارات بالألم و«فولكس فاجن» المنهكة فهي الأكثر تأثراً
في معظم القطاعات، قد يكون مطب واحد كافياً لهبوط الأسهم. وصناعة السيارات الأوروبية، على أية حال، في خضم عدد متزايد من الهزات، بما في ذلك فائض الإنتاج، وتباطؤ الطلب المحلي، وتعثر مبيعات السيارات الكهربائية، والمنافسة الشرسة من الشركات الصينية، وانخفاض الأرباح. فوق كل هذا، فإنها تواجه أيضاً احتمالية اضطرارها إلى دفع غرامات بمليارات اليورو لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وحجم الغرامات المحتملة يصيبك بالدوار.
ويلزم الاتحاد الأوروبي شركات السيارات بخفض متوسط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 15 في المئة بحلول 2025. ويقاس ذلك بالغرام لكل كيلومتر، وبالنسبة للصناعة كلها، فهذا يعني الوصول إلى هدف 95 غراماً لكل كيلومتر.
لكن المشكلة تكمن في أن هذا أقل كثيراً من متوسط انبعاثات السيارة المباعة في أوروبا حالياً، التي تتسبب الواحدة منها في انبعاثات قدرها 107 غرامات لكل كيلومتر في عام 2023، بحسب المجلس العالمي للنقل النظيف. وبموجب هذه الأرقام، يواجه صانعو السيارات في الاتحاد الأوروبي متوسطاً إضافياً للانبعاثات قدره 12 غراماً لكل كيلومتر، من نحو 11 مليون مركبة تبيعها، لتبلغ القيمة الإجمالية للغرامات 12.5 مليار يورو عند احتساب غرامة قدرها 95 يورو على كل سيارة.
وتعد هذه غرامات قاسية، في ضوء انخفاض ربحية صانعي السيارات في الاتحاد الأوروبي. ويتوقع هارالد هيندريكسي، الباحث في مجال السيارات لدى «سيتي جروب»، انخفاض إجمالي الأرباح التشغيلية لصانعي السيارات بالاتحاد الأوروبي من قرابة 90 مليار يورو في العام المالي الماضي إلى نحو 60 مليار يورو هذا العام. ولن يكون شعور صانعي السيارات بالألم متساوياً، ويعتقد المحللون أن «فولكس فاجن» المنهكة ستكون الأكثر تأثراً.
وقد تتغير هذه المبالغ بحلول العام المقبل، وقد يزيد تباطؤ الطلب على المركبات الكهربائية تفاقم الوضع، لكن قد يتمكن صانعو السيارات من تعويض هذا من خلال تعديل خطوط مبيعاتهم، لإقصاء المركبات الأكثر تلويثاً وإطلاق طرز أحدث وأرخص من المركبات الكهربائية. والمأزق هنا هو الاختيار من أمرين أحلاهما مر، إما تلقي ضربة لهوامش الأرباح، أو غرامات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ويأمل بعض صانعي السيارات، وربما بعض الساسة، في إقناع الجهات التنظيمية بتخفيف الضربة.
وأياً كانت الحسابات، فهذا الأمر يشكل تهديداً كبيراً لصانعي السيارات أنفسهم وللقارة التي تعتمد عليهم في الحفاظ على التوظيف والاستثمار بقطاع السيارات الكهربائية، الذي تتمتع فيه الشركات الأمريكية والصينية بالفعل بالصدارة.
ويجب على صانعي السيارات تحمل نصيبهم من المسؤولية عن هذا الوضع، فقد كان بإمكانهم فعل المزيد لإنتاج سيارات كهربائية أفضل وأرخص، وإدارة التكاليف لحماية هوامش الأرباح. رغم ذلك، فمن الصعب تحقيق المستهدف في جانب العرض عندما لا تكون مصحوبة بحوافز لتعزيز الطلب، فالمستهلكون ليسوا راغبين في شراء منتجات صديقة للمناخ على أساس الجدارة البيئية فحسب. إذن، يقع عبء اللوم على الجميع، لكن هذا لن يمثل عزاء كبيراً للمستثمرين في هذا القطاع المضطرب.