إيان سميث

يشير ارتفاع أحد مقاييس سوق السندات، الذي يحظى بالمراقبة عن كثب، إلى تزايد ضغوط الأسعار في الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل ترقب الأسواق لسياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، التي يرى البعض أنها ستؤدي إلى تعزيز التضخم.

وقد ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية المرتبطة بالتضخم، والتي تعد مؤشراً على توقعات المستثمرين بشأن التضخم، بشكل مطرد في الأسابيع الأخيرة، مدفوعة ببيانات اقتصادية تشير إلى ضغوط أسعار أكثر ثباتاً من المتوقع، بالإضافة إلى تزايد احتمالات فوز ترامب بالانتخابات.

وارتفعت معدلات التعادل لأجل عامين، وهي الفرق بين عوائد سندات الخزانة الأمريكية وعوائد السندات المرتبطة بالتضخم، والتي تظهر متوسط معدل التضخم المطلوب بحيث يقدمان العائد ذاته، بمقدار نقطة مئوية واحدة منذ سبتمبر الماضي إلى 2.6 %. وتصاعد المعدل، مع بدء تحسب الأسواق على نطاق واسع لرئاسة ترامب، ثم قفز في أعقاب فوزه الساحق الأسبوع الماضي. وأخذ المتداولون في الرهان على أن خطط ترامب بشأن التعريفات الجمركية والتخفيضات الضريبية ستؤدي إلى ما وصفه محللو «باركليز» بأنه «مزيج تضخمي» لأكبر اقتصاد في العالم.

وقال مارك داودينغ، كبير مسؤولي الاستثمار لدى «آر بي سي بلوباي أسيت مانجمنت»: «الأمر لن يكون مجرد ارتفاع قصير الأمد للتضخم بسبب سياسات ترامب فحسب، بل سيكون الأمر أكثر هيكلية وطويل الأمد». كما حذرت «بيمكو»، عملاقة السندات، من تداعيات السياسات «الإنعاشية للنشاط الاقتصادي».

ومع ذلك، شكك مستثمرون آخرون فيما إذا كانت توقعات السوق بشأن التضخم مبالغ فيها، خصوصاً ما إذا كان خطابه أثناء الحملة الانتخابية بشأن التعريفات الجمركية والضرائب مخالفاً لما سيفعله بعد تولي زمام الأمور.

من جانبه، أشار جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يوم الخميس، إلى أنه ليس قلقاً بعد بشأن التغير الذي طرأ على توقعات التضخم، قائلاً: إنها متماشية إلى حد كبير مع مستهدف التضخم البالغ 2 %.

ويشار أيضاً إلى ارتفاع معدلات التعادل في المملكة المتحدة، مع إعادة المستثمرين التكيف مع التداعيات التضخمية المحتملة جراء الموازنة الأولى لحزب العمال. وارتفعت معدلات التعادل لأجل عامين، التي عادة ما تكون أعلى من نظيراتها في الولايات المتحدة هيكلياً لأنها تعكس مقياساً أقدم للتضخم، من 2.9 % منتصف شهر سبتمبر الماضي إلى 3.1 %، وتشهد ازدياداً أكبر لتوقعات التضخم الأطول أجلاً.

سيعمل المستثمرون حالياً على تقييم ما إن كان تأثير سياسات الحكومات في الولايات المتحدة وبريطانيا على التضخم كافياً بحيث يفضي إلى انحراف المصارف المركزية بصورة بالغة عن مساراتها نحو تيسير السياسات النقدية.

ولفت مارك داودينغ من «آر بي سي» إلى أن العوامل التي تسهم في ارتفاع التضخم، من بينها ازدياد تكاليف التوظيف في الموازنة، قد تكون «عائقاً أمام مصرف إنجلترا في سبيل مواصلته خفض أسعار الفائدة»، بعد تقليصه إياها بواقع ربع نقطة مئوية الأسبوع الماضي.

وصرح أندرو بيلي، محافظ مصرف إنجلترا، الخميس، بأن المركزي سيتبنى «نهجاً تدريجياً» في تخفيضاته المستقبلية للفائدة، مع ترقبه لما ستؤول إليه ضغوط الأسعار. وسلط محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية، الضوء على «أخطار صعودية على أسعار البضائع والسلع جراء ازدياد التشرذم التجاري»، دون أن تأتي اللجنة على أي ذكر لدونالد ترامب.