سمية كينز

مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تتوزع اتصالاتي التجارية الآن بين معسكرين: هؤلاء الذين يعبّرون عن سعادة سراً بالعودة إلى مكانتهم مرة أخرى، وأولئك الذين سئموا بالفعل من «خبراء التجارة» القادمين الذين تتمثل مؤهلاتهم الرئيسة في أنهم قرأوا ذات مرة بعضاً من أعمال ديفيد ريكاردو، الاقتصادي السياسي البريطاني الذي يعدّ واحداً من أكثر الاقتصاديين الكلاسيكيين تأثيراً.

أما بالنسبة لهؤلاء الجدد بما يكفي لعدم الوقوع في أي من المجموعتين، فإليكم دليل قصير للسنوات المقبلة:

الجزء الأول مخصص للمديرين التنفيذيين الذين يشعرون بالخوف من التعريفات الجمركية. المهمة الأولى بالنسبة لهم هي إدخال أكبر قدر ممكن من السلع والمنتجات إلى البلاد قبل سقوط الفأس. وخلال فترة ولاية دونالد ترامب الأولى، لم يتمكن العديد من المستوردين من القيام بذلك، ربما لأنهم ظنوا أن الرئيس سيغير رأيه، أو خوفاً من تكاليف تخزين البضائع لأشهر عدة. هذه المرة، كن مبدعاً.

وفي الوقت نفسه، وللأسف الشديد ستكونون مطالبين بأن تضعوا أنفسكم تحت رحمة البيروقراطيين الذين يديرون عملية الإعفاءات والاستثناءات الجمركية شديدة الغموض، وربما يمكنكم أيضاً ممارسة تمارين التنفس أو استنشاق بعض الخزامى لتهدئة أعصابكم، حيث إن فرص نجاحكم منخفضة جداً، لكن مع أهمية تذكر أنه في المرة الماضية، استبعدت إدارة ترامب حوالي 4 % فقط من الواردات من الصين التي كان من المفترض أن تشملها الرسوم الجمركية.

ولا شك أن جماعات الضغط التي تتخذ من واشنطن مقراً لها سوف تصطف لمحاولة تقديم المساعدة.

لكن من المحرج للغاية أن الدليل على أنهم قادرون على ذلك غير واضح. وقد وجدت إحدى الدراسات ذات الصلة أن الشركات التي توظف جماعات الضغط كانت أقل احتمالاً للحصول على الموافقات اللازمة على الإعفاءات من التعريفة الجمركية على الصلب. ووجدت ورقة عمل أخرى أن الشركات التي قدمت مساهمات في الحملات الانتخابية للجمهوريين شهدت نجاحاً أكبر. فإذا كان لديكم آلة الزمن في متناول أيديكم، فقوموا بتشغيلها.

تتضمن التكتيكات الأخرى نقل إنتاجكم إلى أمريكا، وهو خيار لم يخطر ببالكم من قبل بالتأكيد. أو يمكنكم إعادة التفاوض على العقود مع الموردين لديكم لجعلهم يتحملون بعض التكلفة، على الرغم من أن المساهمين قد لا يقدرون ذلك إذا كانوا جزءاً من الشركة نفسها. (فنحو نصف واردات أمريكا من حيث القيمة تتدفق بين أطراف مترابطة). أو يمكنكم الاعتماد على تحركات أسعار الصرف المعروفة بأنها موثوقة للتحول لصالحكم.

الجزء الثاني من هذا الدليل مخصص للحكومات. يجب عليكم إقناع الرئيس ترامب بأن حبه للصفقات يجب أن يفوق حبه للتعريفات الجمركية. ويمكن للمكسيكيين والكنديين، على سبيل المثال، أن يعيدوا صياغة اتفاقهم التجاري مع أمريكا (مرة أخرى). أما بالنسبة للمفوضية الأوروبية فيجب أن تبدأ في التفكير في شراء السلع الأمريكية.

وإذا كنت لا ترغب في إنفاق الأموال على السلع التي لا تريدها حقاً، فيمكنك أن تعرض شراء أشياء كان من الممكن شراؤها على أي حال. الأسلحة يمكن أن تعمل جيداً في هذا السياق، أو الغاز الطبيعي المسال. أو كمصدر إلهام، من المهم الانتباه إلى أن أهم 10 فئات من الواردات الأسرع نمواً إلى أمريكا بين عامي 2022 و2023 شملت منتجات الرصاص وقطع غيار الطائرات والمركبات الفضائية والأشياء المصنوعة من القش.

وللأسف، وبعد كل ذلك، يمكن أن تفشل دائماً في المضي قدماً، مثلما فعلت الصين بعد الموافقة على «صفقة المرحلة الأولى» مع ترامب في بداية عام 2020، وسوف يتعين عليك حينها أن تفكر في أعذار مثل: لقد أصيب الصينيون بالوباء، أو أن هناك غزواً أجنبياً.

وهناك إغراءات أخرى يمكن تقديمها تشمل فرض قيود على التجارة والاستثمار مع الصين، مع الحذر من الإغراءات التي ستأتي مع أي ذكر لـ«التعددية» و«العمل مع الحلفاء». وكن على علم بأن الصينيين أكثر من قادرين على الانتقام من جانبهم.

وإذا فشل ذلك أيضاً، يمكن أن تلجأ إلى التهديدات. لذلك، يعمل المسؤولون الأوروبيون بالفعل على إعداد قائمة من المنتجات التي يمكن التغلب عليها بالتعريفات الانتقامية، في حين يجب على المزارعين الأمريكيين أن ينتبهوا إلى جفاف الطلب من الصين – التي تعد أكبر مشتر لهم. أو ربما تراقب السلطات شركة تسلا، التي يقودها صديق ترامب إيلون ماسك، فهناك سوق رائعة للسيارات الكهربائية، ومن العار أن يحدث لها شيء ما.

عموماً، ينبغي أن يكون نشر أي تهديدات بحذر كبير، فتجربة ولاية ترامب الأولى أظهرت أن الانتقام أدى إلى التصعيد، وعلى الرغم من أن الرسوم الجمركية الانتقامية كلفت الكثير من الوظائف الأمريكية في المرة الماضية، إلا أنها لم تؤثر بشكل ملحوظ على دعم ترامب في انتخابات عام 2020.

يبقى هناك خيار ثالث، حيث من الممكن أن تحاول الحكومات استرضاء أمثال روبرت لايتهايزر، الذي يرى العجز التجاري الضخم في أمريكا دليلاً على أن «أمريكا هي الضحية»، والفوائض التجارية لدى بلدان أخرى دليلاً على «العدوان على أمريكا». ومن الممكن أن تفكر الدول المنتمية إلى الفئة الأخيرة مثل (ألمانيا والصين) في إدخال إصلاحات اقتصادية جذرية، مثل التدخل في أسواق العملة لتعزيز عملاتها نسبة إلى الدولار، أو إلغاء إعانات الدعم وتحفيز الاستهلاك. أمر سهل. أليس كذلك؟!