أوليفر بارنز

تعيش شركة إيلي ليلي أوقاتاً جيدة للغاية حالياً، حيث يبدو أن شهية «وول ستريت» التي لا تشبع لأسهم أدوية فقدان الوزن، تضع الشركة على عتبة أن تصبح أول شركة أدوية في العالم، تصل قيمتها السوقية إلى تريليون دولار.

من الغريب أنه في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، اقتربت أسعار أسهم «إيلي ليلي» من أدنى مستوياتها على الإطلاق، مع انتهاء صلاحية براءات اختراع أدويتها الرائجة لعلاج الأمراض النفسية، وأهمها «بروزاك» و«زيبريكسا» و«سيمبالتا».

ويتذكر الرئيس التنفيذي، ديفيد ريكس، الذي أمضى 25 عاماً في الشركة، أن عمليات الاندماج كانت تجتاح الصناعة في ذلك الوقت، وكانت «إيلي ليلي» مهددة بأن تصبح جزءاً من كيان أكبر، لكن عجلة الحظ بدأت تدور منذ ذلك الحين.

وباتت المشكلة الرئيسة التي تواجه الشركة الآن، هي إطلاق خطوط إنتاج بسرعة كافية لتلبية الطلب على أدويتها الرائدة لعلاج مرض السكري وفقدان الوزن، «مونغارو» و«زيباوند»، والتي تنتمي إلى فئة جديدة من الأدوية المعروفة باسم «جي إل بي - 1 إس».

واستثمرت الشركة 20 مليار دولار في مرافق التصنيع على مدار السنوات الأربع الماضية، وأعلنت الأربعاء إنفاق 4.5 مليارات دولار إضافية لبناء منشأة إنتاج للأدوية، التي تخضع للتجارب السريرية في ولايتها الأم إنديانا.

ويُعد عدد المرضى المحتملين من بين الأكبر في تاريخ أي دواء، حيث يوجد أكثر من 100 مليون بالغ في الولايات المتحدة وحدها، يعانون من السمنة، ويرتفع العدد إلى نحو مليار شخص حول العالم.

ومع توفر أقوى علاج لفقدان الوزن، وخط إنتاج يضم 11 علاجاً تجريبياً، بما في ذلك ما يُتوقع أن يكون أول حبة «جي إل بي-1» صغيرة الحجم معتمدة، من المتوقع أن تكون شركة إيلي ليلي، الفائز الأكبر في سوق يُقدر أن ينمو ليصل حجمه إلى 130 مليار دولار سنوياً، في ذروة المبيعات، بحلول نهاية العقد.

لكن ديفيد ريكس أبعد ما يكون عن الشعور بالرضا، لذلك، يقضي الكثير من وقته في العمل على تعزيز القدرة التصنيعية للتفوق على منافسته شركة «نوفو نورديسك». في الوقت نفسه، تحارب شركة إيلي ليلي بقوة المنافسة القادمة من الأدوية المقلدة لفقدان الوزن، ومن مطوري الأدوية الآخرين، الذين يدخلون هذا المجال المربح، كما تواجه ضغوطاً متزايدة من السياسيين والمرضى، بشأن أسعار علاجاتها.

كما بدأ المستثمرون يشعرون بالقلق إزاء التقييم المرتفع للشركة، الذي بلغ 842 مليار دولار، عند إغلاق السوق الاثنين الماضي، أو ما يعادل 54 ضعفاً للأرباح المتوقعة خلال الـ 12 شهراً المقبلة، وهو مستوى لم تصل إليه الصناعة من قبل.

وتأمل الشركة في مواصلة تعزيز مكانتها بين أكبر 10 شركات قيمة في الولايات المتحدة، من خلال البقاء في المقدمة أمام منافسيها. وذلك يعني ضخ الكثير من عائداتها الاستثنائية في البحث والتطوير للتحضير للفترة التي ستصل فيها أدوية إنقاص الوزن الخاصة بها إلى ما يُعرف بـ «منحدر براءات الاختراع»، حيث يبدأ عندها وصول المنافسة من الأدوية الجنيسة، وذلك في منتصف العقد الثالث من القرن الحالي. وهكذا، فإن المهمة طويلة الأجل للشركة، ليست فقط تحقيق المزيد من النجاح، بل أيضاً تجنب العودة إلى الأوقات العصيبة، من خلال استمالة ولاء العملاء.

وفي عام 2018، رفضت شركة الأدوية السويسرية «روش»، حقوق ترخيص حبوب واعدة من نوع «جي إل بي - 1»، لعلاج مرض السكري من النوع الثاني من شركتها الشقيقة «تشوغاي»، لكن المنافسة التي تمتد لأكثر من قرن، عادت إلى الظهور مجدداً. وتفوقت شركة إيلي ليلي على منافستها الدنماركية «نوفو نورديسك»، في الحصول على حقوق الدواء التجريبي، بعد حرب مزايدة قصيرة، حيث دفعت 50 مليون دولار فقط كدفعة أولى، وفقاً لمصدرين مطلعين على المناقشات.

لكن الحبة المعروفة الآن باسم «أورفورغليبرون»، والتي من المتوقع أن تكون أول حبة صغيرة جزيئية مضادة للسمنة، إذا تم إطلاقها كما هو مخطط في عام 2026، هي إحدى الجبهات التي يبدو أن «إيلي ليلي» تتفوق فيها على شركة نوفو نورديسك، لتحقيق الهيمنة في سوق أدوية إنقاص الوزن.

وفي عام 1923، كانت شركة «إيلي ليلي» أول من أطلق منتجاً تجارياً للأنسولين لعلاج مرض السكري، الذي كان يعتبر حتى ذلك الحين بمثابة حكم بالإعدام، أما شركة «نوفو»، التي كانت حينها شركة مستقلة قبل اندماجها مع «نورديسك»، فقد طورت نسخة تدوم لفترة أطول من الأنسولين، وأول قلم للأنسولين.

في عام 1982، أطلقت «إيلي ليلي» أول نسخة صناعية قابلة للإنتاج بكميات كبيرة من الأنسولين البشري، ثم في عام 2005، طورت «إيلي ليلي» أول دواء من نوع «جي إل بي - 1»، وكان عبارة عن حقنة تؤخذ مرتين يومياً. لكن «نوفو نورديسك» أحدثت ثورة في السوق، عندما أطلقت دواء «أوزيمبيك» في الولايات المتحدة في عام 2017.

وهذا العام، من المتوقع أن يحقق عقارا «مونغارو» و«زبباوند»، اللذان يعتمدان على المادة الفعالة «تيرزيباتيد»، مبيعات تصل إلى 18.8 مليار دولار، وفقاً لتقديرات المحللين، ما يقترب من إيرادات «نوفو نورديسك» المتوقعة البالغة 27 مليار دولار، من مبيعات عقاري «أوزيمبيك» و«ويغوفي»، رغم أن أدوية «إيلي ليلي» توفرت منذ فترة زمنية أقصر في الأسواق.

ويتوقع المحللون تجاوز مبيعات أدوية «جي إل بي - 1» لشركة «إيلي ليلي»، نظيرتها من «نوفو نورديسك»، بحلول عام 2027. وإذا تم إطلاق دواء «أورفورغليبرون» في عام 2026، كما هو مخطط له، فستستمتع «إيلي ليلي» باحتكار لمدة عامين في سوق حبوب إنقاص الوزن، قبل أن تلحق بها الشركات المنافسة.

وفي الوقت نفسه، تعمل الشركة أيضاً على تطوير عقار آخر يُدعى «ريتراتوتايد»، وهو علاج يُنشط ثلاثة ببتيدات معوية مختلفة، وقد أظهرت التجارب السريرية المتوسطة، أنه يحقق انخفاضاً بنسبة 24 % في كتلة الجسم، وهو تأثير أكثر قوة من أي علاج آخر موجود حالياً.

تسعى شركة «إيلي ليلي» أيضاً، إلى إثبات الفوائد الإضافية لمادة «تيرزيباتيد» في معالجة التأثيرات الجانبية للسمنة، مثل انقطاع النفس أثناء النوم، ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الكلى المزمنة، ما سيساعد في تسهيل الحصول على تغطية تأمينية أوسع. وبرنامج «ميديكير» للرعاية الصحية المدعوم من الدولة، والذي يشمل من تزيد أعمارهم على 65 عاماً، يغطي أدوية فقدان الوزن فقط، عندما يعاني المريض من مرض مصاحب آخر.

وبالإضافة إلى منافستها التقليدية، تواجه «إيلي ليلي» أيضاً منافسة من شركات أخرى. فمن المتوقع أن يتم إطلاق ما يصل إلى 16 دواءً جديداً للسمنة بحلول نهاية العقد، بما في ذلك أدوية من شركات «أسترازينيكا» و«فايزر» و«أمجين»، وفقاً لتقرير«بيتش بوك». لكن الأهم من ذلك، تركز «إيلي ليلي» على محاربة مجموعة من أدوية إنقاص الوزن المقلدة، حيث تسمح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية للصيدليات المتخصصة في تركيب الأدوية، بإعادة إنتاج الأدوية المسجلة تجارياً، عندما يكون هناك نقص في السوق، وقد غمرت هذه المنتجات السوق بشكل ملحوظ.

مع تزايد عدد المنافسين الذين يلاحقون شركة «إيلي ليلي»، وتراجع ميزتها الرئيسة، يرى المستثمرون علامات تحذيرية، تشير إلى أن تقييم الشركة ربما اقترب من ذروته. وإذا كانت «إيلي ليلي» تريد فعلاً الهروب من دورة الازدهار، ثم الانهيار في صناعة الأدوية، فسيتعين على فريق البحث والتطوير الخاص بها، العمل على اكتشاف الدواء الذي سيحدد الحقبة المقبلة. وتأمل الشركة أن تكون هذه الفرص كامنة في البيانات الواقعية الناتجة عن طرح أدويتها المكافحة للسمنة.

وتشير العلامات المبكرة إلى أن مئات الآلاف من المرضى الذين وصف لهم «تيرزيباتيد» بدؤوا يلاحظون تأثيرات أخرى مفاجئة من العلاج، مثل تقليل أعراض القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى تحكم أفضل في السلوكيات القهرية، مثل التدخين والشرب. وقد بدأت «إيلي ليلي» بالفعل في استخدام هذه العلاجات ضد أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الصدفي، بالاشتراك مع أدوية أخرى.

وتدرس الشركة أيضاً إدراج الأشخاص الذين لا يعانون من زيادة الوزن، لكنهم معرضون لخطر اكتساب الوزن، في التجارب المستقبلية لأقراص التخسيس والعلاجات الأخرى، ما يشير إلى أنها بدأت بالفعل في البحث عن طرق لتوسيع نطاق سوق أدوية إنقاص الوزن.

ومع ذلك، فإن السؤال الأكبر الذي يواجه الشركة، هو ما ستفعله بالأرباح غير المسبوقة الناتجة عن أدوية التخسيس. يتوقع المحللون أن تولد الشركة ما يقرب من 187 مليار دولار من التدفقات النقدية الحرة من الآن وحتى عام 2030، وهو مبلغ تستطيع «إيلي ليلي» استخدامه بأي طريقة تراها مناسبة.

وعندما أطلقت شركة «ميرك» دواء العلاج المناعي للسرطان «كيترودا» عام 2014، كان هناك سعي حثيث لإطلاق نسخة «إيلي ليلي» الخاصة من هذه الفئة من الأدوية المعروفة بمثبطات النقطة المناعية.

ومن المتوقع أن تفوت العديد من شركات الأدوية المنافسة الموجة التالية من الابتكار، أثناء محاولتها إيجاد طريق لدخول سوق السمنة. وفي هذه الأثناء، ستحظى «إيلي ليلي» بفرصة للعمل على ابتكارها الكبير القادم: الآن، وبعد أن تمت الموافقة على دوائها «كيسونلا» لعلاج مرض الألزهايمر في مراحله المبكرة في الولايات المتحدة، تعمل الشركة على استخدامه كعلاج وقائي ضد هذا المرض الدماغي غير القابل للشفاء.

بالنسبة لشركة إيلي ليلي، فإن التحدي الأبرز الذي تواجهه الآن، يتمثل في أن تثبت للمستثمرين أن بقية أعمالها يمكن أن تكون جذابة بنفس قدر عقاقير «جي إل بي-1» الرائجة. لكن الاحتمالات ليست في صالحها، فاكتشاف أدوية تحظى بشعبية كبيرة، مثل «ليبيتور» لعلاج الكوليسترول، و«هوميرا» لأمراض المناعة الذاتية، و«كيترودا» لعلاج السرطان، وأدوية «جي إل بي - 1» الحالية «يحدث نادراً، وعادةً لا يتكرر مع نفس الشركة مرتين على التوالي».