روبرت أرمستروغ - إيدن ريتر

ارتفعت أسهم «ديزني» بنسبة 25% خلال الشهرين الماضيين، في حين لم تكن هناك تغيرات على أسهم الشركة على مدى الأعوام التسعة الماضية. لكن هاتين الحقيقتين تسلطان الضوء على التحول الكبير الذي تشهده الشركة حالياً.

وبخلاف الانتعاشة التي عاشتها الشركة خلال فترة الإغلاق المرتبطة بالجائحة، فإن «ديزني» شهدت خلال العقد الماضي أو نحو ذلك اختباراً قاسياً لتصور أن «المحتوى هو الملك».

ولا يشك أحد في جودة المحتوى الذي تقدمه «ديزني»، فرغم التقلبات التي تعتريه، وتعدد الإخفاقات، يظل محتوى «ديزني» هو أفضل الموجود. لكن المستثمرين في «ديزني» توصلوا إلى ما توصل إليه المستثمرون في الصحف قبل نحو عقد، ففي حين يُعد «المحتوى هو الملك»، لكن التوزيع يمثل «وزير الخزانة».

وانتقلت الأفلام قبل 10 أعوام بسلاسة من دور العرض إلى متاجر الفيديو، ومنها إلى تلفزيون الكابل، ثم إلى التلفزيون الشبكي، فيما ظلت شبكة «إي إس بي إن» محط الأنظار في عالم الرياضة الأمريكية.

وقد قلص توزيع الفيديو من خلال الإنترنت بكلا نشاطي الأعمال، ولكن بطرق مختلفة. وتشهد السوق عودة ما أخيراً. ففقد حققت قنوات «ديزني» للبث عبر الإنترنت مكاسب في الربع السنوي الأخير، حسب ما كشف عنه تقرير الأرباح الصادر الأسبوع الماضي.

كما أنتج استوديو الأفلام فيلمين ناجحين، ويضاف على ذلك أرباح «ديزني بلس»، و«هولو»، و«إي إس بي إن بلس». وحددت الشركة أهدافاً مفصلة لمختلف وحداتها على مدى العامين الماليين المقبلين.

وحددت أهدافاً لنمو الأرباح على مستوى الشركة للأعوام المالية الثلاثة المقبلة. ويشير ذلك إلى أن «ديزني» تمكنت من الاستفادة من ثورة التوزيع. ومع ذلك، لم تستعد «ديزني» كامل مجدها بعد.

وتنبئ أهداف «ديزني» الجديدة بالتحسن المطرد لربحية أعمال البث عبر الإنترنت. كما تشي الأهداف بأن أعمال المتنزهات والسفن السياحية، التي تتلقى استثمارات سخية، تنمو هي أيضاً باطراد. ومعاً، يعوض نمو الاثنان الخسائر المستمرة لأعمال تلفزيون الكابل والتلفزيون الشبكي. أما بالنسبة لأعمال استوديو الأفلام، فتظل على حالها.

وإجمالاً، تعد الشركة في طور نمو مطرد، وتفرض على السوق معايير عالية لدخول المنافسة معها، ويكمن السر وراء ذلك في علاماتها التجارية، لذلك، تستحق أن تتداول أسهمها بسعر أعلى.

ويجري تداول أسهم «ديزني» حالياً بـ 24 ضعفاً للتدفقات النقدية الحرة، أو بعائد نقدي حر يبلغ نحو 4%. ولا يعد ذلك رخيصاً بالمقارنة بالأسهم الأخرى بصفة عامة، لأن سعر السهم يحتسب الكثير من آفاق النمو على المدى القريب التي تعد بها الشركة.

لكن سعر سهم الشركة يبقى رخيصاً للغاية مقارنة بغريمتها «نتفليكس» في عالم البث عبر الإنترنت، التي تتمتع بعائد نقدي حر يبلغ 2%. وكنت أشرت فيما سبق إلى أن تقييم «ديزني» ليس جذاباً، لكني بدأت تغيير رأيي.

ومع ذلك، من المهم في هذا السياق الإشارة إلى 5 مخاطر، ثلاثة منها طفيفة. أول هذه المخاطر هو عدم وضوح سرعة انحسار نشاط التلفزيون التقليدي الذي يشكل 22% من أرباح العام المنتهي للتو.

وثاني المخاطر يتمثل في عدم وضوح توقيت استعادة الاستثمارات الكبيرة التي ضختها الشركة في المتنزهات والسفن السياحية. أما الثالث، فيكمن في احتمالية ألا تستمر النجاحات الحالية لاستوديو الأفلام.

وفي حين أن هذه المخاطر الثلاثة قد تسفر عن تباين كبير في الأرباح على مدى الأعوام القليلة المقبلة، لكنها لا تؤدي إلى طرح أي تساؤلات وجودية. والسبب في ذلك أن أعمال السفن السياحية والمتنزهات مستقرة، ومن المقرر أن تواصل أعمال التلفزيون التقليدي انحسارها في نهاية المطاف، أما أعمال استوديو الأفلام فهي تتسم بالتقلب.

وبالنسبة للمخاطر البارزة. فأولها، أن الديناميكيات التنافسية في أعمال البث عبر الإنترنت ما زالت في تغير مستمر. وبسؤالهم عن السبب وراء ثقتهم في إمكانية نمو أرباح البث عبر الإنترنت، أشار مسؤولو «ديزني» التنفيذيون إلى نمو أعداد المشتركين، وازدياد الأسعار، وانحسار معدلات فقدان المشتركين. ولا يعد أي من ذلك محسوماً مسبقاً.

أما الثاني، فهو إعادة إطلاق «ديزني» لمنصة «إي إس بي إن» للبث عبر الإنترنت في العام المقبل، وليس من الأكيد بعد مدى إمكانية نجاح البث الحي للأحداث الرياضية (مع الوضع في الاعتبار ميزات الرهان) بعيداً عن تلفزيون الكابل والتلفزيون الشبكي.

وقد أنفقت «ديزني» أموالاً طائلة للاستحواذ على حقوق بث الأحداث الرياضية، لكن توزيعها عن طريق البث الحي يحتاج إلى تحقيق المرجو منه.