رحل ليل أول من أمس الشاعر الإماراتي المخضرم علي بن رحمه الشامسي عن عمر ناهز الـ 97 عاماً.وقد ووري جثمانه الثرى صباح أمس في الشارقة، بموكب مهيب يليق بمكانته الشعرية والاجتماعية.

وقد كان الشاعر الراحل من أبرز الأسماء الشعرية على الساحة المحلية والخليجية، فقد عاصر عدة أجيال شعرية، وساهم في تطوير القصيدة النبطية مقدماً لها وحاضناً تجاربها الشابة، دافعاً بها إلى الأمام لتكون صدى طيباً لوجدان أبناء المنطقة وخير معبر عن أحوالهم عامة.

رحل علي بن رحمة الشامسي تاركاً فراغاً كبيراً في الساحة الشعرية، فقد كان واحداً من أبرز الشعراء إلى جانب الراحلين راشد الخضر وطناف، وحمد بوشهاب، وغيرهم من الشعراء المؤسسين الكبار.

وقد كان لرحيله أثر مؤسف في وجدان عدد من شعراء الإمارات الذين اقتربوا منه شعرياً وإنسانياً ولامسوا بعضاً من مواقفه الإيجابية في أكثر من موضوع.

يقول الشاعر محمد بن مسعود ان الراحل كان يتمتع بسمعة جيدة، أخلاق كريمة ونفس عالية، فقد كان محباً مخلصاً في الوفاء خاصة للشعراء من أجيال مختلفة،

فقد ساهم في سبعينات القرن الماضي عبر إذاعة صوت الساحل التي كانت تبث من الشارقة في تسليط الضوء على الشعر الشعبي، ومن خلال برنامجه «في أحضان البادية» قدم نماذج مضيئة من الشعراء الذين يستحقون التقدير والاحترام.

كما كان من مؤسسي مجلس الشعر الشعبي إلى جانب سالم الجمري وحمد بوشهاب وطناف.ويذكر الشاعر سيف السعدي ان علي بن رحمة الشامسي كان مميزاً بشعره فهو يتمتع بعفوية وسلاسة وشعره ليس فيه أي تكلف، ناهيك عن الشفافية والصدق وهاتان خصلتان تعكسان طبيعة حياته اللطيفة، فهو لم يغتب أحداً طيلة حياته، وكان كريماً مضيافاً، محباً للخير ويتمناه للجميع.

ويضيف سيف السعدي، ان الراحل انتهج تقليداً سنوياً يدعو من خلاله الشعراء إلى مأدبة في منزله بالشارقة حيث يلتقي هناك عدداً كبيراً من الشعراء الشعبيين الذين يتمتعون بالحضور الجيد شعرياً واجتماعياً، يتداولون شؤون الشعر وقضاياه،

كما كان بورحمه سباقاً إلى تذويب ما ينشأ من سوء فهم بين الشعراء ويعمل على إصلاح ذات البين بطريقة أخوية عفوية يتقبلها الجميع، وأيضاً كانت تمثل لنا تلك الجلسات مرجعاً وجدانياً حيث نجد فيها الروح الأخوية التي تنم عن حب أصيل وسمو نفس وعفة قلب تناسب من كان مبدعاً بقامة علي بورحمة الشامسي.

ويضيف السعدي ان لشعره قيمة فنية جيدة فقد كان شاعراً عاطفياً قدمت قصائده بأصوات مجموعة مطربين أبرزهم ميحد حمد ومحمد البلوشي. ولن أنسى ما حييت ان الراحلين علي بن رحمة الشامسي وحمد بوشهاب قد قدما لي الكثير واعتبرهما معلمين اضاءا لي الدرب.

ويختتم سيف حديثه قائلاً: ان الراحل علي بن رحمة الشامسي قد كرم قبل عشر سنوات من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وقد لمسنا خلال التكريم ان للشاعر منزلة جيدة لدى سموه.

الشاعر سعود الدوسري قال ان علاقتي مع علي بن رحمة الشامسي تشبه علاقة الأب بإبنه فهو مهتم بجيل الشباب، ولم نجد فارقاً في العمر فهو يتمتع بروح شابة، وكانت له مواقف ايجابية كبيرة فهو موجه لنا، وكان دائم السؤال عنا في مجلسه الصيفي في الشارقة، وقد تأثرت برحيله لقد افتقدت شخصاً عزيزاً وكبيراً في مكانته.

ويضيف الدوسري ان بورحمة شاعر مخضرم عاصر عدة أجيال ولكن من يطلع على ديوان «غناتي» يجد فيه مواكبة لحركة الحداثة لروح الشباب في القصيدة النبطية المعاصرة.

كما كانت له مواقف إنسانية أبرزها عندما يلتقي بشاعر لا يعرفه يبادر الى الحديث معه حتى يكسر حاجز الرهبة بين شاعر معروف وآخر غير مشهور، وهذه واحدة من خصال كنا نعرفها عنه جميعاً وهي تدل على طيبة روحه وتواضع سلوكه مع الجميع.

حسين درويش